15.49°القدس
15.15°رام الله
13.86°الخليل
21.55°غزة
15.49° القدس
رام الله15.15°
الخليل13.86°
غزة21.55°
الخميس 03 أكتوبر 2024
5.01جنيه إسترليني
5.33دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.78دولار أمريكي
جنيه إسترليني5.01
دينار أردني5.33
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.78

الحكومات العربية تواطأت مع اليمين المتطرف في "تشويه" الإسلام

علي سعادة
علي سعادة
علي سعادة

في مزبلة الحوار الدائر حول تحميل الإسلام مسؤولية التطرف والإرهاب في العالم، ثمة خزي وعار لا يمكن تجاهله أو دفنه بسهولة، وليس ثمة مكان يرضى به، أو مكان تذهب به إليه.

الحكومات والأنظمة العربية حاولت كثيرا أن تواري سوآتها، وأن تخفي عدم ديمقراطيتها وخوفها من الرأي الآخر وديكتاتوريتها السمجة المكشوفة بقناع من التدليس، لكنها فضحت في أكثر من مكان، وفي أكثر من مناسبة فرائحة العفونة أزكمت الأنوف، وكان بعض السياسيين العرب على درجة كبيرة من الغباء والبلاهة بحيث أثار مخاوف الغرب من الإسلام وشوه عقيدته الدينية في مسعى منهم للحصول على دعم الغرب في مواجهة أي صوت معارض وتحديدا إذا كان هذا الصوت من ضمن ما يسمى «الإسلام السياسي».

بعض السياسيين في وطننا العربي لا يحظون بصلاحيات أو مكانة تؤهلهم لقيادة شعوبهم أو للتحدث إلى العالم، وآخر ما يؤكد مقولاتنا هنا هو تقرير مجلة «فورين بوليسي» الذي يؤكد أن الحكومات العربية لعبت دورا كبيرا في إثارة كراهية العالم للإسلام.

وفي تذكية الكراهية الموجهة ضد المسلمين كجزء من حملاتها التي تشنها ضد المعارضين لها في الداخل والخارج. بل لقد ذهبت بعض هذه الأنظمة، في سعيها لتبرير القمع الذي تمارسه واسترضاء الغربيين، إلى أن تبرم تحالفا غير رسمي مع المجموعات والشخصيات المحافظة واليمينية في الغرب والتي لا شغل لها سوى نشر العنصرية والكراهية ضد الإسلام والمسلمين، بحسب «فورين بوليسي».

وتقول المجلة إن الأنظمة العربية تنفق ملايين الدولارات على مراكز البحث والتفكير وعلى المعاهد الأكاديمية وعلى شركات اللوبي للتأثير في التفكير داخل دوائر صناعة الفكر والقرار في العواصم الغربية تجاه النشطاء السياسيين المعارضين لحكم هذه الأنظمة، والذين يغلب عليهم طابع الالتزام الديني. ولطالما كان مجال مواجهة التطرف هو الجبهة المثالية للسردية المفضلة التي تسعى حكومات المنطقة إلى الترويج لها، ومن خلالها تستدر عطف الغربيين عبر الزعم بأنها هي أيضا تعاني من غدر «الجهاديين المتطرفين»، وأنها تعرض على الغربيين العمل معاً في سبيل استئصال جذور الخطر الإسلامي المهدد لهم جميعا.

وبناء على العشرات من المقابلات التي أجرتها المجلة الرصينة على مدى عدة سنوات، وجدت أن الأنظمة الاستبدادية في المنطقة تولي عناية فائقة للدوائر المحافظة واليمينية المتطرفة في الغرب التي يعتقدون أنها تميل نحو تبني أجندات معادية للإسلام والمسلمين.

تتجاوز مثل هذه الحملات التي تقوم بها الحكومات العربية الجهود التي يقصد منها ببساطة تفسير التهديدات التي يشكلها الإسلاميون. ما يفعلونه بدلا عن ذلك هو أنهم كثيرا ما يمارسون تكتيكات يقصد منها التخويف لتضخيم التهديد وخلق مناخ يصبح فيه التفكير ببديل لتلك الأنظمة أمرا غير وارد ولا يجوز التفكير فيه من وجهة نظر صناع القرار السياسي في الغرب.

بالإضافة إلى ذلك، تمكن مثل هذه البيئة تلك الأنظمة من قمع المعارضين داخل البلاد في مأمن من المساءلة أو المحاسبة. ويصبح «الإرهاب» في هذه الحالة هو المصطلح الذي من خلاله يبرر العنف.

وشهدت المنطقة مثل هذه الأنماط على مدى العقد الماضي، ولكنها تكثفت واشتدت حدتها في السنوات الأخيرة، وأثبتت أنها أدوات فاعلة في كسب الأصدقاء والتأثير على الأعداء.

وبينما تواجه هذه الأنظمة المزيد من الضغوط، تجدها تلجأ أكثر فأكثر إلى التخويف من التطرف و»الإرهاب» سعيا للحصول على التأييد.

وتكشف «فورين بوليسي» أيضا ما تقوم هذه الأنظمة عن قصد وترصد بنشر الدعايات حول النشطاء السياسيين والدينيين الذين ينحدرون من بلدانها ويقيمون الآن في الغرب، وذلك بهدف تهميشهم وإسكاتهم في أماكن إقامتهم الجديد.

وكان كثير من هؤلاء الأفراد قد لاذوا بالفرار من القمع طلبا للحماية والأمان في البلدان الديمقراطية. وحينما تنعتهم الأنظمة التي فروا من بطشها بأنهم «جهاديون دينيون» أو «متخفون» فإن ذلك يسهل عليها تشويه سمعتهم والطعن في صدقية نشاطاتهم المعادية للأنظمة.

وما من شك في أن بروز نشطاء وسياسيين مسلمين غربيين أقوياء ومتنفذين يزيد من قلق هذه الأنظمة على استقرار الأوضاع المحلية لديها.

وتكشف الحكومات العربية عبر ممارساته التي تتماهي مع اليمين المتطرف في الغرب، عن سياسات رخصية وعن خدعة تبيعها للغرب للبقاء في السلطة مطمئنة دون تهديد حقيقي.