الخميس الماضي يوم ليس كباقي الأيام، وهو يوم الضفة الغربية بامتياز، وأعاد لها الاعتبار لما شهده من أحداث لخصت المشهد هناك، إضافة لما تبعه والذي يمكن وضعه ضمن سياقات متعددة وفي نقاط محددة تشمل الفعل ورد الفعل ومشاهد البطولة والتي تتلخّص في الأحداث التراكمية.
الشهيد أشرف نعالوة الذي قتل المستوطنين في مستوطنة "بركان"، ووفرت له الحاضنة الشعبية ليواصل الاختفاء أطول مدة ممكنة، وهذا أمر طبيعي، وهو يراكم لمن بعده أن يبقى مدة أطول، وخاصة أن الاسم والصورة معروفة للجميع، بينما سيكون من الصعب أن يحدث ذلك في عملية رام الله التي لا زال منفذوها غير معروفين ما يساعد في اختفائه أطول مدة، ومن الوارد جدًا عدم الوصول إليهم. بينما الشهيد صالح البرغوثي سليل العائلة المناضلة والمجاهدة الفلسطينية الذي نفذ عملية مستوطنة "عوفرا" بمهنية واحتراف كبيرين، مثّل نموذجًا آخر للمقاوم المدرب الذي نفذ عمليته بهدوء، وانسحب، لحين الوصول إليه، وهذا متوقع في بيئة تقوم على ملاحقة المقاومة من الاحتلال والأجهزة الأمنية، وأمام الكاميرات، وينتمي لعائلة مجاهدة ومناضلة معروفة.
في الحالات الثلاث وغيرها ما لم يعلن، تكون المقاومة في الضفة انتقلت إلى مرحلة مهمة جدًا، توجت بما أعلنته كتائب القسام أنها تقف خلف عملية أشرف وصالح، وهو الإعلام الأوضح والأسرع بهذا الشأن، مما يدلل على أن القسام بإعلانه عن العمليتين بعد استشهاد المنفذين، أعاد قدرته العسكرية لتوجيه مزيد من الضربات، وهي دعوة لخلاياه هناك بالدخول في مرحلة جديدة نحو المواجهة. العمليات المسلحة وقبله التفجيرية هي أكثر ما يرعب الاحتلال، والشجاعة والمهارة التي تم فيها تنفيذ العمليات يشجع غيرهم على المبادرة كما حدث الجمعة في عملية رام الله وإصابة الجندي بضربة في رأسه من قبل شاب ما تسبب بإصابات حرجة له، وخروج المنفذ بسلام.
كل ذلك يدلل على حالة إمكانية تنفيذ عمليات واردة وممكنة وبمهارة عالية، شهد لها قادة عسكريون إسرائيليون أنها الأقوى منذ سنوات، وأن الشهيد أشرف لقي دعمًا ومساندة شعبيين واسعين لما قام به، وكذلك إخفاؤه، مما يفسر طول مدة اختفائه، وهو ما تقدم عليه فصائل المقاومة خلال الفترة القادمة، وقد تكون أيامًا أو أسابيع مرعبة للاحتلال. تمكنت حماس في ذكرى تأسيسها، أن تقول لإسرائيل: إن كل محاولات استئصالها في الضفة قد فشلت، وأن حاضنتها الشعبية حاضرة وتتسع في الضفة، هو ما ظهر في مدينتي الخليل ورام الله، وأن الاعتداءات الوحشية التي قامت بها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة لن تؤثر على ذلك، خاصة أن المشاركة كانت من قطاعات عدة وفصائل متعددة، ومنها الجهاد الإسلامي التي اتهم فيها الأمين العام للحركة زياد النخالة أن السلطة تريد أن تحول غزة لنموذج من الضفة الغربية التي تتعاون مع الاحتلال.
يوم الرعب هو الوصف الدقيق للأيام التي سيعيشها الاحتلال في ظل ما يتوفر من معطيات، وأن الضفة انتقلت من العمل الفردي الذي كان سائدًا، إلى العمل المنظم الفصائلي ويتركز في الضفة الغربية والقدس، ضد الجنود والمستوطنين، فضمن سياسة جديدة تنسف المنظومة الآن هناك. يحاول الاحتلال الهروب من أيام الرعب بحرف البوصلة نحو غزة، ونقل فشله، باتهام حماس في غزة بأنها تقف خلف تلك العمليات، وهذا أمر اعتاد عليه الاحتلال، وقام بتنفيذ عمليات عدوانية سابقة تحت هذا المبرر، وبكل الأحوال وبغض النظر عن اتهامه، هناك ضرورة ملحة للحذر في غزة خشية أي غدر وعدوان، سواء تنفيذ عمليات اغتيال أو عمليات آنية معقدة تزعزع الأمن.