ربما لم يتعرض للشيطنة مصطلح مثله في عالمنا العربي في تاريخه الحديث.
إنه الربيع العربي الذي كيلت له أبشع الاتهامات من كل حدب وصوب.
لا الفقر ولا البطالة ولا الفساد ولا القمع ولا الاستبداد ولا الإلحاد ولا حتى الاحتلال تعرض للشيطنة والتشويه كما تعرض له الربيع العربي!!
ميزانية ماكينة الدعاية والإعلام التي صرفت لتشويه الربيع العربي وشيطنته، وكذلك ميزانية صناعة التيارات والشخصيات والجمعيات المناهضة للربيع العربي، تكفيان لحل مشاكل العباد في بعض الدول كالسودان التي دخلت على الخط حديثا في حملة شيطنة وتشويه الربيع العربي.
الربيع العربي كان حلما جميلا للشباب والشعوب العربية عنوانه الحرية والكرامة والعيش الرغيد، وهي ثلاثية المفروض أن يكون توفيرها لهم هي الوظيفة الأساسية للأنظمة الحاكمة التي حكمتهم عشرات السنين.
ليس الربيع العربي ومطالبة الناس بالحرية والكرامة هو السبب في الفوضى التي تعيشها بعض البلدان العربية، بل السبب هو تعنت الأنظمة ورفضها توفير الحرية والكرامة لشعوبهم وشبابهم، ورفضها العيش مع هموم شعوبها، والإصرار على العيش في أبراج عاجية محفوفة بمجموعات طفيلية منافقة فاسدة، وتجاهلهم لواقع شعوبهم المزري، وإصرارهم على أنهم زعماء ملهمون لا يخطئون أبدا، حتى انعكست الآية فتحولت الشعوب إلى خدم لهم، بدل أن يكونوا خدما عند لشعوبهم.
يروى أن عمر بن الخطاب رأى نارا في أطراف المدينة فذهب يستطلع الأمر فوجد امرأة وحولها صبية يبكون من الجوع وهي تشغلهم بقدر ماء على النار فارغ من الطعام، فلما رأى عمر ذلك أسرع إلى بيت مال المسلمين وحمل طعاما فصنعه للأطفال حتى أكلوا وشبعوا، فقالت له المرأة وهي لا تعرفه: أنت أحق بالأمر من ابن الخطاب الذي نسينا.
لخصت المرأة العربية مصدر الحق في الحكم وهو خدمة الناس، فمن يخدمهم يكون أحق بحكمهم.