21.84°القدس
21.31°رام الله
19.97°الخليل
24.05°غزة
21.84° القدس
رام الله21.31°
الخليل19.97°
غزة24.05°
الأربعاء 26 يونيو 2024
4.74جنيه إسترليني
5.27دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.01يورو
3.74دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.74
دينار أردني5.27
جنيه مصري0.08
يورو4.01
دولار أمريكي3.74

المعايير تختلف بين الآباء والأبناء

خبر: تحكم الآباء بتخصصات أبناءهم يُنّغص معيشتهم

"حائر بين ضغوط أهلي ومستقبلي، فهم يريدونني طبيبًا وأنا لا أفضل ذلك"، بهذه الكلمات رسم طالب الثانوية العامة المتفوق "عماد الحسن"، صورة عن مستقبل غامض لكثير من أمثاله، ضائع بين رغبتهم كأبناء وتسلط الآباء. ويجد "الحسن" غضاضة في تحكم الأهل في مستقبل أبنائهم، مع اتفاقه أنهم يتمنون لهم الأفضل دائماً، لكن كثيراً ما تختلف المعايير بين الآباء والأبناء بالنسبة للمستقبل الأفضل. ويشير إلى أن "ما يراه الآباء أفضل الخيارات الدراسية أو المهنية قد يرفضه الأبناء لأنه ببساطة لا يتناسب مع استعداداتهم وميولهم ورغباتهم وقدراتهم أيضاً". ويفسر الحسن لفلسطين الآن توجه أهله لدراسته الطب كون "الاختصاصات كالطب والهندسة تحظى بالتقدير الأكبر في مجتمعنا، لأنه يهتم كثيراً بالمظاهر ويعتبر هذه الاختصاصات ذات مركز اجتماعي مرموق لكونها تتطلب معدلات عالية بالعلامات، وهذا يشير إلى أن الذين يدرسون هذه الفروع يمتلكون قدرات عقلية وفكرية كبيرة تستحق الوقوف عندها". ويحترم الحسن وجهة نظر أهله هذه، لكنه يؤكد "أنا من يتعب ويقرأ ويسهر وبالتالي المستقبل لي، وقد أفشل إذا ما انصعت لرغبات أهلي بدراسة تخصص لا أرغبه". وحال "الحسن"، كحال كثير من الطلاب، يشتكون من ضغوط يتعرضون لها لدراسة تخصص جامعي لا يتفق ورغباتهم، ويقول "بلال الأحمد" إن والده خيره بين دراسة الهندسة أو الجلوس في منزله مهددا بعدم دفع رسوم دراسته لأي تخصص آخر". وأوضح الأحمد أنه يفضل دراسة تخصص يتعلق بتقنيات الحاسوب والإنترنت و التكنولوجيا في ظل الطفرة التي يشهدها العالم في هذا المجال. ويرى بعض الآباء أنهم الأقدر على رسم مستقبل أبنائهم، ومبرراتهم في ذلك، أن الأبناء لا يعرفون مصلحتهم، وهم أكثر خبرة منهم في الحياة، ويستطيعون التقييم الصحيح لنوعية الاختصاص الذي يفرض على الأبناء الاجتهاد والمثابرة كي يحظوا بدراسته. ويقول والد الحسن "لا يمكننا كآباء أن نترك أولادنا يرسمون مستقبلهم وحدهم دون مساعدتنا وتوجيهاتنا، وخاصة في المرحلة العمرية الحرجة، أي ما قبل سن الثامنة عشرة". ويضيف "الأبناء في هذه المرحلة، غير قادرين على اتخاذ القرار السليم فيما يتعلق بمستقبلهم، ويتأثرون بسهولة بآراء رفاقهم والمحيطين بهم، وقد تكون هذه الآراء خاطئة وسلبية، فتدفعهم لترك الدراسة واختيار سبل غير سوية للعيش أو سبل لا تحقق لهم مستقبلاً علمياً متميزاً". [title]توافق تام[/title] في المقابل، تشير الطالبة "خلود فضل" إلى أنها تتوافق بشكل تام مع أهلها، نافية