15.49°القدس
15.15°رام الله
13.86°الخليل
21.55°غزة
15.49° القدس
رام الله15.15°
الخليل13.86°
غزة21.55°
الخميس 03 أكتوبر 2024
5.01جنيه إسترليني
5.33دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.78دولار أمريكي
جنيه إسترليني5.01
دينار أردني5.33
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.78

ترامب واستراتيجيات السياسة الإسرائيلية

عماد أبو عواد
عماد أبو عواد
عماد أبو عواد

السياسة الأمريكية منذ قدوم ترامب إلى البيت الأبيض لاقت استحساناً كبيراً من الدولة العبرية، خاصة بعد انسحابها من الاتفاق النووي، وفرضها قواعد جديدة في علاقات الدولة العبرية مع الدول العربية، ومسيرة التطبيع المدفوعة من الولايات المتحدة.

قرار الانسحاب الأمريكي من سورية شكل صدمة على المستوى السياسي والأمني الإسرائيلي، خاصة أنّه جاء في ظروف خاصة، ودون التشاور مع «إسرائيل» التي تعتبر نفسها الحليف الاقرب من الولايات المتحدة في المنطقة.

مخاوف «إسرائيل» من هذا القرار تتمحور حول قدرة إيران على تركيز قوّتها في سورية، وبناء قواعد عسكرية، إلى جانب أنّ ذلك سيقود إلى تحكم روسيا في المنطقة دون اللجوء للاستجابة للمصالح الإسرائيلية كشرط مسبق.

وضع الانسحاب الأمريكي علامات استفهام حول اخلاص الولايات المتحدة في علاقاتها مع «إسرائيل»، وحول استمرار قدرة الولايات المتحدة على فرض قواعد معينة، تخدم المصالح الإسرائيلية خاصة ما يتعلق بالتطبيع مع العرب، وضمان عدم تقاربهم مع إيران.

ليس أمام «إسرائيل» الكثير للمناورة فيه، سوى محاولتها العمل إلى جانب روسيا وكسب ودها، في سبيل استجابة الأخيرة للطموح الإسرائيلي.

من الواضح ان قرار ترامب بانسحاب القوّات الأمريكية من سورية وأفغانستان، ترك ردود فعل مختلفة في الساحة الإسرائيلية، حيث تعتبر «إسرائيل» نفسها ليست الدولة الحليفة للولايات المتحدة، بل شريكا في مثل هذه القرارات الاستراتيجية، المرتبطة بأمنها في المنطقة.

حيث تدرك تل أبيب أنّها دون وجود معادلات للدول الكبرى، تُساهم بالحفاظ على أمنها في المنطقة، فإنّها بالتأكيد ستواجه مخاطر حقيقية، رغم امتلاكها ترسانة سلاح ضخمة، تقف من وراءها تكنولوجيا متطورة، إلا أنّ حقيقة كونها دولة احتلال، تجد نفسها مضطرة لمواجهات على ساحات متعددة، يُبقيها ملزمة بالبقاء في حضن قوى عظمى، تسعى للحفاظ على أمنها.

«إسرائيل» وسياسة ترامب في الشرق الأوسط بشكل عام.

منذ وصوله إلى كرسي رئاسة البيت الأبيض، جلب دونالد ترامب ردود فعل مختلفة في الساحة الإسرائيلية، وإن كانت بغالبيتها داعمة للرجل وتوجهاته، فهناك بالمقابل من اعتبر أنّ سياسة الوافد الجديد، وما تحملها من مباشرة ولا دبلوماسية، ربما تنعكس بشكل سلبي على الدولة العبرية، وتقود إلى ردود فعل لا تُسهم بترسيخ علاقات إسرائيلية – إقليمية على أساس الخوف والرغبة في إرضاء الولايات المتحدة وليس من حيث المنطلقات والدوافع المبدئية.

