لن أدافع عن شخص "محمد دحلان"، فمن يخطئ بالبينة والدليل، عليه أن يتحمل مسئولية خطئه، ولا بأس أن يكون العقاب من صنف العمل، ولن أرفع السيف دفاعاً عن رجال دحلان، فما زال الدم يشرُّ من رواتب الموظفين المقطوعة، وما زال الحبر الذي وظفوه للتشهير بشرفاء فلسطين موجوداً على عشرات المواقع التابعة لهم حتى يومنا هذا. ولكنني سأقول كلمة حق من أجل فلسطين، سأقول: إن محمد دحلان ظاهرة سياسية من إفراز الحالة التنظيمية الفلسطينية التي تقدس الفرد، وتصنع الزعيم، وتحضُّ على حياة القطيع. إن "محمد دحلان" موجود في كل موكبٍ قيادي، وإن نهجه ما غادر الساحة، ولم يبرح الفضائيات، وهو قائم وسط قيادتنا السياسية رغم اختلاف الأسماء، وسيواصل الحضور في حياتنا السياسية من خلال الوجوه الكثيرة، التي صفقت لمحمد دحلان، أو ارتعبت منه. وكلاهما من لحم رقبة "محمد دحلان" وبعض شحمه، حتى لو تخفوا بالقناع، وإن غيروا ألوانهم، وإن قشروا جلودهم، سيظل ملمسهم السياسي خشناً طالما اعتمدوا المفاوضات مع (إسرائيل) طريقاً وحيداً، وطالما كان المؤتمر السادس لحركة فتح ـ الذي عقد في بيت لحم ـ هو النموذج الأمثل لاختيار أعضاء المجلس الثوري، وتزكية أعضاء اللجنة المركزية. "محمد دحلان" ليس فرداً منبت الجذر، إنه النظام السياسي الفلسطيني برمته، وإنه العمل التنظيمي الفلسطيني الذي انهزم في الأردن، والنشاط العسكري الذي رحل عن لبنان، وتفرق في تونس، وكسر بندقيته، وعاد إلى الوطن تحت الراية (الإسرائيلية)!. إن كل من يسعى لصب النار على سيرة دحلان الشخصية، وتحميله المسئولية، والادعاء بأن بتره سيعافي الجسد السياسي الفلسطيني، فقد ضل ضلالاً مبيناً، فالجميع شركاء دحلان، والغالبية خلّانه، ومعظمهم خريج الأكاديمية نفسها التي تخرج منها دحلان، ولهذا لن يسهم قطع ياقة القميص في تنظيف الثوب الذي لوثته بالدنس كل تلك السنوات من تواصل المفاوضات مع (إسرائيل). فانتبهوا يا أولي الألباب للخبر الذي نشرته بعض المواقع، ويقول: مشاورات جرت خلال الأيام الماضية بين غزة ورام الله تهدف إلى إسقاط عضوية "دحلان" من المجلس التشريعي، وتوقع البعض أن ينعقد المجلس التشريعي بغزة والضفة فور تقديم السلطة الفلسطينية لائحة اتهام ضد "دحلان" وبدء النائب العام الفلسطيني عملية التحقيق معه. لو صح هذا الخبر، فإن دلالته تعني تبرئة النهج واتهام الفرد! ولاسيما أن خبراً آخر يقول: إن دحلان سيحاسب على قضايا سياسية ومالية وأمنية وأخرى تتعلق بمحاولة الانقلاب على السلطة في رام الله. فانتبهوا يا أولي الألباب إلى أن التهم السياسية والمالية والأمنية يلتقي عليها جميع المسئولين الفلسطينيين بشكل مباشر أو غير مباشر، بينما التهمة الوحيدة التي يمكن أن يتبرأ منها البعض هي: محاولة الانقلاب على السلطة في رام الله. وانتبهوا يا أولي الألباب إلى أن المصريين حين أطاحوا بشخص حسني مبارك، أدركوا أنه ظل مسيطراً على مناحي حياتهم من خلال النظام، لذلك احتشد العرب المصريون ثانية في ميدان التحرير كي يسقطوا النظام؛ الذي جعل من حسني مبارك فرعوناً!. فهل محاكمة شخص "محمد دحلان" تعني الإطاحة بالنظام!؟
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.