"زهران عبد الرزاق زيدات، أنت قنبلة موقوتة في المنطقة، أنت تخضع لتحقيق عسكري، وهناك قرار من محكمة العدل العليا يجيز لي كضابط مخابرات بتعذيبك باستخدام كافة الوسائل دون أن يصل ذلك إلى درجة الموت". بهذه الكلمات بدأ ضابط المخابرات حديثه مع زيدات عندما نقل إلى قسم التحقيق في سجن "عسقلان"، وبذلك تكون محكمة العدل العليا قد أعطت جهاز المخابرات الإسرائيلية (الشاباك) تصريحاً واضحاً وصريحاً بممارسة التعذيب، وبهذا أيضا يكون الشاباك في مأمن ليوفر الحماية لنفسه بطريقة قانونية ...! [title]في حضرة البنادق والأباتشي [/title] يقول زيدات "القصة بدأت ليلة الحادي والثلاثين من آذار 2004، قامت قوات الاحتلال باقتحام مدينة بيت لحم، وحاصرت مستشفى الأمراض العقلية فيها، حيث كنت مطارداً ومتوارياً في حينها،,, حاصروا المستشفى بقوة قوامها سبعمائة جندي مسنودة بطائرات الأباتشي، وأطلقوا النار والقذائف على المستشفى دون تمييز، طالبين أن نسلم أنفسنا، وإلا سيقوموا بقصف المستشفى بالصواريخ". ويضيف "طلبوا منّا - كنّا 3 أشخاص- الصعود على سطح المستشفى تحت مرمى القناصة والطائرات، وأن نلقي بأنفسنا من سطح المستشفى على ظهر سيارة إسعاف موجود في الساحة.. ثم خلع ملابسنا تماما". ويتابع "اقتادونا مكبلي الأيدي والأرجل، معصوبي العينين، أوقفونا كلٌ على حدة، وضربونا بشكل وحشي بالعصي وأعقاب البنادق، بأرجلهم وأيديهم دون رحمه، أطلقوا النيران من حولنا بشكل إرهابي، بحيث كان يشعر كل منّا أنه تم تصفية أخوته الآخرين، ثم اقتادوني إلى أحد المنازل المجاورة وأدخلوني إلى إحدى الغرف وأبلغوني بأني أخضع لتحقيق عسكري ميداني وضربوني بلا رحمة". [title]محاولات للاغتصاب[/title] يتابع زهران: "نقلت إلى سجن عسقلان للتحقيق، وأبلغت أنني أخضع لتحقيق عسكري، مورست معي كافة أشكال التعذيب، استخدموا الضرب بكافة أشكاله، لم يسمحوا لي بالنوم لأيام عديدة، كانوا يمنعوني من قضاء الحاجة حيث كنت في بعض الأحيان أقضيها في ملابسي، كانوا يشبحوني لساعات طويلة، استخدموا الموزة التي تؤدي إلى شلل في الظهر، استخدموا كلبشات خاصة لتعذيبي، وضعوها على وسط يدي- مشدودة جيداً مؤلمة حابسة لدمي بحيث تستخدم مدة أربعة عشر دقيقة كل جولة- أصيبت يداي وكادت الكلبشات أن تؤدي إلى شلل فيها". ويضيف: "استخدموا الماء المثلج، وضعوني على الأرض وألقوه على ظهري، أسقوني كميات كبيره منه بشكل مستمر دون توقف، استخدموا ألفاظ لا تمت للإنسانية والأخلاق بصلة، كانوا يشتموا الأهل كالزوجة والأخوات والأبناء بإهانة شديدة". وفيما يخص محاولة اغتصابه قال: "استخدموا أسلوب الضغط النفسي والتهديد، إذ قال ضابط المخابرات لي أنه وفي حال لم أجب على أسئلتهم سيقوموا بإحضار أفراد عائلتي واغتصابهم أمام نظري... بالقرب من مكاتب التحقيق والتعذيب كان هناك زنزانة، فارغة تماماً، لا يوجد فيها سوا مقعد ثابت من الباطون". ويضيف:" قام أحد الحراس بإدخالي إلى هناك وأنا مكبل الأيدي والأرجل، معصوب العينين، رفع العصبة عن عيني لمدة دقيقة، شاهدت ثلاثة رجال، ثم مزقوا ملابسي، وقاموا بإلقائي على الأرض، بدؤوا بالتحرش بي، ومحاولة اغتصابي، قاموا بوضع رأسي على الأرض وقدماي عالياً، وكل ذلك وأنا مكبل... وما كان باستطاعتي سوى الصراخ". [title]قصة نضال لا تنتهي[/title] أثناء استئناف المحكمة رد القاضي "فريد مان" على زهران قائلاً: "المتهم المستأنف المخرب "زهران زيدات" لم يتعظ من أعماله السابقة، حيث حُكم عليه بالسجن المؤبد حينما تم اعتقاله عام 1984 وأفرج عنه في تبادل الأسرى عام 1985، أعيد اعتقاله أعوام 1989 و1990، وأخيراً في 2004، حيث استمر في محاولاته للقتل، ومن الواجب إبعاده عن المجتمع الفلسطيني ووضعه خلف القضبان المقفلة، ونحن غير مخولين في اتخاذ أسلوب رحمة في هذه القضية وغير مستعدين في تقليص مدة الحكم له". لم يتوقف زهران عند حكم المحكمة، قام برفع شكوى على الشاباك (الإسرائيلي) لدى لجنة مناهضة التعذيب فيقول: "زارني في سجن نفحة عام 2005 وفود من وزارة العدل للإطلاع على وسائل التعذيب التي مورست بحقي، كما زارني المحامي "نبيل دكور" من لجنة مناهضة التعذيب، وفي تموز 2012 زارني المحامي "ماجد بدي" من لجنة مناهضة التعذيب أيضاً وأبلغوني بأنه سيتم تقديم التماس إلى محكمة العدل العليا من أجل ملاحقة ضباط "الشاباك" الإسرائيلي ومحاسبتهم". يتابع زهران: "كل ما أريده منكم حماية الأسرى الآخرين، ومنع تكرار هذا التعذيب الوحشي بحقي وبحقهم، أريد تفعيل قضيتي وتسليط الضوء عليها من أجل فضح هذه الممارسات وملاحقة مرتكبيها (لأن الشاباك يستخدم دائماً أسماء غير حقيقة وغير موجودة أصلاً).. إنني وبعد مرور تسعة أعوام على رفع قضيتي ما زلت ألاحق ضباط الشاباك في كل المحافل من أجل فضح ممارساتهم ووقفها على الأقل كي لا تمارس على الأسرى، أريد ملاحقتهم قانونياً من أجل محاسبتهم". من جهته، أوضح مركز حريات أن هذه الرواية تسلط الضوء على هذه الظاهرة الجريمة وإطلاع المجتمع الدولي على استمرارية وحجم وشدة التعذيب الذي يتعرض له كل الأسرى والأسيرات الفلسطينيين الذين يتم اعتقالهم بلا استثناء كباراً وأشبالاً نساءً ورجالاً. وقال المركز :"التعذيب يزداد على نطاق واسع ودون توقف بفعل الحماية القانونية والحصانة التي يتمتع بها المحققين (الإسرائيليين) من قبل جهاز القضاء (الإسرائيلي) الذي شرع التعذيب، وهو الأمر الذي يفسر عدم محاسبة أي من هؤلاء وعدم تقديم أي منهم للمحاكمة أو المساءلة رغم مئات الشكاوي التي تقدم بها الأسرى المعذبين بما في ذلك لجهات ومؤسسات حقوقية (إسرائيلية)".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.