25.55°القدس
25.16°رام الله
24.42°الخليل
26.47°غزة
25.55° القدس
رام الله25.16°
الخليل24.42°
غزة26.47°
الخميس 03 أكتوبر 2024
5.01جنيه إسترليني
5.33دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.78دولار أمريكي
جنيه إسترليني5.01
دينار أردني5.33
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.78

سجن عوفر إذ يقتحمه اليهود بالقوة

علي العتوم
علي العتوم
علي العتوم

يقع هذا السجن البغيض على أراضي بلدتَي: بيتونيا ورافات غربي مدينة رام الله. وقد بُنِيَ زمانَ الاحتلال الإنجليزي، ثُمَّ انتقلَ إلى الحكم الأردني بعد ضياع فلسطين الأول عام 1948م ومن ثَمَّ بعد ضياعها الثاني عام 1967م إلى سلطة ياسر عرفات ومنه إلى خلفه محمود عباس. وفيه من المعتقلين ألفٌ ومئتا سجينٍ، منهم مئةٌ من الأطفال. وقد أطلق المعتقلون عليه لسوء الخدمات فيه (غوانتنامو) أو الأحمر.
وبديهيٌّ، أنّ المعتقلين في هذا السجن أو في غيره من السجون في الأرض المحتلّة، قومٌ أحرارٌ لا ترتاح نفوسهم لحظةً أنْ يروْا في أرض أسلافهم محتلاًّ لها، مما يدفعهم إلى أنْ يُقاوِموا هذا المحتل بشكلٍ مّا، كلمةٍ أو أداةٍ أو اشتراكٍ في مظاهرة أو انتماءٍ لإحدى الفصائل المقاوِمة التي ترفض الاعتراف بكيان اليهود الغاصب، وتتخذ من المقاومة سبيلها الأولى في الاعتراض على هذا الاحتلال، فما يكون من اليهود عندها، إلاّ أنْ يزجّوا بهؤلاء في السجون قمعاً لمقاومتهم وكبتاً لنفوسهم الأبية.
وماذا ننتظر حينها من اليهود، إذْ يزجّون بأحرار البلاد في المعتقلات داخل أراضيهم وهم ألأَمُ خلق الله وأعدى أعداء المؤمنين، إلاّ الكيدَ والخُبْثَ واللؤمَ والقسوةَ، وهم يخشوْن على مُلْكهم الحرام وكيانهم السارق من الكلمة أو الحركة، وخاصةً إذا طالبَ هؤلاء السجنى بما هو حقٌّ طبيعي لهم كتحسين طعامٍ أو أريحيّة خروج للتشميس أو تسهيل زيارة لأهل أو تيسير أمور لمعالجة، وما إلى ذلك.
قبل عشرة أيام من الآن، قام ما يُسمّى بإدارة مصلحة السجون عند اليهود وبأمر مما يُدْعَى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان بتوجيه أربعٍ من وحدات القمع باقتحام هذا السجن، مستخدمة فيه الرصاص المعدني المُغلَّف بالمطّاط، والغاز المُسيِّل للدموع وغاز الفلفل والقنابل الصوتية والهراوى والكلاب البوليسية مما نتجَ عنه إصاباتٌ بالغة في صفوف المعتقلين من عمليات اختناق وكسور وجروح نتيجة الضرب المُبرِّح بالهراوات والرصاص المطّاطي، إذْ بلغ عدد المصابين في هذه الهجمة الوحشية نحو مئة وخمسين أسيراً.
وقد جاءت هذه الغارة اللئيمة نتيجةَ مطالبة الأسرى بأبسط حقوقهم التي أشرتُ إليها آنِفاً، وإثرَ إرجاع بعضهم الطعام الذي قُدِّمَ إليهم أو احتراق بعض الخيم أو الحُجَر في معتقلهم. ويبدو أنَّ مثل هذه المعاملة الوحشية للأسرى في الأراضي المحتلة ليست قسْراً على سجن عوفر، وإنّما هي سياسةٌ متَّبَعة كما في غيره من سجون. غيرَ أنَّ الأسرى الأبطال على الرغم من كُلِّ هذا الغدر الخسيس والهجمة المُفرِطة في التعامل لم يهونوا بحمد الله، بل هم متآزرون. لهم اتصالاتهم الداخلية وترتيباتهم الذاتية واتفاقاتهم للردِّ على هذه الأساليب البربرية من عدوٍّ لا يرقبُ في مؤمنٍ إلاًّ ولا ذمّةً.
وأقول حقّاً: ما هذه السياسة الغجرية والأساليب الهمجية التي يسلكها الاحتلال في مواجهة أُناس عُزّل داخل أربعة جدران مكبّلين، لا سلاحَ عندهم ولا أدوات دفاع في حوزتهم يردون بها عن أنفسهم، وما هذه الوحشية الفاقعة، إذْ يُشْلُونَ عليهم الكلاب المُضرّاة التي لا تعرف إلاّ التهامَ الأجساد وتمزيق الأجلاد، إضافةً إلى إطلاق العيارات النارية المُميتة والضرب بالهراوات القاتلة؟! إنّه كيانٌ لا قوانينَ فيه سليمة تردعه عن ظلمه ولا إنسانيةَ عنده كريمة تردّه عن غيِّه، ولكنّني أستدرِكُ – وا أَساه – فأقول: إنَّ هذا عدو دينٍ وجنس وتاريخ، ماذا ننتظر منه، وقد نرى في بلادنا ومن أبناء جنسنا مَنْ هو أشدّ منه وأقسى، إلى درجة أنْ أصبحتَ لا تُفرِّق في هذا الشأن بين القريب والغريب. وقد أصبحت بلادي كُلّها سجناً كبيراً لشعوبها المُطالِبة بحقوقها.
لقد غدا الأملُ في قادة هذه الأمة – إلاّ من رحم الله – ضعيفاً أو منعدماً. غيرَ أنَّ الأملَ ما يزال يُومِضُ ويبرق من شعوبها ومنظّماتها الإسلامية والوطنية المقاوِمة للاحتلال، والرافِضة للتفاوض معه على ضياع البلاد وبيعِ أرض الأجداد. ولقد بدا الشعب الفلسطيني إزاء هذا الحدث الإجرامي بمنظماته الأبية بأجلى صوره في البسالة وطيب المعدن، تسانده المؤسسات الشعبية المقاوِمة للتطبيع والمستنكِرة للؤم اليهودي والصمت العربي. فمما أثلَجَ الصدر – وإنْ كان أضعف الإيمان – ذلك المهرجان الذي أُقيمَ قبل أيّامٍ في مجمع النِّقابات بعمان تضامناً مع الأسرى في سجن عوفر وسِواه، وقد تكلَّم فيه المتكلِّمون رافضينَ الخنوع أمام غارات اليهود منادين بمؤازرة إخوانهم في الأرض المحتلة، كما جاء على لسان الأخت الأسيرة المحرّرة أحلام التميمي ولسان الأخ نقيب المهندسين الزراعيين عبد الهادي الفلاحات.
كما أصدرتِ المنظمات الفلسطينية في الضفة وغزّة بياناتٍ تستنكر فيها العملية اليهودية وتُجرِّمُها، وتؤيِّد موقف الإخوة السجنى في هذا المعتقل من مثل الحركة الأسيرة في سجن عوفر نفسه والمبادرة الوطنية والحركات القومية والإسلامية في قطاع غزّة مثل حماس، والجهاد الإسلامي، وحركة الأحرار، وحركة المجاهدين. ومما جاء على لسان ممثّل حماس مشير المصري، قوله: (إذا ما أعلنَ العدوّ حرباً على الأسرى سنعلِنُها حرباً عليه. ونقول لنتنياهو ولكُلِّ القادة الصهاينة: عليكم أنْ لا تستعملوا ورقة الأسرى للمزايدات الانتخابية، وإذا أردتم ميدان المواجهة فهو مع المقاومة من نقطة الصفر، وليسَ ضدّ الأسرى في سجون العزل)!!
وختاماً، أبعثُ لإخواني في سجن عوفر تأييداً ومؤازرة من إنشادي بهذه الأبيات:

