قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن عام 2018 يشهد أزمة إنسانية كبيرة بالنسبة للاجئين المهاجرين إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، مشيرًا إلى أن أعداد الغرقى في صفوف المهاجرين وطالبي اللجوء لا زالت في تزايد ملحوظ على الرغم من انخفاض أعدادهم مقارنة بالسنوات الماضية.
وقال المرصد الأورومتوسطي الذي يتخذ من جنيف مقرًا له في بيان صحفي صباح اليوم الأحد، إنه وبالرغم من أن أعداد المهاجرين واللاجئين الذين وصلوا إلى أوروبا عبر البحر المتوسط خلال المائة يوم الأولى من العام 2018 (حتى 11 أبريل) انخفضت إلى النصف مقارنةً بالفترة نفسها من العام 2017، إلا أن أعداد الغرقى شهدت ارتفاعًا ملحوظاً.
وأوضح الأورومتوسطي أنه بينما غرق قرابة 24 شخصًا من كل 1,000 شخص وصل إلى أوروبا عبر البحر في هذا الوقت من العام الماضي، فإن النسبة هذا العام ارتفعت إلى 33 غريقاً مقابل كل 1,000 من الواصلين.
ولفت المرصد الحقوقي الدولي إلى أن معظم الواصلين إلى أوروبا هذا العام وصلوا عن طريق البحر المتوسط من ليبيا إلى إيطاليا.
وقال إحسان عادل، المستشار القانوني للمرصد الأورومتوسطي: "بالرغم من انخفاض نسبة الواصلين عبر ليبيا إلى إيطاليا بشكل ملحوظ بعد الاتفاق الذي جرى بين الاتحاد الأوروبي وليبيا في آب/أغسطس من العام الماضي، إلا أن هذا الاتفاق عمّق الأزمة عبر زيادة تكديس المهاجرين الذين تمت إعادتهم إلى ليبيا ويجري احتجازهم في مراكز احتجاز في ظروف إنسانية صعبة"
وأشار عادل إلى ارتفاع نسبة الغرقى بين القادمين عبر ليبيا إلى إيطاليا، إلى 1 بين كل 14 شخصاً مقارنةً بـ 1 من كل 29 شخصاً في الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب الإحصاءات الدورية التي تصدرها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأوضح الأورومتوسطي أن الاتفاق الأوروبي التركي في مارس 2016 لتقييد حركة الهجرة من تركيا إلى أوروبا، وإغلاق طريق البلقان، أدى إلى خفض عدد الوافدين إلى اليونان بشكل كبير مقارنة بالأعوام السابقة.
وذكر الأورومتوسطي أن معظم الواصلين إلى إيطاليا هم من المهاجرين من دول إفريقية، فيما أن غالبية الواصلين إلى إسبانيا هم إما من طالبي اللجوء السوريين، أو من المهاجرين من المغرب والجزائر. أما في اليونان، فيظهر أن معظم الواصلين هناك هم من القادمين من سوريا أو العراق أو أفغانستان.
ولفت المرصد إلى أن إحصاءات المنظمة الدولية للهجرة تشير إلى أن حوالي 16.847 مهاجراً وصل إلى أوروبا عبر البحر المتوسط خلال العام 2018، فيما بلغ عدد هؤلاء خلال نفس الفترة من العام الماضي حوالي 33.602 مهاجر. وأظهرت إحصاءات المنظمة أن حوالي 6894 مهاجرًا بحريًا وصل إلى إيطاليا عبر البحر الأبيض المتوسط حتى 11 أبريل من هذا العام، في حين أن 6.407 مهاجرا وصل إلى اليونان، وحوالي 3.499 مهاجرا وصل إلى إسبانيا.
وأكد الأورومتوسطي على أنه من بين 933 حالة وفاة في جميع أنحاء العالم سُجلت في صفوف المهاجرين أثناء هجرتهم خلال هذا العام (2018)، فإن حوالي 557 حالة وفاة حصلت في البحر الأبيض المتوسط.
وقال المرصد إن شهر أبريل الحالي شهد غرق مركب قبالة ساحل مدينة طنجة في المغرب كان يقل عدداً من المهاجرين، حيث عثرت السلطات المغربية على جثث ستة مهاجرين، من بينهم أربعة مواطنين مغاربة، في حين أصيب حوالي 10 أشخاص جراء هذا الحادث. وبحسب شهود عيان، فقد كان على متن القارب حوالي 46 شخصا، الأمر الذي يشير إلى وجود 30 شخصا مازالوا في عداد المفقودين.
