19.44°القدس
19.08°رام الله
18.3°الخليل
23.27°غزة
19.44° القدس
رام الله19.08°
الخليل18.3°
غزة23.27°
الأربعاء 30 أكتوبر 2024
4.84جنيه إسترليني
5.27دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.04يورو
3.73دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.84
دينار أردني5.27
جنيه مصري0.08
يورو4.04
دولار أمريكي3.73

هل نحن في طور الاندماج مع الآلة؟

42019123441419
42019123441419

نشرت مجلة "أميركان كونسرفاتيف" الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن تنامي مظاهر انغماس البشر في الحياة الرقمية، وسعيهم للاندماج أكثر مع الآلة، ويتجلى ذلك مثلا من خلال مطالبة بعض الأولياء في الصين بارتداء الطلاب عصابات رأس قادرة على قراءة موجات الدماغ.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن عصابة الرأس "فوكاس إيدو" القادرة على قراءة موجات الدماغ تعدّ من أحدث الابتكارات التي توصلت إليها الشركة الأمريكية الناشئة "براين كو" الواقعة في سومرفيل في ماساتشوستس. ويوضح الفيديو الخاص بهذه الشركة أنه في قاعة درس تقليدية من الصعب على الأستاذ أن يدرك مدى فهم الطلاب واستيعابهم للمادة المدرّسة، ولكن مع تقنية "فوكاس إيدو" سيتمكن الأساتذة بكل سهولة من معرفة مدى انتباه طلابهم وهم في مكانهم.

ونوهت المجلة بأن مجرد التفكير في إمكانية إدخال جهاز داخل رأسك يثير الفزع، وينطبق الأمر ذاته على مختلف التقنيات المتعلقة بالدماغ، انطلاقا من المعالجة بالتخليج الكهربائي، وصولا إلى التحفيز العميق للمخ. ويعود تاريخ تحفيز الدماغ إلى أول مرّة شرب فيها الإنسان القهوة، ولاحظ تأثير الكافيين على الدماغ، واعتماد بعض العقاقير مثل الماريجوانا والمنشطات.

وذكرت المجلة أن تقنية "فوكاس إيدو" متوفرة في الأسواق منذ ما يقارب السنتين، كما توفر الشركة المصنعة لها منتجات أخرى مخصصة للتدريب البدني وتحفيز المخ. ولكن إلى الآن لم يتبين بعد مدى فعالية هذه الأجهزة، وإلى أي مدى يمكن أن تضر بالإنسان. ولكن مطالبة الأولياء الصينيين بضرورة استخدام الطلاب لهذه التكنولوجيا يثير الشكوك حول هذا النوع من التقنيات.

وأوضحت المجلة أنه إذا كان بإمكان الأساتذة مراقبة الطلاب باعتماد هذا النوع من التقنيات، فإنه بإمكان الدولة فعل ذلك أيضا. ولكم أن تتخيلوا حجم البيانات التي يمكن للصين جمعها عبر إدراج تقنية "فوكاس إيدو" ضمن منظومة التأمين الاجتماعي، لمراقبة سلوكيات مواطنيها البالغ عددهم مليار و400 شخص.

وعلى امتداد السنوات القليلة الماضية، احتجزت الصين ما يقارب مليون صيني من المسلمين الأويغور.

ولا أحد يعلم كيف يمكن للحكومة الصينية أن توظف هذه التكنولوجيا لمراقبة مواطنيها.

وأكدت المجلة أنه لا شك في أن الحكومة الصينية تحبس الملايين من مواطنيها منذ سنوات قبل بروز عهد البيانات الضخمة. وتعدّ التقنيات الحديثة المعتمدة في المراقبة، بما في ذلك كاميرات المراقبة المزودة بتقنية التعرف على الوجه، مجرد أداة لتعزيز سلطة الحكومة الصينية. ولك أن تتصور ما يمكن أن يحدث حين تتحد أحدث التكنولوجيات بنظام استبدادي من الطراز القديم، وهو ما يدعو إلى التساؤل حول مصير الحرية في الصين.

