تترقب أسواق الطاقة اجتماع منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في فيينا الأربعاء، ومعها بعض المنتجين من خارجها، لبحث أوضاع السوق، وربما اتخاذ قرار بشأن تمديد اتفاق خفض الإنتاج حتى نهاية العام الماضي.
وكان آخر اجتماع دوري في مايو الماضي قد انتهى دون مفاجآت، لكن توقعات الأسواق باستمرار خفض الانتاج جعل الأسعار ترتفع لتصل في الأسابيع الأخيرة إلى ما فوق 60 دولارا للبرميل.
ويعود تماسك الاتفاق بين المنتجين من أوبك ومن خارجها إلى التفاهم بين السعودية (أكبر منتجي أوبك) وروسيا (أكبر المنتجين من خارج أوبك)، والذي ضمن التزاما بسحب نحو 1.8 مليون برميل يوميا من السوق كي يعتدل ميزان العرض والطلب.
ومنذ انهيار أسعار النفط في يونيو 2014، ووصول سعر البرميل إلى ما دون 40 دولارا للبرميل، بعدما كان قد تجاوز 110 دولارات للبرميل، عاني السوق من وفرة العرض مقابل جمود، أو تراجع الطلب.
وأدى اتفاق خفض الإنتاج إلى ضبط السوق وتعافي الأسعار، لتصل إلى مستوى الخمسين دولار وتتجاوز الستين دولارا للبرميل مؤخرا.
المخزونات
يكاد يجمع المحللون والمتعاملون في سوق النفط على أن ما ساهم في ضبط معادلة العرض والطلب هو سحب الدول الصناعية الكبرى المستهلكة للطاقة من مخزوناتها التجارية التي كانت امتلأت بأقصى طاقة تخزين، في فترة هبوط الأسعار نحو 30 دولارا للبرميل.
يذكر أن فترة الأعاصير في الولايات المتحدة، وبعض الأعطال والمشاكل الجيوسياسية كان لها دور كبير في السحب من المخزونات، وليس فقط ضبط العرض بخفض انتاج أوبك وشركائها.
لكن يظل العامل الأساسي في ضبط الأسعار، برأي كثير من المعلقين الاقتصاديين، هو التزام أوبك وروسيا تحديدا بخفض الانتاج.
وفي حال استمرار الاتفاق وضبط العرض، سيكون على الدول المستهلكة أن تعيد ملء حاويات المخزون ما يحافظ على الطلب قويا نسبيا ويضبط السوق.
السعودية وروسيا
وينتظر السوق بالتحديد استمرار تفاهم السعودية وروسيا، على الخفض ما بعد مارس، حين ينتهي الاتفاق الحالي.
ومع أن روسيا تريد الحفاظ على علاقتها بالسعودية جيدة، حتى لأسباب جيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، في مقدمتها تسوية الأزمة السورية، إلا أن القيادة الروسية تتعرض لضغوط من شركات الطاقة كي لا تلتزم مدة أطول بخفض الانتاج.
ومع أن ارتفاع الأسعار يفيد الاقتصاد الروسي، إلا أن الاقتصاديين في موسكو يرون خطرا في ارتفاع سعر صرف الروبل الروسي، إذا استمرت أسعار النفط مرتفعة.
ويجمع الاقتصاديون الرسميون الروس على أن الروبل منخفض القيمة ضروري لاستمرار تحسن الأرقام الكلية، خاصة وهناك انتخابات عامة في البلاد العام المقبل.
إذ أن الروبل المنخفض يزيد الصادرات، بجعل السلع والخدمات الروسية أكثر تنافسية ويقلل من الواردات ما يعني ضبط الميزان التجاري للبلاد.
مخاوف
ومع حقيقة أن الاتفاق السعودي – الروسي هو اتفاق مصالح أكثر منه شركة استراتيجية، ووجود أطراف أخرى في أوبك وخارجها تعمل على الاستفادة من زيادة الأسعار بضخ المزيد من النفط في السوق، تتحسب الأسواق لاحتمال عدم حسم استمرار الاتفاق ما قد يضغط على الأسعار نزولا.
ورغم أن بعض شركات النفط الصخري، خاصة في الولايات المتحدة، عادت للإنتاج مع ارتفاع الأسعار نحو 50 دولارا للبرميل، إلا أن الأسواق تتأثر أكثر بأي مشكل انتاج منها بعودة النفط الصخري جزئيا.
وتظل مشاكل الانتاج في دول مثل ليبيا ونيجيريا، وإلى حد ما العراق، أكثر تأثيرا في السوق وتساعد في تقليل العرض مع اتفاق خفض الانتاج.
إلا أن العبء الأكبر يظل على السعودية وروسيا لضمان استمرار المنحى الحالي للأسعار وتوازن العرض والطلب في سوق النفط.