بعد محاولات عديدة، وبعد انتظار تعدى الثلاث سنوات، وبعد أن سمح لها القدر بالهروب من ضربات الحرب الموجعة في مدينة إدلب بسوريا، تفاجأت العروس السورية أن الحرب في غزة أقوى وأشد ضراوة عما كان عليه الحال بسوريا.
فبعد دخولها غزة ليومين فقط، سجل الشاب فادي الغزالي لعروسه أول جولة من جولات العدوان الإسرائيلي لها على قطاع غزة، غير أنه لم يجل في خاطرهم أن يكون العدوان بمثابة ألم وحسرة ودمار لمستقبلهما.
العروس سورية
منذ 3 سنوات ويحاول الشاب فادي الغزالي إيصال عروسه السورية من مدينة إدلب إلى قطاع غزة، غير أن العديد من المحاولات باءت بالفشل.
وبعد محاولات عديدة، نجح الشاب فادي في إدخال عروسه إلى قطاع غزة مساء الخميس الماضي، عبر معبر رفح البري.
وما أن دخلت العروس أرض غزة حتى حدد فادي وعروسه موعد العرس، ليكون بعد أسبوع من وصولها، حيث أنه جهز كافة أمور الزفاف، لتكون مفاجأته لعروسه المنتظرة منذ 3 سنوات.
الفرح تحول لدمار
لم يمهل الاحتلال عروس فادي سوى 3 أيام حتى ذكرها بحرب سوريا، لتعيش العروس أول عدوان لها في قطاع غزة، والذي بدأه الاحتلال مساء الأحد 11/11/2018.
ومع تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي على غزة، قصف الاحتلال مساء الاثنين مبنى مجاور لمنزل العريس فادي، الأمر الذي حول شقة الزفاف إلى ركام.
وبعد انتهاء العدوان الإسرائيلي تجول فادي وعائلته في شقته، ليجد الدمار حل فيها بشكل كامل، فلم يتبقى بالشقة سوى حجارة دمرت كل شيء جميل.
وأشار العريس فادي إلى أن الاحتلال سلبه فرحته، وحول عرسه إلى ركام، قائلا :"عرسي بعد 5 أيام، والفرحة كلها تدمرت، قبل يومين تم تركيب طقم النوم، جهاز العروس تم تدميره بالكامل، خطف الاحتلال فرحتنا، ولم يبقي لنا سوى الدمار".
وفي ذات السياق قالت والدة العريس فادي :"حزن كبير حل بنا، كنا نجهز لفرح حتى حولها الاحتلال إلى حزن شديد، العروس منهارة جدا، أحضرنا العروس من حرب لتتفاجأ بحرب جديدة في غزة، وهذا أقصى أنواع الظلم".
تكافل بأبهى صوره
ما أن سمع سكان قطاع غزة بدمار شقة العريس فادي الغزالي من سكان حي الشيخ رضوان بمدينة غزة بفعل قصف الاحتلال لمبنى سكني ملاصق لبيته، حتى تجلت أعظم صور التكافل في قطاع غزة، وأطلق نشطاء الفيس بوك حملة "كلنا حندعم فادي الغزالي" والتي لاقت إقبالاً كبيراً من قبل الشارع الغزي.
المصور محمود أبو حمدة تكفل بتصوير كل مراسم فرح العريس فادي بشكل مجاني، مشيراً إلى أن هذا أقل ما يقدمه كمصور فلسطيني وصاحب ستوديو تصوير أفراح لشاب حول الاحتلال فرحه إلى دمار.
وقدم معرض أرين سنتر بلدة زفاف بيضاء هدية للعروس بدل التي أفسدها القصف الإسرائيلي، كما قدم محل نون للملابس طقم جهاز شتوي للعروس مع كافة مستلزمات فرحها، حيث أوضح صاحب المحل أن التكافل في هذه الأمور يساهم في صمود سكان غزة في وجه الاحتلال.
وتكفل صالون تولاي بكوافير العروس بشكل كامل يوم زفافها، كما قدمت مجموعة الزهرات الست شال مطرز بألوان الفرح هدية للعروس، إضافة إلى وصول العديد من المبادرات الغزية للعروسين.
في كل جولة من جولات الصراع مع الاحتلال يثبت سكان غزة أنهم الأجدر بالحياة، والأحق بالأرض، وأن رسم البسمة على شفاه أبناء القطاع المكلوم عبادة يتقربون بها إلى رب كبير.