قراءة متأنية للمراقب للوضع الاجتماعي داخل (إسرائيل) يتضح له بما لا يدع مجالا للشك أن الجريمة باتت تشكل تهديداً استراتيجياً لهذا الكيان بعدما اصبحت الدولة العبرية مجتمعاً متوحشاً، وهذا باعتراف صناع القرار والمحللين الاسرائيليين أنفسهم. قبل عدة سنوات تعالى صوت رئيس الكنيست "رونين ريفلين"معلنا للملأ أن نسبة الجريمة والعنصرية في (إسرائيل) باتت عالية جدا، وهنا الحديث ليس عن جرائم عادية، بل عن جرائم تتم لتصفية حسابات بين مجموعات الجريمة المنظمة التي تكاد تسيطر على المدن الرئيسة في (إسرائيل)، وهو اعتراف تقدم به رئيس الكنيست عندما اشار موجهاً حديثه الى نواب البرلمان: "هل تعلمون إن الناس في إسرائيل يدفعون المال ليحصلوا على الحماية.. فقد اصبح ذلك موضة وأسلوب حياة". وكما هو معروف فإنه ليست هذه الموجة الاولى من الجرائم التي تعم المجتمع الاسرائيلي، غير انها هذه المرة تجد أرضاً خصبة لتصفية حسابات سياسية بالتوازي مع تصفية الحسابات في العالم السفلي ومافيات الجريمة المنظمة. وثمة من يرى أن أصول الجريمة في المجتمع الاسرائيلي متجذرة بحيث لم يعد بالامكان فصلها عن طبيعة "المجتمع" الاسرائيلي. ذلك ان كيانا قام على القتل والاغتصاب والتشريد، ما يزال يعيش، الى يومنا هذا على مواصلة أنماط مختلفة من الجرائم نفسها. اليوم تتكشف معلومات جديدة تقدمها المؤسسات الأمنية الاسرائيلية ، وهي أن الاسرائيليين الذين الذي يستمرئون قتل الفلسطينيين وتعذيبهم، صاروا يقومون بالشيء نفسه مع بعضهم البعض.مثلا باتت الهوة تتسع بين اليهود من أصول غربية (الاشكناز) المنحدرين من أصول أوربية وأمريكية وبين اليهود الشرقيين (السفارديم) المنحدرين من أصول آسيوية وأفريقية وخاصة من الدول العربية أساس الفوارق الطبقية المتجذرة في المجتمع الإسرائيلي والتي تتفعل أحياناً وتخمد أحياناً أخرى. أما مؤشرات السقوط الاجتماعي والأخلاقي فبلغت حدّاً لم يعد هناك من إمكانية لإخفائها وانتشرت فضائحها في السنوات الأخيرة على نطاق واسع، وقد نشرت صحيفة " جيروزاليم بوست" تقرير حول هذا الموضوع جاء فيه: قال قاضي المحكمة الإسرائيلية العليا دوربت بنيش (DoritBeinisch): نحن نعيش تجربة الهزائم وصراع الطبقات الاجتماعية والفقر وفقدان الثقة العامة بكل أجزاء الدولة، لكن مع هذا كله يمكننا القول أنه لم يفت الأوان بعد. كما تمنى بنيش أن تقدم إسرائيل نظام تعليمي قادر على أن يوجد بنية وركائز أفضل للمجتمع الإسرائيلي مجتمع مؤلف من أشخاص جيدين لا يعيشون تحت خط الفقر ولا يتعرضون للعنف ولا يعانون من أعباء الحياة، مجتمع يؤسس على أسس القيم العالمية واليهودية ويعشق الإنسانية. ومن المشكلات الأخرى التي تواجه (إسرائيل) اليوم انتشار أنواع مختلفة من الفساد وسط الإسرائيليين بحيث أنه لا يوجد فرق بين الحاخامات والمسؤولين السياسيين رفيعي المستوى وبين الأشخاص العاديين كلهم يتساوون في هذا الأمر، لا وبل إن انتشار الفساد الأخلاقیبین الحاخامات والسیاسیین أكبر بكثير من بقية المواطنين العاديين. إلى جانب الفساد الأخلاقي ينتشر الفساد المالي بين زعماء هذا الكيان حيث يتم في الوقت الراهن محاكمة "ايهود أولمرت" رئيس الوزراء السابق و "أفيدور ليبرمان" وزير الخارجية بتهم الفساد. لقد هبطت (إسرائيل) في جدول ترتيب الفساد لعام 2011 إلى المرتبة 36. وكانت تعد في 2010 الدولة الثلاثين في معدل الفساد على مستوى العالم حيث وصلت بعد سقوطها 6 مراتب إلى المرتبة 36. وهي أدنى مرتبة يصل إليها هذا الكيان منذ تاريخ دخوله إلى مؤشر منظمة الشفافية الدولية. مؤشر عام2011 رصد 183 دولة في العالم حيث انخفضت مرتبة إسرائيل من معدل 6.1 في عام2010 إلى 5.8 في 2011. بينما حلت نيوزلندا في المقدمة. إلى جانب المشكلات الرئيسية في هذا الكيان تطفو على السطح مشكلاته الخارجية دافعة بخطوة إلى الأمام لانهيار كيان أرض الميعاد. وعلى ضوء الثورات الحاصلة في المنطقة، يعلن أحد الزعماء أن هذه الثورات تستهدف في المقام الأول وجود (إسرائيل) ويتوجب على (إسرائيل) أن تنتظر الارتدادات الناتجة عنها. أخيرا هل ثمة أحد يتذكر ما قاله رئيس الكنيست السابق "أبراهام بورغ"، حين صرح قائلاً: "إن (إسرائيل) غدت دولة من المستوطنين تقودها زمرة من الفاسدين"! وهل ثمة من يتذكر صرخة رونين ريفلين، أن اسرائيل باتت تشكل تهديداً استراتيجياً بعدما اصبح المجتمع الإسرائيلي مجتمعاً متوحشاً!!
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.