غرقت مدينة حلب العاصمة الاقتصادية لسورية وثاني أكبر مدنها في دوامة الحرب بعد أن ظلت لفترة طويلة في منأى عن الأحداث الدموية التي تهز البلاد منذ بدء الحركة الاحتجاجية المعارضة لنظام الرئيس "بشار الأسد" في آذار/مارس 2011. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الجيش السوري شن هجومه المضاد لاستعادة مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة في حلب. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن "يمكننا القول أن الهجوم بدأ"، موضحا أن "اشتباكات هي الأعنف منذ بدء الثورة تدور في عدة أحياء" المدينة. وأشار إلى "تعزيزات عسكرية (للجيش السوري) قادمة إلى حي صلاح الدين" الذي يضم العدد الأكبر من المقاتلين. وأضاف أن "حي صلاح الدين يتعرض للقصف وتدور اشتباكات عنيفة على مداخله بين مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة والقوات النظامية التي تحاول اقتحام الحي الذي يسيطر عليه الثوار". وتحدث عن "سقوط قذائف واشتباكات في حي السكري الذي يشهد حالة نزوح في صفوف الأهالي بعد سقوط قذائف (...) واشتباكات عنيفة في منطقة الحمدانية استمرت لنحو ساعتين بين الثوار وعناصر قافلة عسكرية متجهة إلى حي صلاح الدين". وتابع "شوهدت الدبابات في حي سيف الدولة وتدور اشتباكات على مداخل حي الصاخور وعدة أحياء أخرى في المدينة". وتحدثت لجان التنسيق المحلية أيضا عن معارك في محيط صلاح الدين جنوب غرب العاصمة الاقتصادية للبلاد. وتعد حلب 2,5 مليون نسمة ومعروفة منذ عقود بصناعاتها الحرفية خصوصا النسيجية بفضل القطن الذي يعد من ثروات البلاد، تقع في شمال سورية وهي مركز محافظة حلب وتعتبر مركزا تجاريا بالغ الأهمية. وتقع حلب على طريق الحرير تاريخيا وتشتهر بمعالمها التاريخية مثل قلعتها الشهيرة وكذلك بصناعاتها اليدوية التقليدية. وكانت أيضا عاصمة لولاية مترامية الأطراف تشمل جنوب شرق الأناضول وسهول الشمال حتى الحرب العالمية الأولى. وعانت حلب من اتفاق التبادل الحر الذي وقع مع تركيا في 2005، بحيث أفلست شركات صغيرة كثيرة أمام منافسة المنتجات التركية. لكن أبناء حلب المعروفين بمهارتهم وحنكتهم في التجارة عرفوا كيف يواجهون الوضع ليصبحوا أكثر قدرة تنافسية من خلال تطوير القطاعات الزراعية الغذائية والعقاقير والأدوية والتركيز على الصناعات الحرفية. وشهدت التجارة مع تركيا تطورا ملفتا. وقال عالم الجغرافيا "فابريس بالانش" مدير مجموعة الأبحاث والدراسات حول المتوسط والشرق الأوسط :"إن حلب كانت هادئة لأنها مدينة صناعية وتجارية استعادت حظوتها في نظر النظام بعد عشر سنوات من العقاب". وأضاف أن "التدابير الأمنية شديدة جدا منذ ذلك التاريخ والمتمردون يأتون من الريف لأن أهالي حلب الأصليين يبقون في منازلهم". وقد جذب العديد من سكان الأرياف خصوصا من السنة والأكراد بفرص العمل وقدموا ليستقروا في منطقة حلب الكبرى التي تمتد على مساحة 120 كيلومترا مربعا. والحي التاريخي في المدينة الذي يشتهر بسوقه ومنازله البورجوازية التي يعود تاريخ بنائها إلى الحقبة العثمانية والانتداب الفرنسي، صنفته منظمة اليونيسكو ضمن التراث العالمي. ويمثل العرب السنة 65 بالمئة من التعداد السكاني للمدينة فيما يقدر الأكراد من الطائفة نفسها والمقيمون في شمال المدينة ب20 بالمئة. والمسيحيون يمثلون حوالي 10 بالمئة نصفهم من الأرمن، فيما الآخرون هم من السريان والروم الكاثوليك والموارنة. أما العلويون الذين لجأوا خصوصا إلى حلب في 1939 بعد ضم لواء الاسكندرون إلى تركيا، فيشكلون 5 بالمئة من التعداد السكاني للمدينة حيث، خلافا لدمشق وحمص، لا يوجد حي علوي صرف غير الحي المخصص للموظفين في الحمدانية في شرق المدينة. ويسيطر المعارضون المسلحون على أحياء عشوائية في منطقة حلب التي يأتي سكانها من الأرياف. وهم لا يسيطرون على الأحياء المركزية وتلك الواقعة في الغرب والمأهولة من البورجوزاية، من المسيحيين وخصوصا أبناء حلب الأصليين.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.