حازت حادثة اختطاف أو اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي مساحة واسعة في التغطية الإعلامية العالمية، مترافقة مع حراك سياسي دولي وإقليمي يسعى بعضه إلى احتواء الجريمة قبل أن تتحول إلى أزمة تؤثر على علاقات نادي الكبار، فيما تحرص أطراف أخرى على استغلال القضية في تصفية الحسابات وجني أرباح سياسية واقتصادية.
نحن الفلسطينيون أكثر من عاش آلام هذه التجربة ولا زلنا نكتوي بجرائم الاختطاف والتغييب القسري والاغتيال، وقد تجرعنا مرارتها من كأس الاحتلال والأنظمة العربية الشقيقة.
تداعيات الاغتيالات السياسية لطالما تركت ندبا عميقة في جسد الدول، وأثرت في مصير شعوب، وأعادت صياغة التاريخ.
من أبرز أحداث التاريخ، اشتعال الحرب العالمية الأولى جراء أزمة دبلوماسية تمخضت عن اغتيال وريث العرش النمساوي المجري، الأرشيدوق فرانز فرديناند، في سراييفو على يد المراهق الصربي، غافريلو برينسيب، في 28 يوليو 1914، أعلنت النمسا والمجر الحرب على صربيا. وسرعان ما سقطت أحجار الدومينو، حيث أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا، وغزت فرنسا ثم بلجيكا، ونتج عن الغزو دخول بريطانيا العظمى الحرب.
ويعد العالم العربي وطنا للاغتيالات السياسية كونه شهد عبر التاريخ أخطر الاغتيالات السياسية كان من أشهرها اغتيال الملك فيصل الثاني عام 1958 وعبد السلام عارف سنة 1966 بالعراق، واغتيال سعيد بن تيمور 1970 بالصومال، وإبراهيم الحمدي 1977 باليمن، واغتيال بشير الجميل 1982 ورينيه معوض 1989 ورفيق الحريري 2005 بلبنان، وأمام الكاميرات تم اغتيال أنور السادات 1981، والرئيس الجزائري محمد بوضياف 1992.
وعليه لا يبدو أن حادثة اغتيال خاشقجي ستكون أقل شأنا من تلك الاغتيالات السياسية التي هز البعض منها العالم أجمع.
فلسطينيا وبالتوازي مع حادثة خاشقجي، هناك جريمة اختطاف قسري جماعي لنحو مليوني فلسطيني في غزة، يتشارك في الجريمة الاحتلال مع فرسان المقاطعة في رام الله، وهي جريمة مرشحة أن تتحول إلى عملية اغتيال جماعي، في حال استكمل محمود عباس عقوباته ضد القطاع نهاية الشهر.
بهذا تكون جريمة اغتيال وطن ليس لها مثيل في التاريخ، فهل تمر؟ أم نتمكن من هز العالم؟!