15.49°القدس
15.15°رام الله
13.86°الخليل
21.55°غزة
15.49° القدس
رام الله15.15°
الخليل13.86°
غزة21.55°
الخميس 03 أكتوبر 2024
5.01جنيه إسترليني
5.33دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.78دولار أمريكي
جنيه إسترليني5.01
دينار أردني5.33
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.78

صواريخ المقاومة ومؤتمر "ايباك"

حازم عياد
حازم عياد
حازم عياد

صواريخ المقاومة لاحقت نتنياهو الى الولايات المتحدة الامريكية، وقاطعت اجندته الانتخابية التي بدأت بالاحتفاء بتوقيع ترمب قرار الاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على الجولان؛ اجندة كان يتوقع ان تستكمل بكلمة يلقيها امام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (ايباك) في نيويورك، غير أن صاروخ المقاومة شمال (تل ابيب) قاطعه وحرمه من استكمال جولته ليعود ادراجه على امل استدراك الموقف واحتوائه خصوصا بعد تداول صور حسن نصر الله والعاروري نائب رئيس حركة حماس.

الصواريخ سبقته الى قاعة المؤتمرات في نيويورك، واحرجته امام خصومه ومنافسيه والاهم انها اكدت الحقائق التي طالما حاول نتنياهو ومن سبقوه تجاهلها او تغييبها؛ فالسياسة المتبعة في القدس والجولان وقطاع غزة والضفة الغربية واراضي 48 لن تقود الا الى مزيد من التصعيد والتوتر في الاقليم بشكل يقود الى زعزعة الاستقرار والنفوذ الامريكي.

صاروخ المقاومة لم يكن عبثيا او خاطئا بل رسالة سياسية تلقفتها كافة الاطراف السياسية في الكيان الاسرائيلي، ووجدت طريقها الى جدول اعمال المؤتمرين المتصارعين في نيويورك؛ فنانسي بيلوسي زعيمة الاغلبية الديمقراطية في مجلس النواب ألقت كلمتها الى جانب نائب الرئيس بنس وسفير الولايات المتحدة الى الكيان ديفيد فريدمان ورئيس الاغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، وانضم اليهم نتنياهو عبر الاقمار الصناعية بعد أن حرم من العروض التقديمية المثيرة ومنافسه غانتس كان حاضرا ايضا.

حاول كل طرف الدفاع عن برنامجه السياسي؛ فـبيلوسي اكدت حل الدولتين ودافعت عن سياسة حزبها الذي قاطع ثمانية من مرشحيه للرئاسة المؤتمر، في حين ان بنس هاجم بطريقة غير مباشرة النائبة الهان عمر دون ذكر اسمها ليتحول المؤتمر الى ساحة اخرى من ساحات التصارع في الساحة الامريكية، زادها صاروخ المقاومة انقساما وتشكيكا بالنهج السياسي القائم، فنتنياهو لم يكن حاضرا، في حين ان غانتس قدم نفسه كبطل للحرب والسلام في محاولة لاسترضاء طرفي المعادلة في امريكا والايباك.

برز الى السطح وفي كلمات المتحدثين بل وفي العروض الوثائقية والتقديمية تصارع الاجندات التي كان محورها حل الدولتين ويهودية الدولة ونقل السفارة والجولان وايران والقدس ومعاداة السامية وحركة BDS وقانون S1؛ طاولة المفاوضات كانت حاضرة ايضا فغانتس يبدي استعداده للجلوس على طاولة المفاوضات مع أي زعيم عربي يتمتع بالنزاهة بحسب زعمه، مدعما بتصريحات رئيس السلطة في رام الله المتكررة للوفود القادمة من واشنطن لزيارته في رام الله سواء كانت نوابا وشيوخا من الكونغرس أم طلابا وأكاديميين من هارفرد؛ اذ عبر عن استعداده للجلوس مع أي زعيم اسرائيلي ينتخبه الشعب، بحسب ما اوردته وسائل اعلام عديدة.

الصواريخ اربكت المشهد بالكامل في نيويورك، وعكرت الدعاية الصهيونية عن التعايش التي دعمت بخطاب قدمته طبيبه من عرب 48 تحدثت عن صورة رومنسية مفقودة عن التعايش السلمي في المجتمع الصهيوني والمستوطنات على امل الترويج لقانون الدولة اليهودية ونجاعته، وعدم تعارضه مع حقوق الفلسطينيين الذين يمثلون كتلة ضخمة في الكيان الاسرائيلي.

عكرت الصواريخ هذه الصورة واعادت المجتمعين الى ارض الواقع، فنتنياهو يتحدث عبر الاقمار الصناعية وترمب يواجه تدفقا كبيرا من البيانات والتصريحات الدولية الرافضة لضم الجولان الى الكيان الاسرائيلي، وغانتس حائر يسعى لاسترضاء كافة الاطراف، خصوصا ان التوازن بات دقيقا وحساسا بعد فوز الديمقراطيين بأغلبية مجلس النواب الامريكي. في حين تشتبك بيلوسي مع مجلس الشيوخ من طرف خفي حول قانون S1 وسياسة ترمب المتهورة.

حرم صاروخ المقاومة الذي سقط شمال تل ابيب نتنياهو من استكمال جولته التي بدأها بالاحتفاء بتوقيع ترمب على قرار الاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على الجولان والتأكيد على نهجه اليميني، وفاقم من ازمة الايباك الذي بات يعاني من التصدع الداخلي تتجاذبه اجندة متصارعة في امريكا برزت بوضوح عند تناول قانون S1  لتجريم ومقاطعة داعمي BDS باعتبارها حركة تدعو الى مقاطعة الكيان الاسرائيلي.

ختاما.. لاحق صاروخ المقاومة نتنياهو الى واشنطن، وأعاده الى ارض الواقع قولا وفعلا؛ فالحقائق تقررها التفاعلات على الارض وليست الخطابات في اروقة القاعات الفارهة في نيويورك التي تعد العدة لانتخابات حامية في الكيان الاسرائيلي وامريكا، فمصير المنطقة والاقليم تقرره شعوبها والحقائق القائمة على الارض وليس مجموعة مؤتمرين مرفهين في نيويورك وواشنطن.