اقتربت التظاهرات الشعبية اليومية، المحتجة على سياسات حكومة رام الله الاقتصادية وزيادة أسعار المحروقات والوقود وزيادة الضرائب وارتفاع تكاليف الحياة في الضفة الغريبة، من نهاية أسبوعها الأول منذ اشتعال شرارتها الثلاثاء الماضي 2012/09/04، حين حاول شاب من مخيم الفوار إحراق نفسه أمام بلدية دورا جنوب الخليل احتاجاً على سوء أوضاعه الاقتصادية. عشرات الشاحنات أغلقت شوارع الخليل الرئيسية وميادينها العامة وشلت الحركة المرورية بالمدينة، رفضاً للسياسيات الاقتصادية لحكومة رام الله التي لا تجلب لهم إلا مزيداً من الغلاء وارتفاع الأسعار. تصاعدت الاحتجاجات لتشمل محافظات أخرى في الضفة المحتلة، حيث أقدم سائقو الشاحنات بالمحافظة على إغلاق الشارع الرئيس الذي يربط القدس- الخليل، فيما تظاهر عشرات الشبان أمام المدخل الرئيسي لمخيم الدهيشة جنوب المدينة. متظاهرو الخليل لم يناموا ليلتهم بهدوء، إذ أقدم عشرات الشبان على إحراق إطارات السيارات وإغلاق الشوارع الرئيسية في بلدة حلحول شمال المدينة بعد اعتصام ليلي شارك فيه أهالي البلدة، ما دفع الشرطة وأجهزة الضفة لملاحقة الشبان المتظاهرين، في أعنف مظاهرات تشهدها محافظة الخليل منذ فترة طويلة. [title]ثورة غضب [/title] إحدى مجموعات المتظاهرين، أسمت نفسها (لن نهاجر)، وزعت على المتظاهرين بياناً شديد اللهجة، صباح الأربعاء 2012/09/05، هاجمت فيه فياض وسياساته، واتهمته "بتنفيذ مخطط يهدف "لتهجير" الفلسطينيين وتسليم الضفة لرجال المال، ونشر الفوضى والقمع وشراء الذمم"، بحسب البيان، في الوقت الذي وصلت فيه الاحتجاجات وسط مدينة رام الله مقر حكومة فياض. ردود الأفعال السياسية والشعبية تواصلت ولم تهدأ، وطالبت بإلغاء اتفاقية "باريس" الاقتصادية التي تتذرع السلطة ورام الله بها عند كل غلاء في الأسعار، فيما وصف عضو المكتب السياسي لحزب الشعب خالد منصور الحراك الجماهيري بأنه "ثورة غضب". تصاعد الأحداث دفع رئيس السلطة محمود عباس ليؤكد خلال كلمته، الأربعاء 2012/09/05، أمام مجلس الجامعة العربية المنعقد بالقاهرة على أن "الربيع الفلسطيني بدأ، وأن مطالب الحراك محقة". [title]إضرابات وإحراق للمركبات [/title] وفي تطور جديد، قررت نقابة النقل العام عرقلة حركة السير والتوقف عن تقديم الخدمة من الساعة الثانية والنصف وحتى الثالثة والنصف عصر الأربعاء، وكذلك من الساعة السابعة والنصف وحتى الثامنة صباح الخميس، وعدم نقل الركاب في مختلف محافظات الضفة، متوعدة بتنفيذ إضراب شامل وتعطيل لحركة النقل يوم الاثنين 2012/09/10 ما لم تستجب الحكومة لمطالب الجماهير. بدورها، أعلنت الأمانة العامة لاتحاد المعلمين تعليق الدراسة يوم الخميس 2012/09/06 في جميع مدارس الضفة الغربية، مطالبة بتعديل أجور المعلمين ودفع بدل مواصلاتهم وفتح باب الدرجات وتعديل قانون التقاعد، في ظل حالة الغليان والحراك الجماهيري ضد الغلاء. واستمرت المظاهرات في جميع مدن الضفة ومحافظاتها، وعلى رأسها رام الله، وبيت لحم، والخليل مشعلة الثورة، ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها " "الشعب يريد إسقاط الغلاء"، "يا فياض إحنا مش جاج بياض"، "يكفي يا فياض الشعب الفلسطيني باض"، "بغزة السولار بشكلين وبالضفة السولار بدولارين"، وقاموا بإحراق مجسم لفياض، مطالبين "بإسقاط