منح مصروف يومي للأطفال أو مصروف شهري ليتدبروا به أمرهم ويشتروا ما يحتاجونه بدلا من طلب ما يريدونه مباشرة من الآباء، جزء من التربية المالية للطفل، فالطفل بذلك يتعرف على مفاهيم المقدرة المالية التي يمتلكها ويقارنها بالمقدرة الشرائية التي يستطيعها، ولن يستطيع شراء اللعبة التي تتجاوز مصروفه اليومي إلا إذا اتفق مع الأبوين على أن يمنحاه مصروفه بشكل شهري وليس بشكل يومي على سبيل المثال، وهنا تبدأ تتراكم لديه الخبرة في التفاوض والخبرة في التدبر والتخطيط، إلى جانب الخبرة المالية.
على الأبوين تنمية الجانب المالي والاقتصادي لدى الصغار من خلال طرق مختلفة، مثل تكليفهم بمسؤوليات مالية صغيرة أثناء التسوق، أو أن تصبح بعض المكافآت بالمنزل مالية، كما يمكن عرض بعض المهام الصعبة داخل المنزل بمقابل مادي.
قيم التربية المالية
كيفية إنفاق الأموال التي كسبها الصغار هي مهارة أخرى يجب الاعتناء بها، ويمكن تعليم الأبناء مبدأ أنه ليس كل ما نشتهيه نشتريه، وأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال إنفاق جميع الأموال التي نمتلكها، ولكن هناك دائما جزء يجب الاحتفاظ به لما يستجد في المستقبل.
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم الهور "بناء الشخصية المالية للأبناء جزء أساسي من تكوين شخصيتهم المستقبلية. نحن نحرص كآباء على تنمية الجانب الأخلاقي والجانب التعليمي والجانب التربوي، ولكن يجب أيضا الحرص على تنمية الجانب المالي لديهم، مثل تعليمهم مبادئ الادخار ومبادئ الاستثمار ومبادئ التجارة".
وأضاف "يجب استغلال الإجازات المدرسية لدى الصغار لتحفيزهم على البدء في الاستثمار من خلال مشروعات صغيرة يستطيعون إدارتها بأنفسهم، هذه المشروعات يجب أن تتناسب مع سن الأطفال وكذلك المساحة المتاحة لهم لممارسة التجارة أو البيع والشراء، هل ستقتصر على المنزل؟ هل ستمتد للجيران أم إلى المنطقة السكنية؟".
وسائل مقايضة ودعاية وتفاوض
على مستوى البيت، يمكن للإخوة ممن يمتلكون ألعاب ومقتنيات مختلفة أن يقوموا بعملية تبادل مقننة ومقصودة بين بعضهم بعضا، هنا يتعلم مبدأ المقايضة وكيفية المناقشة وأساسيات وآليات التفاوض. وكذلك كيفية الترويج لبضاعته البسيطة من معرفة مميزاتها والتركيز عليها وعلى احتياجات من يروج إليها، وهم هنا إخوته أو أبواه.
الانتقال بعد ذلك إلى مساحة أكبر مثل التبادل التجاري مع أصدقائه من الجيران أو المنطقة السكنية التي يعيش فيها.
استغلال وقت الفراغ لبناء شخصية تجارية فعالة للمستقبل، لا يمكن أن يتحقق لشخص بعد التخرج من الجامعة ليصبح تاجرا ناجحا فجأة، أو يصبح شخصا قادرا على الاندماج في بيئة العمل، إذا لم تترسخ لديه قيم مالية أساسية منذ الصغر.
مشروعات سهلة للأطفال
* يمكن تعلم صنع الإكسسوارات التي تفضلها الفتيات، ويسهل العثور على مكوناتها في المكتبات، ومن ثم يتم ابتكار أشكال مختلفة ومتنوعة بالاستفادة من اليوتيوب.
* مشروعات الطعام مثل صناعة الحلويات البسيطة في المنزل وتزيينها وبيعها، وعمل سندويشات صغيرة للأطفال، أو بيع العصائر والفاكهة المغلفة.
* توفير أدوات الفنون المختلفة مثل كراسات الرسم والألوان، وكذلك ألواح الرسم والألوان الزيتية والفرش. ودعوة الأصدقاء لممارسة تلك الهوايات المختلفة، ومن ثم عمل إعادة تدوير لهذه اللوحات ببيعها للأبوين أو تبادلها بين الأصدقاء والجيران.
* تبادل الكتب أو بيعها، بتنظيم يوم كل أسبوع أو شهر لتبادل الكتب.
أمور تنظيمية يجب أخذها في الاعتبار
* يجب وضع خطة محددة للمشروع الذي يفضل الطفل البدء به.
* عمل دراسة جدوى مصغرة للمشروع، بتحديد الاحتياجات اللازمة للبدء في المشروع وحساب تكلفتها مع ضرورة حساب تكلفة المنتج بعد بيعه وتوقعات المكسب والخسارة.
* البدء بالمشاريع الصغيرة التي لا تحتاج تكلفة عالية لاختبار السوق المتوقع.
* الاهتمام بعنصر الترويج بشكل موازٍ ومتساوٍ لتحضير المنتج نفسه، نظرا لأهمية الترويج كشرط لنجاح أي مشروع.
مميزات التربية المالية للأطفال
يصبح الطفل قادرا على التفكير وتحليل المعطيات بشكل عملي، بل يتعرض لمفاهيم المكسب والخسارة ويتعلم أن ذلك من سنن الحياة وأن الخسارة ليست النهاية ولكنها البداية لمكسب جديد مؤكد.
ويصبح أكثر ثقة في نفسه وما يفعل، حتى يتمكن من تحديد احتياجاته بدقة، كما يستفيد من تراكم الخبرات لديه فيصبح أكثر تعقلا.