في خطابه الأخير، ضيّق السيد محمود عباس متسعاً، وحشر قضية فلسطين، والمصالحة الوطنية في خيارات صعبة حين قال: إما نحن وإما حماس، وهذه لغة سياسية غير تصالحية، وغير مسؤولة، وتدير الظهر للشراكة السياسية التي ينشدها شعبنا الفلسطيني.
بل تمادى السيد عباس في خطابة الأخير في رام الله حين قال: إن المصالحة لا تعني التهدئة، ولا تعني الهدنة، ولا تعني مساعدات إنسانية لغزة، ولا تعني رفع الحصار عن غزة، ولا تعني رفع العقوبات عن موظفي غزة!
إذًا، ما هي المصالحة التي ينشدها السيد عباس؟؟
ما لونها؟ وكيف نتعرف على معالمها، كي نقبّلها فوق جبينها؟
يجيب السيد عباس بوضوح: يجب أن تكون غزة مثل الضفة الغربية تماماً، سلطة واحدة، وقانونواحد، وسلاح واحد، ولا أريد ميليشيات هنا وهناك، ويقصد كتائب القسام وسرايا القدس وكتائب أبي علي مصطفى ولجان المقاومة الشعبية وغيرها من تنظيمات المقاومة في غزة!
فإذا كانت هذه هي المصالحة التي ينشدها عباس، وهذه نتائجها التي يتطلع إليها، فواجب شعبنا الفلسطيني أن يختار إما المقاومة وإما محمود عباس، إما نحن وإما عباس، وعلى الشعب الفلسطيني أن يختار بعد أن يطلع على هذه الفقرة التاريخية:
قبل خمسين عاماً، كانت حركة فتح جديرة بقيادة العمل الوطني، فقد كانت رأس حربة الكفاح المسلح ضد العدو الإسرائيلي، وكانت فتح هي البندقية المقاتلة، وعنوان الفداء والتضحية، وكانت قيادتها جديرة بأن تتصدر المشهد السياسي الفلسطيني، كانت أفعالهم تشرف فلسطين، وكانوا مشاريع شهادة، ومنهم أبو جهاد خليل الوزير وماجد أبو شرار، وأبو إياد صلاح خلف ومنهم صبحي أبو كرش، وأبو عمار وفيصل الحسيني وأبو يوسف النجار وكمال عدوان.
اليوم، لم تعد حركة فتح رأس حربة الكفاح المسلح!
فتح اليوم رأس حربة التنسيق الأمني المقدس، وهذه حقيقة وليست تجنيًا.
اليوم، قادة حركة فتح ليسوا مشاريع شهادة كالأوائل، فالقائد الفتحاوي محمد المدني قد صار ملك التواصل الاجتماعي مع الإسرائيليين، والقائد حسين الشيخ لا علاقة له بالبندقية والصواريخ، ولا علاقة لمحمود عباس بالمقاومة، وكذلك ماجد فرج وعزام الأحمد وجمال محيسن.
اليوم، من حق الشعب الفلسطيني أن يقول كفى، نحن من سيختار!!!
كفى لحركة فتح قائدة للعمل السياسي الفلسطيني، كفى لتفرد شخص بالقرار السياسي والإداري الفلسطيني، نعم للانتخابات الديمقراطية، نعم للوحدة الوطنية مقرونة بالشراكة السياسية التي تجسدها غرفة العمليات المشتركة، والهيئة الوطنية لمسيرات العودة ورفع الحصار، وتجسدها هذه اللقاءات التشاورية بين معظم القوى السياسية والتنظيمية الحية والفاعلة في قطاع غزة.