أكاد أتخيل وجوه قادة الكيان الصهيوني السياسيين والعسكريين وهم يشاهدون لقطات الفيديو لعملية استهداف حافلة جنودهم بصاروخ «كورنيت» انطلق من غزة.
وجوه منتقعة مخذولة شاحبة لا دماء فيها، شفاه مرتجفة، عيون شاخصة، أجساد متسمرة على جلستها دون حراك. يا إلهي.. ما الذي يجري.. عشرات الجنود في مرمى الصاروخ.. لو أراد مطلق الصاروخ أن يأخذهم جميعهم إلى الجحيم لفعل.. إنها الكارثة على رؤوسنا كلنا.
كان مصور لقطات الفيديو المبدع يتلاعب بأعصاب الصهاينة، كأنه كان يتخيل أولئك المجرمين وهم سيشاهدون هذا المشهد، كان يصر على أن يمعن في إهانتهم وإذلالهم، هؤلاء الذين يتقاطر إليهم الأعراب زحفا يتوسلون حمايتهم والدفاع عنهم والتوسط لهم عند السيد الكبير «ترامب».
عملية الكورنيت ستلقي الرعب في قلوب الصهاينة على جميع المستويات؛ السياسية والعسكرية والأمنية والشعبية.
واضح تماما أن تلك العملية كانت رسالة أكثر منها ردا انتقاميا أو أخذا بالثأر لقيادات القسام، فلو كان الأمر كذلك لتحينت الخلية تواجد أكبر قدر من الجنود لحظة إطلاق الصاروخ لإيقاع أكبر خسارة ممكنة.
صحيح أن إيقاع خسائر فادحة في صفوف الصهاينة يعني أن الحرب ستندلع على أوسع نطاق، وأن الرد الصهيوني سيكون كبيرا جدا، لكن ليس هذا هو الدافع الوحيد لهذه العملية المتقنة، فآثارها المرعبة على معنويات الصهاينة سيكون كبيرا جدا تماما لو كان عشرات الجنود قد قتلوا.
هذا يعطينا دلالة على أننا أمام مقاومة تملك كل إمكانيات التفكير والتخطيط الاستراتيجي، وليست مقاومة عاطفية تجنح نحو الثأر والانتقام وفقط.
الرسالة المرعبة تقول إن جنودكم أيها الصهاينة تحت عيني ويدي، وأستطيع تصفيتهم متى أريد، وهذه الرسالة ستسهم بشكل كبير في تشكيل حالة الردع التي تسعى إليها المقاومة، لكف أيدي الجيش الصهيوني عن عدوانه وعربدته.
ستخلف عملية الكورنيت المتقنة والمرعبة جدلا وتراشقا إعلاميا في الكيان الصهيوني، وسيكون نتنياهو ووزير حربه ليبرلمان في مرمى النيران، ليس نيران المقاومة، بل نيران منافسيهم.