أيها الهودُ قدْكُمُ لؤمُ خُلْقٍ
ودَناءاتُ مَنهجٍ وسياسهْ
تُطلِقونَ الكلابَ سغبَى وحوشاً
تنهشُ الأُسْدَ في السجونِ خَساسهْ
إنّه الجُبْنُ والنذالةُ طَبْعٌ
فيكُمُ منذُ كنتمُ والدَّناسَهْ
ليسَ هذا لكم بفخرٍ ومجدٍ
أنْ تُهينوا الأسيرَ تحتَ الحِراسَهْ
إنّما المجدُ في اللقاءِ وِجاهاً
في الميادين حيثُ تبدو الحَماسَهْ
فاذْكُروا الأمسَ خيبراً حيثُ ذُقتمْ
من لِقانا صرْفَ الرَّدَى والتعاسَهْ
واذْكروا اليومَ غَزّةً ولَظاها
إذْ رجعتُمْ عنها بشرِّ انتِكاسَهْ
واعلموا أنَّنا نُعِدُّ إليكمْ
خيرَ جُنْدٍ ليمسحوكم كِناسهْ
من فلسطينَ أرْضِنا وحِمانا
أرضِ طُهْرٍ وخيرةٍ وقَداسَهْ
لستُمُ أهلَها وأنْتُمْ خِساسٌ
أهلُ خُبْثٍ وغدرةٍ ونَجاسَهْ
واعلموا: فعلُكُمْ بـ (عوفرَ) خِزْيٌ
جَلَّلَ الوجْهَ من (نِتِنْيا) وراسَهْ
لا يَظُنَّنَّ أنّه كانَ درباً
مُوصِلاً (زُولَه) لدستِ الرياسَهْ
بل هُوَ الدربُ للسقوطِ زَرِيّاً
في دُنا المَكْس شأنُ عبدِ النِّخاسَهْ
ومِنَ اليومِ قبل بكرةَ نمضي
بأحاديثَ (عوفرٍ) في الدراسَهْ
تُذْكِرَ الجيلَ غدرَ هودٍ لكَيْما
يأْخذُوا الثأرَ منهمُ بشراسَهْ
ويَرُدُّوا الصُّواع صاعَيْنِ قهراً
لِلِئامٍ حُشُوا أذىً ونَحاسَهْ
أنتمُ تغرسونَ يا قومُ ظُلْماً
وغداً تحصدونَ شَوْكاً غِراسَهْ
لا تظنُّوا نُحِبُّكم ما حيينا 
أيُّها المعتدونَ يا شرَّ ساسَهْ
فاثبتُوا إخوةَ العقيدةِ جُنْداً
تحفظُ الصَّرْحَ نَوْفَه وأساسَهْ
وسلامِي إليكُمُ يا رِفاقِي
ما غَلا التِّبْرُ قِيمةً ونَفاسَهْ