تستقبل العائلات الفلسطينية اليوم في جميع محافظات الوطن التهاني والتبريكات بالناجحين في امتحانات الثانوية العامة "الإنجاز" لهذا العام، وهي طقوس اعتاد عليها الشعب الفلسطيني في كل عام.
لكن لذوي صاحب الشهادة العليا حكاية أخرى، فقد استقبلوا المهنئين باستشهاده قبل انطلاق امتحانات الثانوية العامة، فقد رحل طالب الثانوية العامة بلال بدير الأشرم "17عاما" من سكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة إلى ربه شهيدا، خلال مشاركته في مخيمات العودة على الحدود الشرقية لمخيم البريج، بتاريخ 15/5/2018، في ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني.
حاولت والدة بلال استجماع قواها في يوم إعلان نتائج الثانوية العامة، فهي التي لطالما منت النفس أن تسمع اسم ابنها ضمن أوائل الطلبة على مستوى الوطن، فالجميع يشهد لبلال بتفوقه وذكائه الكبير وحبه للعلم وطموحه الغير محدود.
وأشارت أم بلال في حديثها لوكالة "فلسطين الآن" إلى أنها فخورة بشهادة نجلها بلال، ومقدرة التضحية التي قدمها من أجل فلسطين، ومصممة على تربية أبنائها وتوجيههم لإكمال مشوار بلال العلمي.
حلم بدراسة الطب
وتتذكر والدة الشهيد بلال أن نجلها كان من المجتهدين، وكان من المتوقع له أن يكون من أوائل قطاع غزة، حيث خطط لنفسه أن يدرس الطب في جامعة اكسفورد، كما كان يتمني دائماّ، كي يخدم أبناء شعبه.
وتتابع والدته بلال :"كنت أتمنى أن أعيش أجواء أمهات الناجحين في الثانوية العامة، أستقبل ابني بالتهليل والفرح، وتوزيع الحلوى على أحبتي، إلا أن هذه الأحلام قد تلاشت لحظة استشهاد بلال، فقد استقبلت تهاني الناس بكلمة الحمد الله وإنا لله وإنا إليه راجعون".
وأوضحت والدته :"مقعد بلال ظل يحمل اسمه خلال امتحانات الثانوية العامة، ظل مقعده يحمل صورته بجانب أقرانه، هم نالوا شهادة الثانوية العامة، وهو نال شهادة الجنان، أشرف وأغلى وأكبر شهادة على الوجود".
حرص على التفوق باستمرار
وأشاد الأستاذ رائد غنيم، مدرس الشهيد بلال الأشرم بتفوق بلال، وحرصه الشديد على متابعة دروسه، وسعيه الدائم لعدم إضاعة الدرجات.
ويشير الأستاذ غنيم :"جاءني بلال بعد امتحانات التجريبي، وسألني: كيف علامتي يا أستاذ؟ قلت له: رائعة! سألني: فوق التسعين؟! قلت له: نعم فوق التسعين. فأعاد السؤال: يعني فوق الخمسة وتسعين؟ قلت له: وبعدين معك يا بلال؟ فأعاد السؤال بابتسامته المعهودة، وبلهفه المعتاد: فوق الخمسة وتسعين يا أستاذ؟ قلت له: نعم فوق الخمس وتسعين، فمضى وهو يغني: فُوق. فُوق. فُوق!".
ويضيف معلم الشهيد :"درسته لعامين، لكن هذا العام كان بلال مختلفاً، بدا لي أكثر جدية، وأكثر اهتماماً، وأكثر رجولة، كنتُ أشرح وأحدق في عيون طلابي، وما وقعت عيناي على عينيه إلا ورأيته وهو يبتسم، والآن أنا لا أتخيله إلا مبتسماً".
توافد الأهل والجيران إلى بيت الشهيد بلال ليساندوا عائلته، وليخففوا جراح قلوبهم بفقدان حبيبهم المتفوق بلال، ولسان حال الجميع، "نال أعلى الدرجات، نال أعلى الشهادات".