منذ اعلان "ترامب" المشئوم بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وفلسطين تغلي.
فقد اشتغلت عشرات المواقع في الضفة الغربية وقطاع غزة نارا تحت أقدام الاحتلال، ردا على القرار الأمريكي، ورفضا للتنازل عن القدس العاصمة الأبدية لفلسطين.
وحتى إعداد هذا التقرير، كان 4 شهداء قد ارتقوا، فيما أصيب أكثر من 1795 مواطنا، توزعت كالآتي: 121 اصابة بالرصاص الحي، 346 اصابة بالرصاص المطاط، 1239 اصابة بالغاز، 43 اصابة بالضرب، 37 اصابة بقنابل الغاز، 9 اصابات جراء القصف.
وهنا، يطرح سؤال كبير حول المطلوب لإنجاح هذا الحراك واستثماره بالشكل المطلوب.
المحللون السياسيون يرون أن الظرف الحالي يجبر الفرقاء الفلسطينيين على التوافق على استراتيجيات نضالية جديدة، بعد فشل الرهان على التسوية والراعي الأمريكي.
الكاتب سامر عنبتاوي يقول "ما جرى يؤكد تماما صوابية ما كنّا نذهب إليه من أن المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي مضيعة للوقت، ولن تجني السلطة من خلالها أي ثمار.. بل كنّا نقول دوما أن هذه اللقاءات ما دامت برعاية أمريكية، فهذا يعني أننا نواجه عدوين وليس عدوا واحدا".
وأضاف في حديثه مع "فلسطين الآن" أن "ما جاء على لسان الرئيس ترامب لا يدع مجالا للشك أن الرهان على المفاوضات قد سقط، وسقطت القناعة التي تغلغلت لدى البعض، وتبناها المستفيدون، التي أقرت وتمسكت بما يسمى عملية سلام ضمن مفاوضات مباشرة ترعاها أمريكا".
وحدة حقيقية
ويرى عنبتاوي أن الحل الوحيد لمواجهة هذا الصلف الأمريكي الإسرائيلي، في ظل صمت دولي وتخاذل عربي رسمي، لا يمكن إلا بتحقيق الوحدة الوطنية الشاملة فورا عبر مجلس وطني موحد يعيد صياغة المشروع الوطني، وبناء القيادة الموحدة، وتجاوز المفاوضات العقيمة، والإعلان رسميا عن وفاة أوسلو وما تبعها.
وتابع: "بل قد نذهب غلى أبعد من هذا، بإنشاء جبهة إنقاذ وطني والعودة للمقاومة الشعبية الشاملة للاحتلال والتصدي لمؤامرة القرن والتهويد والاستيطان ومشاريع الاحتلال"، مشيرا إلى "ضرورة إعادة بناء التحالفات على المستوى الإقليمي والدولي في مواجهة أمريكا وأتباعها أيًّا كانت قوميتهم، وبناء التحالفات على أساس رفض ومقاومة السياسة الأمريكية الإسرائيلية".
إلغاء أوسلو
دعوة القيادة الفلسطينية لإلغاء اتفاق أوسلو، واتخاذ مواقف جريئة ترتقى إلى مستوى الحدث، خرجت أيضا على لسان قيادات في حركة فتح، ومنهم عضو المجلس الثوري عبد الاله الاتيرة، الذي أكد أن اتفاق أوسلو، قد انتهى منذ سنوات طويلة، منذ أن حاصرت دبابات الجيش الإسرائيلي الرئيس ياسر عرفات في مقر المقاطعة برام الله عام 2002، واعادت احتلال الضفة الغربية.
وأضاف في حديثه مع "فلسطين الآن" قائلا: "على القيادة أن تستغل حالة الغضب الشعبي الجارفة، والتي يسارك بها كل مكونات الشعب وفي مقدمتهم حركة فتح.. على الرئيس أن يستغل كل صوت يعلو هنا أو هناك.. في فلسطين او في العالم أجمع، ليضغط على المجتمع الدولي ليرفض الاعلان الأمريكي ويقف إلى جانب قضيتنا الحرة".
فشل السلطة
وفي مقال له، أكد القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، زاهر الششتري، أن قرار أمريكا بحاجة لموقف فلسطيني سريع يتناسب وحجم الجريمة.. علينا كفلسطينيينَ القيام بواجبنا من خلال برنامج متكامل للرد على الخطوة الأمريكية، بالإعلان عن القدس عاصمة الكيان ونقل السفارة إليها؛ بقطع كل الاتصالات مع الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها دولة الاحتلال، والانفكاك من كل الاتفاقيات مع الاحتلال، وخصوصا التنسيق الأمني.
ويشير الششتري إلى أن السلطة الفلسطينية لم تفلح في استثمار الانتفاضات السابقة، والهبات الجماهيرية والشعبية، بل لعبت دورا في إخماد جذوتها، ما خلق حالة انفصام بينها وبين الشارع الثائر.
وتابع "ها قد حانت الفرصة لردم الصدع بين القيادة والشارع.. على الرئيس وحركة فتح وكل القوى الحية أن تستمع لما يقوله الشارع وأن تستجيب لدعواته.. فهو الأصدق وهو الذي يدرك خطوة ما يجري، وهو المستعد أيضا لتحمل الكلفة الباهظة مهما بلغت، وهذا ليس بالأمر الغريب عليه".