كان عمري 3 سنين لما إستشهد محمد الدرة وذاكرة هالإشي زي الخيال ، 2006 لما صار حصار غزة بلشت أوعى أكثر وأفهم شو في حولي ، وعشت أول حرب ع غزة والثانية وكنت واعية ومقدرة الوضع المحيط وعارفة شو في ، وبالحرب الثالثة 2014 كنت داخلة ع أول ثانوي ، بعدها درست بجامعة الأزهر تمريض وشوي كان وضعنا المادي كان سيء ما كملت دراسة .
أبوي كان عنده محل ببيع قطع دراجات وإنهد من صواريخ الحرب وعليه الديون متراكمة لهاي اللحظة أصلا ، بعد ما خلصت التمريض ما إشتغلت على شهادتي لإنه ما كملت أصلا وكان نفسي إنه أشتغل على شهادتي بس للأسف ما صحلي ، حاولت إنه أكسب خبرات وأتطوع هون وهون وتطوعت بمجمع ناصر الطبي بدون أي مقابل .
أجت مسيرات العودة وبلشت الناس تطلع كل واحد يقدم اللي بقدر عليه ، الصحفي والمصور وبياع البراد والولد والشب والختيار وكل بيت من غزة طلع منه ناس يعتصموا ويحاولوا يرجعوا على بلداتهم ، كل واحد قدم من زاويته وقاوم من جهته ، أنا تطوعت مع مجموعة شباب إنه نسعف الجرحى وكان في رسالة لازم أقدمها ، رغم إنه هالإشي صعب ع بنت تكون بين الطخ والغاز والشباب بس لازم المجتمع يتقبلني وغصب عنه بده يتقبلني ، وأنا بتحمل شو بصير اللي حتى لو متت ، وقررت بشكل يومي من بداية الأحداث ، أطلع الساعة 7 الصبح وأرجع 10 بالليل ، لابسة لاب كوت أبيض وقفازتين وكمامة ع وجهي ، أول مسعفة بمسيرات العودة ، الناس ما تقبلت هالإشي بعدين لما عرفوا إنه تطوعي ولخدمتهم وشافوني إنه بلشت أسعف وأقدم إحترموني وتحفزوا وحسوا إنه هالبنت بتقدم رسالة إنسانية.
ياسر مرتجى كان قريب مني كثير وكان بده يصور فيلم وضل يسأل عني بس راح فجأة ، وكمان أحمد أبو حسين ، وبياع البراد أبو عويضة كلهم كانوا حولي بس راحوا ، ما كنت بدي إشي ولا بدي مقابل لهذا الإشي حتى إنه كنت بشتري معدات مني شخصيا وهذا واجبي لوطني وبلدي ، كل اللي بدي إياه ما حد يموت وأسعف كل واحد بنصاب عشان يرجع يقاوم.
كل يوم كنت أمشي بين الدخان وأوصل لنقطة الصفر مع الجنود أسعف مصابين وأطلعهم ويكون بيني وبين الجندي مترين ، كنت أتسابق مع زملائي وأسبقهم ، ودايما يحكولي لا تتهوري وتتسرعي ، وأحكيلهم كلها موته وحدة ، كل يوم كان يموت شهداء بين إيدي ، كل يوم بنصاب ناس بين إيدي وأسعفهم ، أكثر من 10 مرات إنصبت ، كل ما أروح ع البيت يا إيدي ملفوفة يا راسي ملفوف يا بعرج ، بطخوا علي طلق مطاطي وطلق تحذيري بس ما خفت ولا رح أخاف ، أسعفت 70 حالة ، منهم 15 حالة بالراس.
أهلي رضيوا عني وتوقعوا إنه بأي لحظة رح يصير إلهم سفيرة بالجنة ، ما كنت أطلع من البيت الا لما آخذ الرضى منهم ، نشرت ع الفيس بوك على صفحتي شو بنشوف وشو لازم يصير وشو مطالبنا ومناشدات إنه يساعدونا ، وكانت تنتشر صوري ومقابلات إلي شو رسالتي وحتى كانوا يحكولي ما بتخافي !
