لم يغادر الرئيس محمود عباس المستشفى الاستشاري في رام الله متجاوزا بذلك الموعد المقرر لمغادرته المستشفى لمزاولة أعماله كرئيس للسلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية؛ تأخير أطلق العنان للشائعات والمخاوف حول خلافة عباس وإمكانية توافر القدرة على معالجة الفراغ الناجم عن رحيله داخل السلطة ومنظمة التحرير.
الجدل ازداد سخونة بالإعلان عن وفاة الرئيس، أمر رغم نفيه من السلطة الفلسطينية إلا انه أطلق سلسلة من التصريحات تفاعلت بقوة في الساحة الفلسطينية؛ إذ أوحت بأن الفلسطينيين مقبلون على مرحلة جديدة؛ فـالقيادي في حركة فتح عبدالله عبدالله وفي معرض الرد على النقاشات الدائرة حول الخليفة المقترح للرئيس عباس نفى أن يكون عبد العزيز دويك رئيس المجلس التشريعي مرشحا لرئاسة السلطة الفلسطينية؛ مدعيا بأن انعقاد المجلس الوطني مؤخرا استبق كافة السيناريوهات ونقل صلاحية اختيار الرئيس للجنة المركزية وليس للمجلس التشريعي.
الحديث عن إمكانية مغادرة الرئيس المستشفى لمزاولة أعماله تراجع بشكل كبير لصالح موضوع جديد؛ عنوانه مرض الرئيس عباس وخليفته؛ فصائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير انخرط سريعا في النقاش بالقول: منظمة التحرير هي عنوان شعبنا ومرجعيته وممثله الشرعي الوحيد، وستبقى البيت الجامع لأبناء شعبنا وحافظة الهوية الفلسطينية.
الأصوات تتعالى شيئا فشيئا بحثا عن الخليفة المحتمل لعباس خصوصا بعد شائعات وفاته وانتقال أسرته إلى الأردن، أخبار نقلتها إذاعات محلية فلسطينية سرعان ما نفتها السلطة.
الجهود التي بذلت لطمأنة الرأي العام الفلسطيني أو لبث الثقة في صفوف العاملين في السلطة وأجهزتها لن توقف الشائعات والتخمينات؛ فمستقبل السلطة ارتبط خلال السنوات العشر الأخيرة بعراب أوسلو محمود عباس ولس بمنظمة التحرير كما حدث في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات؛ الحالة قابلة لمزيد من التدهور ولحالة اشتباك أوسع في حال طالت فترة الاستشفاء للرئيس وغيابه؛ فإذ بات من الممكن أن تفجر صراعا داخلا بين أقطاب السلطة والطامحين لمنصب الرئيس.
أخيرا فإن ما حدث خلال الساعات الأخيرة كان مجرد نموذج وبروفة مصغرة للسيناريوهات الممكن مواجهتها في حال وفاة الرئيس محمود عباس؛ بروفة كشفت عن ثغرات كبيرة في الاستعدادات لما بعد عباس سواء على الصعيد السياسي أو الأمني.