وجود أي ضغوط تمارس عليها لقبول أي تخصص. وتقول "أميل إلى دراسة الشعر و الأدب رغم تفوقي في دراستي، فيما يحاول أهلي أن يرسموا المستقبل لي بالتوجيه والنصيحة لكن الخيار أولا وأخيرا لي، وفي حال قبولي برغبة أهلي يكون عن قناعة لا مجرد قبول". وعن مدى تدخل والدة خلود في رسم معالم مستقبل أبنائها، توضح لـ"فلسطين الآن": "من حقنا كآباء ومن الطبيعي أن نقف إلى جانب الأبناء ونساعدهم على اختيار أفضل لمستقبلهم، وهذا لا يعني إجبارهم قسرياً على اختيار ما لا يناسب رغباتهم، لأنهم قد يفشلون إذا انصاعوا لرغباتنا نحن". وتوضح "ما علينا فعله هو زرع حب العلم لدى الأبناء منذ الطفولة، وحثهم لنيل الشهادة الثانوية على الأقل، وإيضاح الجوانب الإيجابية والسلبية لأي خيار يفضلونه، ومحاولة إعطائهم أمثلة من الواقع، وبعد ذلك هم يتحملون مسؤولية اختيارهم. [title]علاقة توجيه لا إجبار[/title] وعن وجهة النظر التربوية ، أوضح أستاذ الصحة النفسية المساعد د. هشام غراب أن علاقة الأهل بابنهم الطالب لابد أن تكون علاقة توجيه وإرشاد مبنية على معرفة مسبقة بقدرات الأبناء وإمكانياتهم العلمية وليس بالإجبار أو مبنية على قدرات الأهل وإمكانياتهم. وطالب غراب في حديث لـ"فلسطين الآن" الأسر باحترام طاقات وقدرات الأبناء والاعتراف بأن للابن طاقات وقدرات ورغبات تختلف عن قدرات ورغبات الأهل، رافضاً تصرف بعض الأسر التي تشكل عاملاً ضاغطاً على الأبناء لاختيار تخصص معين. وحذر من وقوع الابن في حالة نفسية سيئة وردة فعل عكسية ربما تقوده للفشل في حال لم يعط الحرية الكاملة في اختيار التخصص الذي يريده ويتوافق مع ميوله وطموحاته. ودعا أستاذ الصحة النفسية الأسر إلى ضرورة الوعي بأهمية التعليم المهني والتقني وحاجة المجتمع له وقال: "مجتمعنا الآن في حاجة إلى البناء والتعمير والنهضة والعمل الجاد، لذلك فهو بحاجة إلى كل المختصين المهنيين القادرين على القيام بهذا الدور المهم". ووجه غراب الطلاب إلى ضرورة أن تكون الرغبة التي يختارونها تتناسب مع الواقع وقال: "لا يصح اختيار تخصص ليس له مجال في المستقبل فلا بد أن تكون عين الطالب على الرغبة والعين الأخرى على سوق العمل والمجتمع والتوازن هنا هو المطلوب". أما الاختصاصية التربوية خلود إبراهيم تقول: "لا يمكن للآباء أن يقفوا على الحياد تجاه رسم مستقبل الأبناء، وبالمقابل يعتبر خطأً تربوياً فادحاً إجبار الأبناء على دراسة التخصص الذي يرضي أذواق الآباء ولا يتناسب مع ميولهم ورغباتهم". وتضيف: "من الضروري أن يوضح الآباء للأبناء مفهوم الأهداف وأهمية تحديدها، وكيفية التخطيط للوصول إليها، وذلك بسؤالهم عن أهدافهم الدراسية وطموحاتهم ومخططاتهم المستقبلية لحياتهم، ومساعدتهم على وضع الأهداف التي تتناسب مع إمكاناتهم وميولهم، وإيضاح العقبات والمكاسب التي يمكن جنيها من وراء تحقيق هذا الهدف أو ذاك، ونتيجة لهذه التربية، سيجيد الأبناء بالتأكيد الاختيار الأفضل لمستقبلهم، بما يعود بالفائدة عليهم وعلى الوطن بأكمله".