أجاوبهم "أنا بديت المشوار هنا ورح أنهيه هنا" ما خفت من جندي ولا رح أخاف ، ضليت هيك بنفس هالحماس لحد ما أجاني مسج غريب شوي من صديق ما بعرفه ، المسج كان بحكي إنه حلم فيي إني مستشهدة يوم السبت وحلمه كان بعد الفجر وتمنالي كل خير ، إستغربت شوي وحكيت هالشب بتمنالي كل خير وبتمنالي الشهادة كونه شافني وشاف صوري تمنالي كل خير ، وما رديت عليه وأجى يوم السبت 1/6/2018 تسحرت ومزحت مع أخواني كالعادة ونمت ، أجى أبوي ضل فوق راسي لحد ما صحاني توضيت وصليت الفجر وبعدها لبست اللاب كوت الأبيض وطلعت ع المسيرات ، وكالعادة بين الدخنة والغاز والدنيا كانت صيام والجو شوب ، اتطلع ع السماء وأدعي ربنا ينصرنا ، وأدور وين في مصاب وين في جريح أروحله حتى لو كان وين ما كان.
قرب يأذن المغرب والتعب هلكنا ولسا الإشتباكات شغالة ، كان في مصابين عند السلك قاصينه وإنصابوا غاد ولازم نسعفهم ، رفعت إيدي عشان الجنود يشوفوني ومشت لعند السلك ، ومبين علي مسعفة من لبسي وما معي اشي ورايحة أسعف مصابين، صاحبيتي مسكتني من إيدي وحكتلي إرجعي تغامريش حكتلها كلها موته وحدة ؛ خايفة من الموت ! مشيت متر مترين وإلا صوت !
هالصوت ما كان صوت أذان المغرب كان صوت طخ ، طخوا علينا 3 طلقات ، وحدة شفتها أجت برجل زميلي والثانية ما بعرف وين راحت والثالثة بصدري وطلعت من ظهري ، بلت العروق وروت الضمأ ، حاولوا يسعفوني بس للأسف كان لازم أفطر بالجنة ، أبوي وصله خبر إنه رزان بنته إنصابت ، أجى مع أمي ع المستشفى ومن نظرة الدكاترة إله عرف إني إستشهدت.
كل واحد بعرفني عيط علي وبكى كثير ، صحابي وصاحباتي صابهم إنهيار عصبي ؛ حتى الشب اللي كان بده يخطبني وكان مسعف معي عيط كثير وكنت سامعة صوته وهو بحكي "ي الله رزان ماتت يا الله" ، أمي حضنت اللاب كوت وهو مليان من دمي ودم الشهداء والمصابين وإحتسبتني شهيدة عند الله ، أبوي بحالة صدمة ، كل العالم مصدومين !
إنتشرت صوري وإسمي "رزان أشرف النجار 21 عام " شهيدة ، ربنا بحبني وحبب عباده فيي ، متت صايمة بيوم جمعة شهيدة مقبلة غير مدبرة ، كل واحد شاف صورتي حس إنه فقد إشي من حياته وشخص قريب من حياته ، وحس إنه أقرب من كل مرة للعودة.
ملاك الإنسانية ، أخت المرجلة ، بنت فلسطين ألقاب كثيرة طلعت علي ، وفصائل كثيرة تكاتلت علي ، حماس بتحكي شهداء مسيرة العودة أبناءها وكل شهيد رح نتبناه ، وفتح بتحكي رزان بنتنا ولازم يتبنوها ، والجبهة انتهزت هالفرصة وحكت لا هذا ولا هذا بنوخذها إحنا ، والشعب لحاله توحد وحكى هاي بنت فلسطين وطلع بجنازة مهيبة ما كانت ولا صارت ولا رح تصير لرئيس دولة عربية ، كل غزة طلعت بالجنازة ، رزان أشرف ؛ جرح بجسد غزة ما رح يلتئم ، عظم الله أجر فلسطين وغزة .