دروس قاسية تلك التي مرت بها بلدية نابلس، جراء أزمة المياه الخانقة وغير المسبوفة التي مرت بها المدينة الصيف الفائت.
تلك الحالة دفعت بالمجلس البلدي لدراسة كل الخيارات الممكنة لإنهاء الأزمة بشكل كلي، ومنع تكرارها مستقبلا، حتى تم الاهتداء لمشروع استراتيجي للمياه، يحمل اسم "شريان الحياة"، سيعمل على توفيرها لثماني سنوات قادمة، عبر مد خط ناقل من منطقة "الباذان" شمالا، يمكن المدينة من الاستفادة من مياه الآبار الزراعية في سهل سميط، في الأغوار.
يقول رئيس بلدية نابلس المهندس عدلي يعيش إن "البلدية تعول كثيًرا على المشروع الاستراتيجي المذكور لوضع حل نهائي أزمة المياه، كونها تفيض عن حاجة المزارعين في السهل نظرا لاعتمادهم على الزراعات الشتوية، الأمر الذي يتيح إمكانية الاستفادة منها لتخفيف أزمة المياه".
ويتابع "ما يعيق الاستفادة منها صعوبة نقلها باستخدام خط الباذان القديم، الذي يبلغ قطره 12 إنشًا، فيما يحتاج المشروع الجديد إلى خط بقطر 16 إنشاً، ما يعني أننا بحاجة لنحو 10 ملايين شيكل لإنجازه".
وفي حديثه مع "فلسطين الآن" أشار يعيش إلى أن نسبة الديون المتراكمة على المواطنين إثر تأخرهم بدفع فواتير المياه تبلغ حوالي 200 مليون شيكل، "ولو توفر 10% فقط من هذه الأموال لأنجزنا المشروع فورا"، ويستدرك "نعاني من أزمة مالية في البلدية، لكننا ومع هذا ماضون في خطتنا، وسيكون الخط الناقل جاهزًا للعمل قبل صيف العام القادم".
وعلى الصعيد الاستراتيجي أيضًا، بدأت البلدية بعمل دراسات لحفر بئر جديد لزيادة مواردها من المياه، وبدأت بعمل حفرة تجريبية لهذا الغرض.
ويشدد يعيش على أن مشكلة المياه في نابلس تراكمية، فهي تحتاج لمصدر جديد للمياه كل خمس سنوات.
أسباب الأزمة
وتعتمد نابلس على مصدرين للمياه، هما الينابيع والآبار الجوفية، وانعكس تراجع نسبة الأمطار في الموسم الأخير التي بلغت 65% من معدلها السنوي، على غزارة الينابيع، أما الآبار الجوفية، فإن زيادة الاعتماد عليها أثر على إنتاجها.
موجات الحر الشديد التي ضربت المنطقة منذ أواخر يونيو الماضي، أدت لزيادة استهلاك المياه، وبذلك تأثر مخزون المياه في البيوت، وزادت الفترة التي تحتاجها كل منطقة للتزود بالمياه، وهو ما أطال فترة انتظار المناطق التالية على جدول التوزيع اليومي.
وبسبب طبيعة نابلس الجبلية، لا يمكن وقف الضخ عن منطقة قبل وصول المياه إلى آخر بيت فيها، ونتج عن ذلك خلل في عدالة التوزيع لصالح المناطق المنخفضة على حساب المناطق المرتفعة.
وكان من بين أسباب الأزمة الاتفاقية التبادلية بين البلدية وسلطة المياه، حيث تزود البلدية 21 تجمعًا سكانيًا بالمياه ضمن تلك الاتفاقية، في المقابل لا تزود سلطة المياه بلدية نابلس بكمية المياه البديلة.
خفض الفاقد
وكانت البلدية قد بدأت عام 2008 بتنفيذ مشاريع خفض الفاقد من المياه، وشملت بناء سبعة خزانات، وتغيير 137 كيلو متر من خطوط المياه.
وحديثًا استأنفت البلدية مشاريع خفض الفاقد، وطرحت العطاء التاسع منها بتمويل من الحكومة الألمانية، بقيمة إجمالية تبلغ 1.5 مليون يورو.
ويتضمن هذا العطاء 3 مراحل، ويهدف بشكل أساسي إلى تطوير وتحسين نظام المياه في المدينة، وتحقيق المزيد من عدالة التوزيع.