يا ترى ما سر تلك النظرة التي ارتسمت على ملامح الشهيد الطفل فارس السرساوي "12عاما"، حين صعدت روحه إلى السماء، أثناء مشاركته في جمعة الثبات والصمود بمخيم العودة شرق قطاع غزة.
نظرات حادة سرقت عقول وقلوب كل من شاهدها، نظرات تبعها تساؤلات كثيرة واستفسارات أكثر، فيا ترى بماذا كان يفكر الطفل الشهيد، وبماذا أخبر ربه الشبل الصغير؟.
نظرات أوصلته إلى حيث الخلود، جنة وفردوس وحور وكل ما يطيب، نظرات وداع دنيا زائلة زائفة، فمن كتب الله له الولادة عام 2006 مع بداية الحصار الإسرائيلي على غزة، لا بد له أن ينال شرف الشهادة قبل انقضاء الحصار.
12 عاماً عاشها الشبل الشهيد بين أهله وأحبابها، خرج إلى الدنيا مع أول صرخة لفرض الاحتلال الإسرائيلي حصاره على قطاع غزة، وعاش التصعيد الإسرائيلي أيام اختطاف شاليط، وعلا صوت بكائه طفلا لم يتعدى السنتين خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2008/2009، ووعي بعض فصول حرب الأيام الثمانية نوفمبر 2012، وأيقن همجية وجبروت المحتل في حرب صيف 2014، فعاش أعوامه الـ 12 بين حصار و3 حروب كبرى.
لم يكن لطفل عاش حياته بين الحروب وظلمة الحصار إلا أن يخبر ربه وقت اللقاء بالظلم الذي حل بالبلاد والعباد، لم يكن للطفل السرساوي إلا أن يخبر ربه أن أهل غزة تمرغوا بالابتلاءات، وتآمر الكبير والصغير والعالم بأسره عليهم.
لم يكن لباسل إلا أن يناجي ربه في لحظاته الأخيرة أن أطفال غزة تجرعوا الحصار، ومرضاهم رحلوا على أسرة المرض، وشبابهم طاحت بهم البلاد شرقاً وغرباً فلم يجدوا عملاً ولم يتعرفوا بعد على حياتهم، فالكل يغط في مستقبل قاتم، يحدوه الأمل بفرج قريب.
نظرات باسل بعد إصابته على الحدود، أوصلته هو بمعية الرحمن نحو الخلود، وكتبت على أهل غزة رسالة الصمود، فكلنا لكسر الحصار جنود، وحتما سنعود لأرض الجدود، هذه وصية شبل الحدود، جنة وفردوس يحلو بها السجود، ولكسر حصار غزة الكل يعمل بالشكل المعهود...