مسيرة العودة المستمرة ومخيماتها على طول السياج الفاصل شرق قطاع غزة تؤسس لمدرسة سلمية على الطريقة الفلسطينية تستوحي بعضا من ثورات الماضي التي اجتاحت الكرة الأرضية، وتضيف جديدا سيلهم المقهورين والمحتلين المحاصرين حول العالم اليوم ومستقبلا.
ولو حضر المهاتما غاندي فعالية الجمعة 30 مارس وما تلاها لرفع قبعته احتراما وتقديرا للمنتفضين باجسادهم امام السياج والقناصة، وهو الذي قاد حركة عصيان مدني واسعة النطاق بين عامي بين 1930-1931 ضد البريطانيين في الهند، بدأها بإقناع أتباعه بضرورة التوقف عن دفع ضريبة الملح وشراء الملابس والمشروبات، وهي التجارة التي كان يهيمن عليها الراج آنذاك. وقد كانت تلك خطوة أولى في مسيرة طويلة وناجحة من الحراك الشعبي الهندي من أجل الاستقلال.
المهاتما غاندي المبهور بصلابة وصمود الفلسطينيين سيحرص على دعوة الناشط وداعية الحقوق المدنية مارثن لوثر كينج، ليرى بأم عينيه كيف يصر هؤلاء على تحقيق حلمهم بالعودة، وانه في يوم ما سيستطيع أبناء اللاجئين على الجلوس تلال فلسطين الخضراء، ليقرأوا تاريخ ثورات أبائهم ضد الاحتلال. وكيف دفعوا الثمن كما دفع كينج ثمن حلمه بالحرية والمساواة للسود بامريكا بعدما قاد حملة لاعنفية عام 1955 تواصلت على مدى خمسة عشر عاماً ضد سياسة التمييز العنصري في الجنوب الأمريكي، مستعينة بشكل أساسي بالمسيرات ونشاطات العصيان المدني والمقاطعة والإضراب.
وبينما يتطلع المعتصمون في خيام العودة للتحرر من الحدود والسياج التي تحاصرهم سيخرج أمامهم نيلسون مانديلا ملوحا بيديه بالتحية بعدما تنسم الحرية في جنوب أفريقيا التي توحدت فيها مجموعة من النقابات والتنظيمات والقيادات الدينية عام 1983، في حملة لاعنفية واسعة ضد سياسة الفصل العنصري، في الضغط على السلطة لإطلاق سراح الزعيم نيلسون مانديلا، وبدأت على إثرها مفاوضات أدت فيما بعد إلى ترسيخ الأسس الديمقراطية في البلاد وشكلت نهاية لنظام الفصل العنصري.
سيسجل التاريخ اننا لم نترك طريقة او وسيله سلمية الا وسلكناها ابتداء من كمامة البصل التي اخترعها الطفل محمد عياش مرورا بجمعة "الكوشوك" والمرايا العاكسة، والقادم أعظم.