26.62°القدس
25.91°رام الله
26.08°الخليل
26.37°غزة
26.62° القدس
رام الله25.91°
الخليل26.08°
غزة26.37°
الخميس 03 أكتوبر 2024
5.01جنيه إسترليني
5.33دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.78دولار أمريكي
جنيه إسترليني5.01
دينار أردني5.33
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.78

الاقتصاد الإسرائيلي وتحدي اتساع الفجوات الاجتماعية

عماد أبو عوّاد
عماد أبو عوّاد
عماد أبو عوّاد

تُعرفُ «إسرائيل» باقتصادها القوّي، فكما أنّ ساستها دأبوا على التفاخر بقوّة جيشهم العسكرية، فإنّهم كذلك لم يتوقفوا عن التفاخر باقتصادهم القوي، الذي استطاع الصمود في ظل أزمات اقتصادية عالمية بدأت في العام 2008، ولا زالت رحاها تطحن اقتصادات بعض الدول إلى يومنا هذا.

رغم ذلك فإنّ «إسرائيل» تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الفقراء، بالمقارنة مع الدول المتقدمة التي تقارن «إسرائيل» نفسها بها، حيث ارتفعت نسبة الفقر من 19% عام 2016 (مؤسسة الضمان القومي، 2017)، إلى نحو 23% في العام 2018 ، علماً أنّ هذا يأتي وسط انتشار الفقر، بين فئات الحريديم والعرب، واليهود الشرقيين والقادمين من اثيوبيا بنسب أعلى بكثير من يهود الغرب.

ووفق استطلاعات الرأي، التي يُعدّها المركز الأهم في هذا الجانب في «إسرائيل»، مركز الدمقراطية الإسرائيلي، فإنّه ولأول مرة احتلّت الفجوات الاجتماعية المرتبة الأولى من حيث أنّها الأهم، والتي يجدر على الحكومة متابعتها كأولوية أولى، وقد جاءت النتائج على النحو التالي (هيرمان، 2018):

ما هي الأولوية الأولى التي على الحكومة متابعتها عام 2019 ..

تضييق الفجوات الاجتماعية 22%.

تحسين الواقع الاقتصادي 18%.

القضاء على الفساد 16%.

زيادة وحدة الشعب 14%.

تقوية الجيش 12%.

التوصل لسلام مع الفلسطينيين 6%.

ووفق معطيات (OESD) فإنّ «إسرائيل» ذات الاقتصاد القوي، تُعاني من وجود فجوات اجتماعية كبيرة، ساهم بها ارتفاع تكلفة السكن في الدولة، إلى جانب نسبة الفقر المرتفعة وغلاء المعيشة، الذي يُعتبر أعلى من المعدل في تلك الدول، ويُذكر أنّ قضية غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف السكن، هي التي جاءت بموشيه كحلون وحزبه «كولانو» إلى الساحة السياسية، بعشر مقاعد بهدف مواجهتها.

كحلون والحكومة الإسرائيلية، ورغم المحاولات الدؤوبة لم يفلحا في الحد من توسع الفجوات الاجتماعية، فعلى مستوى توفير السكن بقي غالبية الشباب من دون ال35 عام دون شقة سكنية خاصة، وغالبية الأزواج الشابة لا يمتلكون شقة، وفي الوقت الذي كان الشاب الإسرائيلي، يحتاج إلى 60 راتب لشراء شقة قبل 30 عام، فإنّه اليوم بحاجة ل220 راتب لشرائها، في ظل الحديث عن نقص 135 الف شقة في «إسرائيل» .

وتُشير المُعطيات أيضاً إلى فرق كبير في الدخل، بين اليهود الغربيين من جهة، واليهود من الأصول الأخرى، هذا إلى جانب أنّ الرجال ذوي دخل أعلى بكثير من النساء ، الأمر الذي خلق فجوة اجتماعية بين طبقات مختلفة، والأهم من ذلك، أنّ الطبقة الوسطى في الدولة العبرية تزداد ضعفاً، وفق مُعطيات مقلقة للكنيست الإسرائيلي ، الأمر الذي بات يُشير إلى ارتفاع طبقة الفقراء بنسبة كبيرة، فيما الطبقة الغنية بنسب أقل.

فشل الحكومة الإسرائيلية الحالية في التعاطي مع هذا الملف، أثر بشكل كبير على الحزب الذي جاء إلى الكنيست بحملة انتخابية لتحسين الأوضاع المعيشية وتقليص نسبة الفقر، حيث فقد حزب كلّنا نسبة 50% من قوّته (استطلاع ويلا، 2018)، بعد فشله الكبير في هذا الملف، وزيادة أسعار الشقق وارتفاع تكلفة المعيشة.

هذا الملف سيكون من الملفات الثقيلة التي ستواجهها الحكومة الإسرائيلية في العام الجاري، وسيكون له انعكاسات على انتخابات 2019، حيث وفق الترجيحات أنّ الحكومة الإسرائيلية لن تستطيع تقليص الفجوات التي باتت تترسخ في المجتمع العبري، لكنّها من الممكن أن تنجح في ايقافها عند هذه المستويات.

والأهم من ذلك أنّ الفجوات الاجتماعية، مرتبطة بطبيعة الحكم الذي يُسيطر عليه اليهود الغربيين، فيما الشرقيون اللذين يُشكلون 50% من الدولة، يُعانون من الدونية في دولتهم، فلك أن تتخيل أنّه لم يصل لرئاسة الوزراء، أو الشاباك أو الموساد أي شخصية من أصول يهودية شرقية، هذا إلى جانب أنّ دخل الغربي أعلى من الشرقي بنسبة 20%، وغالبية الوظائف العليا يشغلها الغربيين بنسب تفوق نسبتهم في الدولة بكثير .

في خضمّ الحديث عن تفاقم هذه الأزمة، فإنّ فرص نجاح الحكومة الإسرائيلية بمواجهة ذلك ضعيفة، وذلك نابع من حقيقة أنّ الفوارق الاجتماعية في الدولة هي فوارق متجذرة منذ نشأة الدولة، ولها انعكاسات سياسية-اقتصادية على الدولة، ويُضاف إلى ذلك أنّ الحريديم اللذين يُشكلون 10% من الدولة، في غالبيتهم لا يعملون ويتفرغون لتعلّم التوراة، الأمر الذي سيبقيهم تحت خط الفقر من جانب، وسيستنزف الدولة من خلال الانفاق عليهم من الجانب الآخر.

وفيما يتعلق بالسكن، فإنّ مُعطيات اللجنة المركزية تُشير أنّ المساحات الداخلية لن تسمح بمشاريع بناء تحل المشكلة، الأمر الذي سيُبقي أسعار الشقق مرتفعة، خاصة في ظل فشل مشاريع إسكان النقب. وهذا الأمر قد يكون مقلقاً من الناحية الفلسطينية، حيث من المُمكن أن تُقدم الحكومة الإسرائيلية على البدء بحلّ ذلك من خلال مشاريع اسكانية في مستوطنات الضفة، والتي تُعتبر ذات تكاليف قليلة بالمقارنة مع الداخل المُحتل.