لم تنجح محاولة بعض الجهات في اسرائيل ربط التصعيد على حدود غزة مع عوامل خارجية وأوامر ايرانية ، حيث بادرت الدوائر الامنية في اسرائيل و كما جاء في صحيفة هآرتس وعلى لسان المراسل العسكري لشبكة كان روعي شارون بأن سبب التصعيد هو إضراب اسرى الجهاد الاسلامي في سجن عوفر ، و لمزيد من الدقة فإن السبب هو قيام جهات أمنية ذات مصلحة ضيقة في وزارة الأمن الداخلي التابعة لأردان وإدارة مصلحة السجون بالاعتداء على الاسرى الفلسطينيين والذي بدأ بأسرى الجهاد الاسلامي ، وما لبث ان انتقل الى كل اسرى الشعب الفلسطيني . تعتقد هذه الجهات العدوانية بان الاسرى الفلسطينيون يعيشون في فراغ ، وان الاعتداء عليهم لن يكون له أي تداعيات ، ويبدو انهم قد نسوا اضراب الاسرى الاداريين الذي أدى الى تأثير الدومينوز و دحرج الامور حتى وصلت الى حرب عصفت باسرائيل لمدة 51 يوما في 2014 . من الممكن ان يتعلم المستوى الامني و السياسي في اسرائيل درسا هاما مما حصل من تصعيد في غزة في 22-1 ، يقضي بان المساس أو الاعتداء على الاسرى بشكل همجي يعد مساً بأمن المنطقة و امن اسرائيل على وجه التحديد ، و بناءً عليه فقد تتغير قواعد اتخاذ القرار فيما يتعلق بالاسرى ، بشكل لا يسمح لعوامل و جهات ذات مصلحة ضيقة باتخاذ قرارات لها تأثيرات وأبعاد و تداعيات على مصالح اسرائيل و المنطقة الأمنية . من غير الواضح ما ان كانت رصاصة القناص التي أصابت خوذة قائد سرية في الجيش الاسرائيلي ، و كادت ان تودي بحياته ( 22-1 ) تنسجم مع قواعد إطلاق النار والتفاهمات التي توصلت اليها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي بوساطة مصرية ، و لكن الواضح تماما ان الاسرى الفلسطينيون يحتلون مكانة عالية ً و احتراما خاصا في صفوف ابناء شعبهم الفلسطيني و كافة فصائل المقاومة الفلسطينية ، و تحديدا في هذه الحالة سرايا القدس و حركة الجهاد الاسلامي ، لدرجة جعلت مقاتلي الجهاد يستهدفون ضابطا اسرائيليا ويعرضون المنطقة للتصعيد ، و قد يكون ذلك لإدراكهم ان هذا التصعيد محدود ، و قد يكون مفيدا للرد على سلسلة الاعتداءات والمماطلات الاسرائيلية في كل ما يتعلق بتفاهمات غزة و الاسرى أيضا . من جهة أخرى فقد أظهر الحادث و ما تبعه من ردود اسرائيلية مبالغ فيها كالعادة من ضرب مواقع تابعة للمقاومة مما أدى لاستشهاد و جرح فلسطينيين ثم قرار نتنياهو بوقف إدخال الاموال القطرية لغزة ، حجم الهم الوطني و تحديدا في قضية الاسرى الذي يتحمل أعباؤه الفلسطينييون في قطاع غزة بكل فخر و اقتدار ، و ذلك في وقت تخلى فيه الكثير من العرب والفلسطينيين و خاصة المستويات القيادية عن قضايا وهموم شعبهم لمصلحة شؤون و قضايا خاصة او ضيقة او مغلوطة . و هكذا أظهر حادث التصعيد ان قضية الاسرى هي أمن قومي فلسطيني ، و ان المساس بالاسرى داخل السجون و الاعتداء عليهم دون وجه حق كما حصل في عوفر قبل يومين سيمس ايضا بالامن القومي الاسرائيلي ، وقد ادرك ذلك سابقا الكثير من القادة و المؤثرين في اسرائيل ، فهل سيدرك ذلك الوزير أردان و من على شاكلته؟
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.