دائمًا ما اقترن اسمُ غزّة بالدّمار والألم، بالعجز والفقر، مرّ الكثير منّا بهاشتاجات كُثر كـ #غزّة_تحت_القصف، و #اعمار_غزة، #غزة_المُدمرة، والكثير من هذا القبيل، مما نسج طابعًا سلبيًا عن غزّة، وكآنها مدينة أُبيدت بالكامل، وتفتقر لكل معالم الجمال والحياة.
ولكن الكثير من مصوري غزة عملوا جاهدين على طمس هذه "السّلبية" التي اقترنت بالمدينة، ونقلوا صورًا أخرى مليئة بالإيجابية والحياة، فكانت لهم بصمّة في جعل غزّة كما لم نشاهدها.
إبراهيم فتحي، شاب ثلاثيني طّموح، عمل على جعل غزّة مدينة ساحرة إذا ما قورنت بغيرها من المُدن، واخترق بأعماله وصوره كل الحواجز والحدود، وتحدى بها حصارًا إسرائيليًا على القطاع منذ أكثر من 12 عامًا، نشأ وترعرع في مدينة غزّة، واتّخذ من صوره بوابة تُخرجه إلى العالم الفسيح الذي لطالما تمنّى أن تلتقطه عدسته.
ويتحدث ابراهيم فتحي لـ “فلسطين الآن" قائلا "الأماكن في غزة محدودة جدا، وأن تقوم بعمل إبداعي يحتاج لتحد كبير لتخرج بنتائج مُرضية، ورغم ذلك فإن أغلب أفكاري مُستوحاه من الطبيعة باختيار أجواء وزوايا مختلفة".
ويُضيف فتحي "من المُلاحظ لدى الكثيرين ممن يسكن غزة أن هنالك الكثير من الأماكن الطبيعة التي لا يُسمح بدخولها بسبب قُربها من المناطق الحدودية؛ ما يحدّ من حرية الحركة والاكتفاء بمناطق تكاد تكون مُبتذلة للكثيرين، وأشدنا حنكة من يستنبط أفكارًا لم يأتِ بها مصور آخر".
ويُشير إبراهيم إلى أن غزة "مدينة وافرة حافلة بالكثير من الفنانين والمميزين، وكل منهم لديه ذائقة تميّزه عن الآخر، ولا أُنكر فضل الكثير منهم عليّ بوقوفهم بجانبي ودعمهم المُستمر لي، وهذا ما يجعلني أقف احترامًا وتقديرًا لكل ما منحوني إياه من دعم وقوة لأصل إلى ما أنا عليه الآن".
وتابع "الناظر إلى أعمالي يظنّ للوهلة الأولى بأن لدي معدّات تصوير ذات جودة عالية النظير، وهذا ما يُميّزني، فأنا لا أملك إلا كاميرا شخصيّة جلّ اعتمادي عليها، وما شدّ من أزري عملي على إنماء خبرتي والتي تحتاج إلى جهد مُضاعف لإتقانها".
وأوضح أن عمله في مجال التصميم الدعائي والإعلاني لمدة 15عامًا ساهم بشكل كبير في إنماء خبرته وتسهيل عمله في التصوير.
وبلا شك فإن الحصار الإسرائيلي من جهة وإهمال الجهات المسؤولة من جهة أخرى إزاء الشبان المتميزين بغزة كإبراهيم وغيره من المصورين يفتك بأحلامهم في غزة، ويشكل عقبة أمامهم في تحقيق آمالهم وطموحاتهم بالوجه الذي يريدون.
إبراهيم فتحي وبحلمه الخجول الذي يريد من خلاله أن يرفع علم بلاده عاليًا بوصوله للعالمية في مجال التصوير شارك بالكثير من المعارض، منها 3 في الضفة الغربية وآخر في اسطنبول.
ولفت المصور الغزّي إلى أن أعماله ستصل قريبًا إلى الولايات المتحدة الامريكية في إحدى الجامعات التي تدعمها الجالية الفلسطينية هناك، ناهيك عن تأهل إحدى لوحاته للمرحلة الثانية في مسابقة روسية عالمية تشارك فيها أكثر من 160 دولة حول العالم.
غزة عظيمة بشبابها، باذخة الجمال والعطاء، هي قطعة من الجنة لمن ينظر إليها بمنظور الانتماء والولاء للوطن، هذه هي المفاهيم التي يحاول المصور فتحي أن يُرسلها عبر صوره المذهلة أولًا لأبناء وطنه وللعالم الخارجي ثانيًا.
وأضاف "رسالتي للعالم أجمع أننا بلد نُحب السلام والجمال ونستحق أن نعيش بكرامة مثل باقي الشعوب".
ويختتم فتحي رسائله موجها إياها لأبناء مدينته قائلًا "لا تفقدوا الأمل، فبلادنا من أجمل بلاد العالم، والجمال شائع في جميع أركانها مهما كان بسيطًا؛ لكنه يحتاج بعض الاهتمام منكم".