يتعرض سوق السجائر والتدخين في الخليج العربي إلى خسائر كبيرة وارتفاعات في الرسوم المفروضة عليه، فضلا عن الملاحقات القانونية بحق المهربين بين دول الخليج.
وبلغة الأرقام، يشهد سوق التدخين في الخليج العربي خسائرا بقيمة 220 مليون دولار، وارتفاع رسومه بنسبة 100 بالمئة، علما أن نسبة 21 بالمئة من المراهقين يتعاطونه، متسببا بـ 70 ألف حالة وفاة، إذ تقدر تكلفة علاج المقلعين عن التدخين 5 مليارات ريال سعودي.
استشاري الأمراض الصدرية، الدكتور خالد العجمي، أكد تزايد سوء الحالة الصحية لدى المدخن كل يوم، بسبب زيادة السموم التي يقوم المدخن بإدخالها إلى جسمه من خلال شربه السجائر المركبة من القطران والنيكوتين، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الضعف الجنسي مرتبط بالتدخين.
المراهقون السعوديون يتعاطون التبغ
وكشف العجمي في حديثه لـ"سبوتنيك" عن أن 21 بالمئة من المراهقين في السعودية يتعاطون التبغ، وتبلغ تكلفة علاج المقلعين عنه 5 مليار ريال، وعدد من يموت كل عام بسبب التدخين يقارب 70 ألف شخص سنويا.
وأشاد العجمي بنظام مكافحة التدخين ولائحته التنفيذية الصادرة عن دول الخليج، وفرض ضريبة انتقائية على التبغ ومشتقاته بنسبه 100 بالمئة.
ويقول: "أسهم رفع الضريبة، وتطبيق نظام مكافحة التدخين في التقليل من تعاطي التبغ في المجتمع، وأتمنى أن تشهد الفترة المقبلة زيادة إضافية في سعر الدخان في كل أنحاء العالم، ومنع التسويق له في المسلسلات والأفلام، ومعاقبة مروجي تعاطي الدخان بصرامة".
وشدد على أهمية البرامج والفعاليات الثقافية والتوعوية التي تنفذها الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة للتعريف بمضار التدخين والمخدرات، وزيادة العيادة المتخصصة للتوقف عن التدخين، ولمساعدة الراغبين في الإقلاع عن التدخين، وللاستمرار في زيادة النتائج الإيجابية، واتساع القدرة الاستيعابية في استقبال الأعداد الكبيرة من المراجعين الراغبين في الإقلاع عن التدخين.
أمريكا روجت للسيجارة بـ 2 مليار دولار
من جهته يقول مؤلف كتاب "التدخين وطرق مميزة لتركه"، الطبيب الدكتور هشام مصطفى هرموش لـ"سبوتنيك": "يجب الاستمرار في استكمال البرامج التثقيفية المرشدة لبيان أضرار التدخين على الفرد والمجتمع، معللا زيادة التدخين واستهلاكه بعدة عوامل من أبرزها سعر السجائر، والإعلانات والتسويق، والتصدير، ويقول أن الشركات الأمريكية المصنعة للدخان دفعت على تسويق شرب الدخان في المجلات — قبل تساهل الولايات المتحدة في تشريعاتها المبينة خطورة شرب الدخان — مبلغ 2 مليار دولار على الإعلان.
وأكد هرموش أن السن الذي تبدأ عنده عادة التدخين ينخفض وهو حاليا 14.5 سنة، وأن 95 بالمئة من المدخنين بشكل منتظم بدؤوا التدخين قبل بلوغهم سن الحادية والعشرين، مشيرا إلى أن الشركات المصنعة للتبغ تعرف ذلك، وعلى هذه المعلومة تطور إعلاناتها لإغراء الأطفال والمراهقين.
مبينا أن عدد المدخنين بشكل منتظم سيموتون بسبب عادتهم هذه، وتابع "كل سيجارة تسلب المدخن 5.5 دقيقة من حياته، أي أن كل علبة تدخين تسلب المدخن 110 دقيقة من عمره."
وأوضح هرموش انعكاس التدخين على الناحية الجنسية عند الذكور البالغين، ويقول: "التدخين يؤثر على حجم قضيب الإنسان، ولا يعني هذا أن القضيب لدى جميع الذكور المدخنين أصغر منه عند غير المدخنين، وإنما التدخين ينقص فرص الإنسان في الحصول على الانتصاب الكامل للقضيب من حيث الحجم، من خلال تضرر الأوعية بسبب التدخين عن طريق تثبيط جريان الدم ما يؤثر على بعض أعضاء الجسم بطريقة سلبية، كالضرر المحدث في القلب بفعل التدخين، وأن هذا التأثير على القلب مشابه بشكل كبير على القضيب مع الأخذ بالاعتبار أن الأوعية الدموية في القضيب أصغر بكثير من الأوعية في القلب بـنسبة 50 بالمئة.
وأضاف: يتمثل الضرر بنقص مستويات الأكسجين في الأوعية الدموية ما يؤثر على مرونة القضيب أثناء الانتصاب، ويعاني المدخنون في غرف النوم وفقا للدراسات التي أكدت أن غير المدخنين يمارسون الجنس 12 مرة في الشهر، بينما يمارسه المدخنون 6 مرات في الشهر.
ولفت هرموش إلى أن التدخين يؤدي لزيادة عمليات الإجهاضات العفوية، وأن وفيات الأطفال ما حول الولادة تزداد بنسبة 10 بالمئة، وأن 4600 طفل يموتون سنويا في أمريكا بسبب تدخين أمهاتهم.
من جانبه أوضح الباحث الاقتصادي، الدكتور أحمد آل عطية، زيادة قيمة واردات التبغ للسعودية لـ13 مليار ريال خلال السنوات الأخيرة.
السوق السوداء… ضياع عائدات وتهرب ضريبي
وبين آل عطية وجود سوق سوداء في الخليج بعد رفع أسعار السجائر، وبيع غير مشروع في المناطق الحدودية، وتهريبه من دولة الكويت بإعطاء كل مسافر "كرزين" لإيصاله إلى السعودية، ويعاقب القانون الكويتي من يضبط بتهمة تصدير الدخان المستورد بكمية كبيرة، وشهدت السوق السوداء في دول الخليج العربي بيع 700 مليون سيجارة، وبلغت الضرائب المهدورة جراء السوق السوداء لعام 2018 قرابة 220 ملايين دولار، والسعودية الأعلى نسبة في السوق السوداء بنسبة 6.6 بالمئة.
وأوضح الباحث الاقتصادي تباين كمية استهلاك السجائر في السوق السوداء، والأسواق المرخصة، ويقول: "انخفضت كمية استهلاك السجائر في الأسواق المرخصة لـ 27.5 مليار سيجارة في عام 2017، من 34 مليار سيجارة عام 2015، وارتفع الاستهلاك في السوق السوداء من 484 مليون سيجارة في عام 2016 إلى 571 مليون في عام 2017.
يشار إلى أن السعودية تقيم حملات توعوية ومحاضرات متخصصة ومعارض في التعليم والأماكن العامة تبين الأضرار الصحية والاجتماعية لآفة المخدرات وتأثيرها على المتعاطي وكذلك طرق الوقاية منها، يقدمها مختصون من وزارة الحرس الوطني (إدارة مكافحة المخدرات بالحرس الوطني، وكذلك إدارة التوجيه والحرس الوطني)، واللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات نبراس، والجمارك السعودية والهلال الأحمر السعودي، ووزارة الصحة، ومستشفى الأمل، ومستشفيات وبرنامج توعوي وقائي لجمعية "كفى".