من ناحية اليمين الإسرائيلي الحاكم، اُعتبر وصول ترامب للبيت الأبيض، وبدء الإعلان عن سياساته المتلاحقة، معجزة إلهية يجب استغلالها للحد الأقصى، فقد اعتبرها زعيم المتدينين القوميين نفتالي بنت أنّها الفرصة الأعظم للقضاء على القضية الفلسطينية، ووأد حلم الدولة الفلسطينية، موضحاً أنّ ترامب بسياسته هو الصديق الأقرب للدولة العبرية، وهذا كان التوجه العام لدى اليمين الحاكم، وحتى أحزاب الوسط واليسار، فقد رأت بترامب ربما فرصة لتحقيق سلام شامل، لكن ليس على أساس دولة فلسطينية كما وردت في اتفاق أوسلو، بل باتفاقية جديدة تحفظ لـ»إسرائيل» التجمعات الاستيطانية الكُبرى.

على الصعيد الإقليمي، فقد لقيت سياسة ترامب ترحاباً كبيراً انطلاقاً من إعلان البيت الأبيض أنّ «إسرائيل» ليست المشكلة في الشرق الأوسط، بل إنّ إيران إلى جانب الحركات الجهادية، هي المعضلة الأمنية التي تُعطل مسيرة السلم والأمان في المنطقة ككل، الأمر الذي باتت ترى فيه «إسرائيل» مقدمة مهمّة لأنّ تفرض الولايات المتحدة هذه الرؤية على الدول العربية ككل.

وربما لم تبتعد «إسرائيل» كثيراً في أحلامها، عندما رأت في ترامب فرصة مهمّة لإلغاء الاتفاق النووي الذي تم توقيعه بين الدول الغربية وإيران، حيث عملت على ذلك كثيراً، من خلال الضغط الرسمي والإعلامي، واستخدام الجالية اليهودية في الولايات المتحدة لتحقيق ذلك، وكان إعلان ترامب إلغاء الاتفاق النووي اسرائيلياً، بمثابة تعديل للمسيرة السياسية المتعبة والمقيتة التي مارسها البيت الأبيض برئاسة اوباما.

من ناحية سياسته الإقليمية الأخرى، والتي تمثلت باستخدام البيت الأبيض، للوجه المهيمن صاحب الأمر والنهي، والذي تمثل بفرض مبالغ خيالية على دول الخليج وتحديداً السعودية، فقد اعتبرت «إسرائيل» ذلك بمثابة سياسة مرحب بها، ستُسهم في خلق فرص للتعاون الإقليمي وللتطبيع العلني مع تلك الأنظمة، خاصةً بعد إعلان نظام ترامب أنّ السعودية دولة حيوية للمصلحة الإسرائيلية، إلى جانب اعتبار أنّ السعودية في طور تقوية علاقاتها بشكل متين مع الدولة العبرية، وهذا ما بات يتبلور خلال الأشهر الأخيرة، في ظل الغزل الإعلامي الكبير بين تل ابيب والرياض، والحديث عن زيارات على مستوى سياسي رفيع بشكل سري.

في الملف السوري تحديداً، كانت «إسرائيل» راضية عن أداء البيت الأبيض، فما قبل إعلان الولايات المتحدة نيتها الانسحاب من سورية، رأت «إسرائيل» في سلوك البيت الأبيض، داعماً للمصلحة الإسرائيلية، وكسراً للسلوك الذي انتهجه الرئيس السابق باراك أوباما، والذي امتنع عن التدخل المباشر، حيث قام نظام ترامب باستهداف جوي لبعض المواقع السورية، الأمر الذي رأت فيه «إسرائيل» باعث اطمئنان، وكسراً مهماً للقواعد التي باتت تتشكل بعيداً عن الرغبة الإسرائيلية الكاملة.

من هنا فإنّ استحسان تل أبيب للسياسة الأمريكية الترامبية في الشرق الأوسط، يتمركز حول جني تل أبيب ثمار ذلك في أربعة اتجاهات، الأول في القضاء على القضية الفلسطينية بمفهوم اتفاق أوسلو، ثانيها، إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، فيما ثالثها، الضغط الأمريكي على الدول العربية في اتجاه التطبيع العلني مع «إسرائيل»، والأخير جاء بفعل الثقل الأمريكي في الملف السوري، ما قبل إعلان سحب القوّات الأمريكية.