في قلب مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة، وبين المحلات التجارية بشارع القسام، تجد عشرات الشباب على أبواب المحلات منهمكين في "تلقيط الملوخية" وتجهيز الطعام ضمن فعاليات تكية أهل الخير بالمخيم.
وعلى غرار تكية أهل الخير بمدينة خليل الرحمن بالضفة الغربية المحتلة، قرر عدد من شباب مخيم النصيرات تنفيذها واقعًا لإغاثة الفقراء في القطاع المحاصر.
ما يزيد عن 30 متطوعًا يعملون في تجهيز وتوفير الطعام لفقراء النصيرات، حيث يعمد الشباب المتطوع على التبرع بجهدهم من أجل خدمة فقراء مخيمهم، وتوفير الطعام لهم كلما تسنى لهم الأمر.
جهود ذاتية
ويختلف عمل تكية أهل الخير في مخيم النصيرات عن غيرها من تكيات الخير في فلسطين، حيث يفرض الحصار الإسرائيلي نفسه على طبيعة الطعام المقدم للفقراء، فتارة يتوفر اللحم، وتارة الخضروات، وتارة البقوليات، فنوع الطعام لا يعتبر شرطًا في عمل التكية.
المتطوع أبو أنس الطويل (40 عاماً) ذكر أن "تكية أهل الخير" بالنصيرات تأسست مطلع عام 2018 بجهود ذاتية من أجل إغاثة فقراء المخيم باعتباره ثاني أكبر مخيم للاجئين في قطاع غزة.
وأوضح الطويل في حديثه لـ"فلسطين الآن" أن عمل تكية أهل الخير بالنصيرات يقوم على التبرع الذاتي من أغنياء المخيم لفقرائهم، حيث تعتبر التكية وسيلة للتكافل الاجتماعي بين سكان المخيم الواحد.
مدير تكية أهل الخير بالنصيرات ماجد زريد أوضح أن "نحن مجموعة من الشباب أردنا إيجاد طريقة لخدمة أبناء شعبنا في الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزة بسبب الحصار، فوجدنا أن أفضل ما يمكننا فعله هو تأسيس مطبخ يقدم الطعام لأسر فقيرة ومهمشة".
وحول آلية تمويل التكية، قال زريد "لم نكن نملك أي إمكانات لإطلاق المشروع، فبحثنا عن ممولين ولكن دون جدوى، لذا توجهنا إلى مواطنين لم يتضرر دخلهم، كبعض موظفي القطاع الخاص، وبهذه الطريقة جمعنا تبرعات بسيطة، إضافة إلى تبرعات عينية ببعض المعدات المطلوبة للعمل، وهو التي يشملها مطبخ التكية".
طعام متنوع
الشاب علي أبو شاويش الذي يعمل في محل لبيع الملابس بجوار "تكية أهل الخير" بالنصيرات، أشار إلى أنه يقوم بالمساهمة في إعداد الطعام للفقراء بفعل ضعف الحركة الشرائية، وفترات الركود الكبيرة التي يعيشها سكان قطاع غزة.
ولفت أبو شاويش إلى أنهم ينوّعون طهي الطعام في التكية بأصناف عدّة منها (الملوخية، ورأس الزهر، واللحم، والأرز، والعدس، والفاصولياء) وغيرها من المأكولات اليومية للمواطن الفلسطيني.
ووصف إقبال الفقراء وذوي الحاجة على "تكية أهل الخير" بالكبير، منوهًا إلى أن الفقراء والمحتاجين لا ينظرون إلى نوع الطعام بقدر ما يحرصون على توفير قوت اليوم لأطفالهم.
ويستفيد من "تكية أهل الخير" ما يزيد عن 100 عائلة من مخيم النصيرات بشكل يومي، حيث كانت ولا تزال ملاذًا آمنًا لتوفير الطعام لأبنائهم، في ظل غياب الاهتمام الرسمي بأحوال الفقراء، وسوء الأوضاع الاقتصادية في القطاع المحاصر إسرائيليًا منذ أكثر من 12 عامًا.