أياماً طويلةً انقضت وتحولت إلى شهورٍ مريرةٍ دون أن تتحول قرارات القضاء إلى إجراءاتٍ وتنفيذات ولا أحد يعرف السبب وراء ذلك ومن المسؤول عن إعاقة قرارات القضاء الفلسطيني ، حيث تحتفظ عائلات عددٍ من المعتقلين في سجون الأجهزة الأمنية الفلسطينية بقرارات ووثائق عدليةٍ من أعلى سلطات قضائية في الضفة الغربية تثبت براءتهم وتلزم الجهات التي تعتقلهم بالإفراج عنهم. المعتقل "محمد حسين أبو حديد" من مدينة الخليل "28 عاماً" والتي تصفه عائلته بأنه معتقل سياسي اعتقل من قبل جهاز الأمن الوقائي بتاريخ 2/9/2010، أثناء توجهه مع والدته "بسمة" لأداء صلاة العشاء والتراويح، وقد أمضى محمد في بداية اعتقاله 40 يوماً في زنازين سجن الخليل، نقل بعدها إلى سجن أريحا ورغم حصوله على عدة قرارات بالإفراج عنه إلا أنه ما زال معتقلاً حتى اللحظة. [title]زفاف معلق لعامين[/title] استقبلتنا " أم إياد " والدة المعتقل محمد حسين أبو حديد في مدينة الخليل والدموع تعلو وجهها حزناً على فراق نجلها وهي التي كانت تنتظر إتمام زفافه بعد أن أنهت كافة التجهيزات لذلك ووزعت بطاقات عرسه إلا أن اعتقال الأجهزة لنجلها حال دون إتمام الفرحة وعلق عرسه. لتبقى والدته وخطيبته " رناد " على أملٍ بالإفراج عنه وإتمام عرسه خاصة بعد أن أصدرت المحاكم الفلسطينية قراراً بالإفراج عنه .. ولكن تأجل العرس لما يقارب العامين ولم يتم الإفراج عن محمد .. فما الذي حدث؟! [title]مسوداتٌ وأحكام[/title] عرضت أمامنا "أم إياد أبو حديد" أوراقاً عديدة تم استصدارها على مدار عامٍ ونصف قائلةً :"لا أدري كيف يتم اعتقال ابني رغم حصوله على عدة قرارات بالإفراج عنه، فهل الأجهزة الأمنية لا تخضع للمحاكم أم أننا لا نعيش بدولة القانون". وتحتفظ أم إياد بملف وثائق تجمع فيه ما صدر بحق ابنها الأسير محمد من أحكامٍ وقرارات تطالب الأجهزة الأمنية الإفراج عنه لكن دون جدوى. [img=http://im20.gulfup.com/2012-06-27/1340807616441.jpg]والدة المعتقل بانتظار الافراج عنه[/img] أول لوائح الإفراج عن محمد صدرت عن محكمة العدل العليا بتاريخ 7112010 دون أن يلقى قرار أعلى سلطةٍ قضائيةٍ فلسطينيةٍ أدنى حظٍ من التنفيذ. إحدى مسودات الأحكام وقعها رئيس المحكمة العسكرية الدائمة بالجنوب بمعية قاضيين من المحكمة بتاريخ 852011، تقضي بالحكم الجماعي على محمد أبو أبو حديد واثنين من زملائه المعتقلين وهما محمد الأطرش وعثمان القواسمي من تهمة "الانتماء لميليشياتٍ خارجةٍ عن القانون" كما ورد بالنص في لائحة مسودة القرار. وفي البند الثاني من مسودة اللائحة ورد حكمٌ بالسجن الفعلي لثمانية أشهرٍ بحق المعتقلين الثلاثة دون توضيح طبيعة التهمة الموجبة للاعتقال نصاً وتم الاكتفاء بذكر بند القانون الذي يحمل المخالفة، على أن تحسب مدة توقيفهم منذ تاريخ 392010 من فترة الحكم، أي أن الإفراج عنهم كان من المفترض أن يتم بحسبةٍ سلسةٍ بتاريخ 352011. [img=http://im20.gulfup.com/2012-06-27/1340807616653.jpg]المحكمة تدعو للافراج عنه[/img] [title]محاكمةٌ جديدةٌ[/title] انقضى موعد الإفراج المفترض عن الأسرى الثلاثة دون أن يطلق سراح أيٍ منهم، وعادت المحكمة ذاتها "المحكمة العسكرية الدائمة بالجنوب" لفتح ملفهم من جديد وأصدرت حكمها بتاريخ 2172011 الذي جدد براءة ثلاثتهم من تهمة "الانتماء لميليشياتٍ خارجةٍ عن القانون"، لكنه رفع مدة المحكومية من 8 شهورٍ إلى عامٍ يحتسب فيه كامل المدة التي قضاها الثلاثة رهن الاعتقال أي أن موعد الإفراج عنهم حسب اللائحة الجديدة صار بتاريخ 392011. وتحمل والدة أبو حديد نسخةً مصدقةً عن الوثيقة الجديدة ليس فيها جديد عن المسودة سابقتها غير 4 شهورٍ من الاعتقال وإقرارٌ عدلي بأن المعتقلين الثلاثة الذين تبت في مصيرهم محكمةٌ عسكريةٌ هم من المدنيين. [img=http://im20.gulfup.com/2012-06-27/1340807616892.jpg]ضع تعليق الصورة هنا[/img] [title]رسالة إلى السفارة المصرية[/title] مرت الشهور بحلوها ومرها ولم تترك عائلات الأسرى السياسيين باباً لإنهاء محنتهم إلا وقرعته دون أن يلوح في الأفق أي انفراجٍ في قضية الاعتقال، وما ينطبق على المعتقل أبو حديد ينطبق على باقي عائلات الأسرى الذين يترقبون عودة أبنائهم إليهم، دون أن يعودوا. وتُبرِز عائلات المعتقلين من بين الوثائق الكثيرة التي تحملها وثيقةً بخط اليد مؤرخةٌ في 23112011 وهي رسالة موجهةٌ للسفير المصري تشرح معاناة نجله محمد وتكشف عن قرارات المحاكم الفلسطينية بالإفراج عنه التي لم تجد لليوم حظها من التنفيذ. [img=http://im20.gulfup.com/2012-06-27/1340807616934.jpg]رسالة العائلة لسفير المصري[/img] [title]الإضراب عن الطعام [/title] خلال إعداد التقرير أبلغتنا العائلة أن نجلها قرر الإضراب عن الطعام مع عددٍ من زملائه الحاصلين على قرارات بالإفراج بعد أن استنفذوا جميع الحلول للإفراج عنهم، وقال شقيق المعتقل أبو حديد :" لم يكن أمام المعتقلين سوى إعلان الإضراب عن الطعام للمطالبة بإطلاق سراحهم بعد أن فشلت كل الوسائل في إنهاء قضيتهم، ووقفت قرارات القضاء والمحاكم عاجزة أمام سطوة الأجهزة التنفيذية التي جمدت السلطة القضائية وضربت بها عرض الحائط". وأضاف شقيق المعتقل أبو حديد :" رغم أن المصالحة الفلسطينية قررت الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ، إلا أن الأجهزة الأمنية ترفض ذلك وتصر على وضع قرارات المحاكم في أدراج مكاتبها غير آبهة بالقضاء الفلسطيني". بقي المعتقل أبو حديد خلف قضبان الحديد ما يقارب العامين بينها 9 شهورٍ بعد انتهاء الحكم الثاني، دون أن يعلم أحدٌ على وجه التحديد كيف تسوغ أجهزة السلطة استمرار الاعتقال ؟!