وتساءلت المجلة عن إمكانية استخدام هذه التكنولوجيا من قبل الولايات المتحدة والديمقراطيات الغربية، وما إذا يعتبر ذلك خسارة للحرية. وتعدّ الحرية من القيم التي حاربت من أجلها الولايات المتحدة خلال العقود الأخيرة، وحاولت نشرها وتشاركها مع بقية دول العالم. وتجدر الإشارة إلى أن التنبؤات السابقة بشأن تسبب الفاشية والبيروقراطية والشيوعية في القضاء على الحرية تبين أنه كان مبالغا فيها.

وأوردت المجلة أن بروز الإنترنت وانتشاره على نطاق واسع أعاد للأذهان مرة أخرى هذه الرهانات المتعلقة بالحرية، في ظل هيمنة السيادة الرقمية وما لها من آثار على الخصوصية. ولا بد من التساؤل ما إذا كان عصر المعلومات يلقي بظلاله على الجميع سواء في الشرق أو الغرب، ويؤثر فيهم، ويعيد تشكيل حضارتهم.

وفي كتابه بعنوان "الموجة الثالثة" الصادر سنة 1980، ذكر الكاتب ألفين توفلر أن الموجة الأولى في تاريخ البشرية كانت "الثورة الزراعية" التي رسخت طريقة معينة في التعامل مع العالم من حولنا. أما الموجة الثانية فكانت من خلال "الثورة الصناعية" التي غيرت كل شيء، وتنبأ بأن الموجة الثالثة تكون مع "ثورة المعلومات"، حيث تشهد البشرية الآن عملية إعادة تنظيم حضارية.

وبينت المجلة أنه بناء على ما ذكر آنفا، فإنه من المنصف أن نتساءل عما إذا كنا نندمج شيئا فشيئا مع الآلات. وإن لم يكن الأمر كذلك، فكيف نفسر عدم تمكننا من الانفصال عن أجهزتنا التي نحملها بين أيدينا أو تلك التي حول معاصمنا، أو في آذاننا، أو ربما تطوق رؤوسنا.

وفي الواقع، قد تكون طريقة تعلقنا بالتكنولوجيا اليوم من مظاهر انغماسنا في العالم الرقمي للأبد. فمن خلال قضاء معظم الوقت مع الشاشة الصغيرة، قد يصبح العالم الحقيقي مخيفا.

وأوضحت المجلة أن الحواسيب القائمة على نظام ثنائي من شأنها أن تساهم في تعزيز صلابة الأنظمة الاستبدادية. وقد يشعر الأشخاص المهووسون الذين صمموا هذه التقنيات بأنهم ثوريون، ولكن حسب حقيقة توفلر، فإن الحواسيب والشيفرات تتمحور حول الهندسة، التي لا تعدو أن تكون سوى مجرد جملة من القواعد.

وأشارت المجلة إلى أنه بما أن التكنولوجيا الرقمية تعمل بشكل أفضل من سابقاتها، سواء في إنتاج الثروة أو توفير الخيارات، فإنه من غير المفاجئ أن الحضارة الإنسانية تبحر على هذه الموجة الثالثة متحدية الصخور والمخاطر التي تنطوي على ذلك. وإذا كنا بالفعل نشهد الموجة الثالثة، فإنه لا بد من وجود موجة رابعة تُسخر فيها روبوتات خارقة لخدمة الإنسان وحمايته، حسب تنبؤات جاك ويليامسون في روايته للخيال العلمي الصادرة سنة 1947 بعنوان "الأيدي المكتوفة".

وفي الختام، تساءلت المجلة حول إمكانية تذكر البشرية لرواية "الأيدي المكتوفة" على أنها توقعت بدقة حدوث الموجة الرابعة، التي تعني استحواذ الروبوتات على العالم، أم عملا أدبيا حثّ البشرية على التفكير مليّا في التقنيات التي تبتكرها ومن يمسك بزمام الأمور، وبالتالي تمديد فترة ازدهار الموجة الثالثة. وما لا شك فيه، أن هذا هو سؤال العصر.