الحكومة"، فيما قام أحد المتظاهرين بالخليل بإحراق مركبته. حكومة فياض، وفي ظل التظاهرات الشعبية، عقدت اجتماع طارئ عاجل لمناقشة الأزمة، غير أن بنتائج اجتماعها لم تتجاوز الكلمات "المتفهمة" للحراك، دون وعود بتحقيق أي من مطالب المتظاهرين. اللواء توفيق الطيراوي، القيادي بحركة فتح ورئيس جهاز المخابرات السابق، كشف عن سياسات فياض الاقتصادية أدت "لتوريط الحكومة والسلطة بـ4 مليارات دولار". حركة حماس، وعلى لسان الناطق باسمها سامي أبو زهري، طالبت فياض بتحمل مسؤولية فشل سياساته الاقتصادية، رافضة أي "تبرير وربط لهذا الفشل بالانقسام الفلسطيني"، مؤكدة وقوفها إلى جانب الحراك الجماهيري الشعبي ومطالبه العادلة. أما حركة فتح، على لسان القيادي فيها فيصل أبو شهلا، أكدت تمسكها باستمرار فياض رئيساً لحكومة الضفة، معتبرة إياه "الرجل المناسب"، متنكرة لمطالب الجماهير وصراخها. [title]حتى "الفيسبوك" لم يتركوه [/title] الناشطون الفلسطينيون لم يدخروا طريقة يعبرون بها عن احتجاجهم وغضبهم، إذ شن آلاف الناشطين على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، هجوماً عنيفاً على صفحة رئيس حكومة الضفة سلام فياض مطالبينه بالرحيل الفوري، مدونين على صفحته الشعارات والهتافات التي تضج بها ميادين وشوارع محافظات الضفة، فيما نشر آخرون مقاطع فيديو وصوراً للمظاهرات والحراك الشعبي، في الوقت الذي دشن فيه نشطاء صفحات إلكترونية على "الفيسبوك" تعمل على تنظيم التظاهرات والتنسيق فيما بينهم، فيما عرف باسم "تنسيقيات الثورة الفلسطينية". [title]خطاب تناسى الأزمة [/title] رئيس السلطة محمود عباس عزمه ألقى خطاباً السبت 2012/09/08 قال أنه سيتناول الأحداث وتطورها، غير أن عباس اكتفى بخطابه بشن هجوم حاد على حركة حماس ورئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هينة، دون أن يبدي اهتماماً كبيراً بالحراك الجماهيري الغاضب في الضفة، ما دفع حكومة غزة وحماس للرد على تصريحات عباس بأنه "يعمل على تحميل غزة أسباب ما يحدث في الضفة!"، وأثار خطابه ردود فعل ضاحكة ساخرة بين نشطاء شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وفي الوقت الذي كان فيه عباس يلقي خطابه من مقر المقاطعة برام الله، حاصر عشرات الشبان الفلسطينيين رئيس حكومته سلام فياض أثناء خروجه من أحد البرامج التي حل ضيفاً عليها في إذاعة محلية، ما استدعى تدخل قوات الأمن والشرطة لفض التظاهرة وتأمين خروج فياض. استمرت التظاهرات لليوم السادس على التوالي في مختلف ميادين الضفة الغربية، بعد أن شهدت طوباس إصابة محافظ البلدة بجراح في رأسه نتيجة قذفه بالحجارة من المتظاهرين، في الوقت الذي أشعل فيه المتظاهرون الإطارات واستمروا بإغلاق الشوارع الرئيسية وقطع الطرق برام الله ونابلس وطولكرم وبيت لحم والخليل. وتشهد محافظات الضفة الغربية منذ صباح اليوم الاثنين 2012/09/10 شللاً تاماً في المواصلات، بعد إعلان نقابة سائقي السيارات والباصات والحافلات تعليق عملهم، تحت شعار "لا لرفع الأجور.. نعم لدعم الوقود"، فيما أعلن ناشطون تحت اسم "تجمع فلسطينيون من أجل الكرامة" للمشاركة في تظاهرة جماهيرية حاشدة غدا الثلاثاء، للمطالبة بالعدالة الاجتماعية وإلغاء اتفاقية باريس الاقتصادية.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.