وأضاف الأورومتوسطي أن هذا الشهر شهد كذلك غرق اثنين من المهاجرين في أوروبا عند عبورهما نهر كولبا – الذي يمثل الحدود الجنوبية لسلوفينيا مع كرواتيا- حيث ذكرت السلطات بأنها عثرت على جثة شاب مغربي يبلغ من العمر 19 عاما، في حين أن الجثة الأخرى كانت تعود لمواطن جزائري، مشيرة إلى أنهما فقدا حياتهما أثناء عبورهما هذا النهر.
وأشار المرصد إلى أن الارتفاع الملحوظ في عدد وفيات المهاجرين عبر البحر المتوسط يرجع لأسباب عدة منها تعمد المهربين إرسال عدد كبير من السفن دفعة واحدة، ما يعقّد عمل سفن الإنقاذ ويساهم في وقوع عدد كبير من الغرقى، خصوصا في ظل عدم وجود عملية أوروبية تختص بالإنقاذ في البحر المتوسط، فضلاً عن تقلبات الطقس خلال الأشهر القليلة الماضية واستخدام المهربين لمراكب متهالكة.
وفي السياق نفسه، قال الأورومتوسطي إن المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يصلون إلى اليونان يعانون ظروفاً مأساوية، حيث يتعين على المئات منهم الإقامة لفترات طويلة في ظروف سيئة في الجزر اليونانية.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن المهاجرين الذين يصلون إلى جزيرة ساموس اليونانية يُجبرون على العيش في مخيم فاثي، وهو مركز استقبال مكتظ بطالبي اللجوء والمهاجرين، ويعانون فيه من نقص المياه والكهرباء ومخاوف العنف الجنسي والتمييز مع عدم توفر النظافة والموارد الصحية الكافية.
وبحسب الأورومتوسطي، يلجأ المهاجرون للانتقال من البلدان الأوروبية الساحلية التي يصلون إليها أول الأمر عبر طرق صعبة من أجل الوصول إلى دول أخرى في شمال وغرب أوروبا، إلا أن هؤلاء يتعرضون للاستغلال والاعتداءات من المهربين والعصابات المسلحة، ويكون الأمر أكثر خطورة حين يكون المهاجر طفلاً غير مصحوب بعائلة، وتصل أعداد هؤلاء إلى 13% من مجموع المهاجرين. وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أحصت وفاة 75 شخصاً على الطرق البرية على حدود أوروبا الخارجية أو أثناء التنقل فيها في عام 2017.
وقال عادل: "لا تزال أولوية الاتحاد الأوروبي وحكوماته هي التفكير في كيفية إزاحة عبء اللاجئين والمهاجرين، وليس في إنقاذهم ومساعدتهم"، مشيراً إلى فشل برنامج إعادة التوطين الذي صُمم بين دول الاتحاد الأوروبي وعدم وجود عملية مشتركة بين دول الاتحاد تختص بإنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط.
وأضاف: "بدلا من أن تتقاسم دول الاتحاد الأوروبي العبء من خلال دمج طالبي اللجوء والمهاجرين في بلدانهم، نجد هذه الدول تسعى فقط لإبرام اتفاقيات مع دول المصدر، كتركيا وليبيا ومصر، لمنع وصول المهاجرين واللاجئين إلى أوروبا بل والعمل على اعتراض طريقهم ومحاولة إرجاعهم من حيث أتوا، فضلاً عن عجزها الدائم عن إنقاذ من يتعرضون للغرق يوميا عبر البحر".
وطالب المرصد الحقوقي الدولي في نهاية بيانه المجتمع الدولي بتحمل مسؤولية جماعية اتجاه طالبي اللجوء والمهاجرين، والتسريع في عقد وتبني الاتفاقية الجديدة للجوء. ودعا المرصد دول الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة اتخاذ موقف حاسم إزاء الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون والمهاجرون في أوروبا، والعمل على بذل المزيد من الجهود لإنقاذ القوارب المتهالكة في البحر المتوسط والسعي لفتح الممرات والقنوات لوصولهم إلى الدول الأوروبية بشكل آمن.