لم يجل بخاطر عائلة الشهيد "باسل أحمد" من سكان مخيم البريج وسط قطاع غزة أن يمضي قطار العمر به سريعاً ويبقى شريط الذكريات حياً يجول في خاطرهم، فهو الذي امتاز بينهم بالمرح والبسمة التي لا تفارق شفاه، والكرم وصلة الرحم ورضا الوالدين. وفي آخر يوم لـ"باسل" على هذه الأرض، وبالتحديد يوم الجمعة 22-6-2012 ، قام الشهيد بدعوة شقيقاته السبعة لتناول طعام الغذاء في بيته، وكأنه يعلم أنها الوليمة الأخيرة التي ستجمعه بهم، قبل أن يجتمعوا وحدهم على وليمة استشهاده لكن دون مشاركته. وكعادته خرج باسل رحمه الله على دراجته النارية مصطحباً شقيقه يوسف إلى عمله بالشرطة الخاصة قرب مستشفى "شهداء الأقصى" بمدينة دير البلح، ثم عاد ليتناول طعام الغذاء مع ذويه وشقيقاته السبعة اللاتي ما فتئ يلقي بنظراته عليهم، ويغرق البيت بابتسامته التي ما فارقت شفاه البتة. وبعد تناول طعام الغداء وتبادل الضحكات والابتسامات بين أهل البيت المكلوم وابنهم الشهيد، جاء اتصال لباسل على جواله الشخصي، فخرج مسرعا مودعا حيث رفاقه في لجان المقاومة الشعبية. وما هي إلا ساعات مرت على ذويه كلحظات، لم تغادر أي من شقيقاته بيت أهلها إلا وبخبر يفيد بارتقاء شهيد وإصابتين بقصف قوات الاحتلال مجموعة من المقاومين شرق مخيم البريج. ونظرا لطبيعة عمل الشرطة الخاصة في أوضاع التصعيد وارتقاء الشهداء، خرج شقيق باسل يوسف برفقة قوة من الشرطة الخاصة إلى حيث ثلاجات الموتى بمستشفى شهداء الأقصى، للحد من الازدحام ، ولتسهيل عمل الطواقم الطبية. لكن يوسف لم يكن يعلم أن الشهيد الذي بداخل الثلاجة هو شقيقه، ومع اقترابه من ثلاجة الموتى لتنظيم المواطنين، صعق بباسل مزجى بدمائه شهيداً، فكان المشهد أليماً صعباً عليه كما هو الحال على أمه وزوجته وأبنائه الاثنين وشقيقاته التي لم تشبع من الجلوس معه والحديث إليه، والأنس بقربه. باسل وبحسب شقيقه يوسف تمنّى الشهادة منذ الصغر، وحرص على الظفر بها منذ القدم، فتعاهد مع رفاقه على الشهادة ، فسبقه كثير منهم "الشهيد أحمد أبو طاحون" ، ومنهم من ينتظر ، لأنها حكاية الكفاح الفلسطيني منذ بداية الصراع مع المحتل الزائل.