أكثر من عشرين فتاة أو سيدات صغيرات يتجمعن بين الفينة والأُخرى لمناقشة الأساليب الجديدة والعلية في تربية الأطفال، لكنهم ليسوا وحدهم، فمن بين المقاعد تخرج أصوات المناغاة، أطفالهن بجانبهن، في لقاء رسمي، أطلقت عليه المًنظمة آلاء سامي اسم "معجزة".
هن فتيات سار بهم القدر نحو الزواج والإنجاب سريعاً، فقررن أن تكون فترة التربية والإنشاء فترة لخلق علاقات جديدة مع مثيلاتهن من الفتيات، للمضي بمسيرة تربية أبنائهن دون ملل، والأهم أن يتبادلن الأسئلة حول شكل الحياة الجديدة مع أطفالهن، واللاتي اعتبرنه شريكاً حبيباً في الحياة، ولكنه غريب بلا شك.
الحاجة إلى اللقاء
سمي التجمع باسم معجزة، والاسم يعود تقديرا للهدية التي وهبها الله لهن، مؤكدات بأنهن يحملن مسؤولية أغلى مخلوق على الأرض، كما اعتبرنه بيئة خصبة للبحث في منطقة لا يمكن لغيرِهُنَ البحث فيها، لا يُنكرن أنهن تعلقن بأطفالهن منذ الركلة الأولى، وبعضهن منذ اللحظة الأولى التي عرفن فيها نتيجة الفحص المخبري، ولكنهن يؤكدن بأن الكثير من الأسئلة تدور في خاطرهن، ويفضلن أن تكون الإجابة مبنية على أساس علمي لا مجاملة من صديق، أو معلومة قد تكون خاطئة عن جدة أو أم.
"الهدف من المبادرة أن نجمع الآباء والأُمهات الجديدات، وطبعا عندما نقول أم جديدة في فلسطين نحن نتحدث عن معدل عمري يتراوح بين 18- 24 بالغالب، ونظراً لنقص التعليم التربوي في المدارس وهو أمرٌ غير مفترض، بل هو أمر لامسناه نحن بمجرد انتقالنا من بيوت آبائنا، نواجه العديد من المشاكل مع أبنائنا، والعلم أجاب عن الكثير من الأسئلة،،، النتيجة أننا نتجمع بين الفينة والأخرى مع مختصين من مختلف المجالات، ويبدأ الحوار"، تقول منسقة المبادرة.
وتضيف سامي:" لم يكن من السهل إيجاد المختصين، والمعاناة الأكبر كانت معرفة ما هو التخصص الذي يلزم هؤلاء الأمهات، فنحن أصحاب المبادرة اضطررنا أن نبحث بالكتب كثيراً، وعبر الشبكة العنكبوتية لمعرفة المجالات التي قد تستفيد منها هؤلاء الأمهات، ومن ثم بدأ البحث، و المفاجأة كانت عدم إيجاد متخصصين نفسيين وتربويين في هذه الشؤون".
نقص في الثقافة المدرسية
وعلى الرغم من وجود محاولات التربية والتعليم الفلسطينية من زرع هذه المجالات في المناهج، إلا أن النتيجة لم تكن مرضية بحسب الأمهات المُجتمعات، مجالات متعددة مثل التربية المنزلية تُطرح في المدارس وفي المراحل الثانوية إلا أنها لا تلقى نفس الاهتمام الذي تلقاه المجالات الأُخرى.
"لا بد لنا من التوجه إلى العلم، نحاول جميعنا كأمهات أن نتأكد بأن أسلوبنا ناجح، مثلا البكاء، نحن نتعامل معهم بردود الأفعال الخائفة من الإحراج، أو بما تمليه علينا أمهاتنا وجداتنا،،، مع كل الاحترام طبعا، في مثل هذه المواقف تدربنا على سيكولوجية معينة يتم فيها التعامل مع الطفل بحيث نتمكن من تقديم أطفال أسوياء للمجتمع"، تقول إحدى المشاركات إباء أبو طه.
واعتمدت المنسقات على الحوار مع الإخصائيين النفسيين بأساليب متطورة وغير معتادة، مثل الدراما، والتي تبادلت الأُمهات فيها أفكارهن من خلال ما يتعرضن له من مواقف مع أبنائهن بالتمثيل، فاختلطت الأجواء بين المزاح والجد، وظهرت علامات الصدمة على كثير من الأُمهات اللاتي أدركن وسائل بسيطة وسهلة للتعامل مع قضية معينة عانين فيها مع أبنائهن، كالبكاء المفاجئ والعناد، وعدم القدرة على السيطرة على ساعات النوم والاستيقاظ.
مشاركة الآباء
لم تخلُ القاعة من وجود الآباء الجُدد أيضا، لم يكن العدد كبيرا منهم، ولكن من أتى تغلب على فكرة التربية الصحيحة من الأُم فقط، وطلب التواجد في الملتقى ليمارس دوره الطبيعي مع أبنائه، وللإجابة عن الكثير من الاسئلة المُختلف على إجاباتها مع الزوجة، والأكثر مع الوالدة والحماة.
"أنا كنت متيقن بأن ليس كل ما يقال من أمي ووالدة زوجتي صحيح، وإن كان يصح في بعض الأوقات، إلا أن عقليات الأطفال وشخصياتهم تختلف، بحسب ما رأينا واقع التربية يمكن أن يقوم على أُسس علمية، وتتبعه بخطوات تدريجية، مضمونة النتائج"، يقول أحد الآباء المشاركين علي خاطر.
ويضيف خاطر:" حضور مثل هذه التجمعات يؤكد على فكرتي بأن مشاركة الأب في ظل احتمالية عمل الزوجة، ووجود وقت فائض لدى الآباء يُعززُ العلاقة بين الابن والأب، كما انه يساهم بشكل كبير في رفع العبء عن الأم، واعطائها مساحة وهذا هو الأهم أن تطلع على ما هو جديد في مجال التربية، للوصول إلى أفضل ما يمكن في مجال تربية الأبناء".
يجتمع القائمات والمشاركون في مبادرة معجزة عدة مرات سنويا، ويأملن بأن يكن قادرين على الإجابة عن الأسئلة الكثيرة والمتجددة، وكان اللافت مشاركة الأعداد الكبيرة والغير متوقعة عند بداية الدعوة غلى المبادرة، كما بدأوا بتغيير النشاطات كاصطحاب الأطفال في كدورة في الشارع لتكون فرصة اللقاء أسهل وأكثر تنوعا، ويتم الدعوة إلى هذه النشاطات من خلال صفحة التواصل الاجتماعي التي تكبر يوماً بعد يوم.