14.45°القدس
14.77°رام الله
13.3°الخليل
17.57°غزة
14.45° القدس
رام الله14.77°
الخليل13.3°
غزة17.57°
الأربعاء 25 ديسمبر 2024
4.57جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.79يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.57
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.79
دولار أمريكي3.65

خبر: نار الطائفية تحت رماد "الفيلم المسيء"

سيحار المؤرخون بحجم الأكاذيب التي شهدتها ردود الأفعال على "الفيلم المسيء". السيد حسن نصرالله الذي كان زعيما على مستوى الأمة، تحول إلى زعيم ميليشيا طائفية تقاتل دون نظام إجرامي، ولم يعد في نظر الأكثرية غير خط الدفاع الأخير عن بشار الأسد. وبتوقيت محسوب، اهتاج حزب الله وتحركت حميته نصرة لرسول الله، مع أن الهياج والحمية مسائل عفوية انفعالية؛ ولكن على طريقة من رزقه الله الحج بعد رجوع الناس، استخدم الحشد المذهبي في تعميق الفجوة الطائفية داخل المسلمين أنفسهم، فالغضبة الشيعية تأخرت كثيرا عن الغضبة السنية، مع أن التعامل الانفعالي مع "الإساءات" سابقة شيعية تمثلت في فتوى الخميني بحق الروائي سلمان رشدي. بدلا من "الأفلام" في مواجهة "الفيلم المسيء"، ليفتح حوار صادق وشفاف وجدي بيننا أبناء العالم العربي والإسلامي، وبعدها حوار مع الآخر، لنميز الخيط الأبيض من حرية التعبير عن الخيط الأسود من الفتنة الطائفية. الفيلم بداية تعبير عن أزمة طائفية عميقة استغلها الصهاينة. فلم يعد سرا أن الفيلم هو إنتاج قبطي إسرائيلي، لا علاقة للحكومة الأميركية به من قريب أو من بعيد، ويمكن إنتاج مثله اليوم بحق موسى وعيسى وباقي الأنبياء عليهم السلام، ولا تستطيع الحكومة الأميركية منع إنتاجه أو بثه بموجب التعديل الثاني في الدستور الأميركي. بل يمكن بطريقة التحايل التي أنتج بها أن يُنتج في الأردن، فلو قيل لممثل أردني أن يشارك في فيلم "مقاتلو الصحراء" لشارك بلا تردد. الأقباط الذين أنتجوا الفيلم بمساعدة إسرائيلية لا يمثلون الكنيسة القبطية. وحركة "الدولة القبطية" شاذة ومعزولة في السياق القبطي، لكنها مثل الطفح الذي يؤشر على المرض الطائفي. بدل الهياج أمام السفارة الأميركية، علينا أن نفتح حوارا مع الأقباط. وهذه مسؤولية "الإخوان"، الحزب الحاكم والتيار القائد، بالدرجة الأولى. خطوة مهمة وتاريخية أن يعين محمد مرسي نائبا قبطيا له، هذه بداية. بدلا من تقديس عبدالناصر، وتقديس مرسي، علينا أن نعترف بأن الأقباط يحنون إلى العهد الملكي، وأن تهميشهم بدأ مع الثورة المصرية وما يزال. وبحسب كتاب الدكتور عزمي بشارة "هل من مسألة قبطية في مصر": "لقد مُنِحوا أدوارَهم الطبيعيّة، وتقلّدوا المناصب المناسبة والدّرجات العليا، ورُفعت عنهم الجزيةُ، وانخرطوا في الخدمة العسكريّة، وتخلّصوا من الذِمَّةِ والذِمِّيَّةِ، ودخلوا سلك القضاء والجيش. كما دعم تعليمُهم الدينيُ، وتولّى منهم اثنان رئاسة الوزراء، ونُصِّبَ منهم وزراء، وتمتّعت النُّخب القِبطِيَّةُ بحرّيّتها في الاقتصاد وفرص التّعليم.. إلخ؛ بل إنّ الأقباط قد تنوّعوا في مفاصل البِنية الاجتماعيّة المصريّة من خلال البرجوازيّة الصّاعدة والإقطاعيّين الكبار والمِهنيّين المتنوّعين، واشترك الفقراء والطّبقة الدّنيا مع المسلمين في الانسحاق والتّهميش معًا". باختصار نحتاج إلى مراجعة عقلانية بدلا من هياج يعكس خفة سياسية وفكرية، فالأميركيون لن يعدلوا دستورهم ولو دمرنا كل سفاراتهم غضبا. نحتاج مراجعة من أجل مجتمعاتنا وأطفالنا. وعلى السيد حسن أن يطلق حوارا على مستوى الأمة بدلا من التحشيد والتحريض، عليه أن يقول لنا كيف نجتنب فتنة طائفية بعد السقوط الوشيك لنظام بشار. ونحتاج من مرسي وقد نجح في تحجيم العسكر، أن يثبت قدرة الإخوان على بناء نموذج في المواطنة ينفي شعور الاغتراب عن القبطي. لقد جرب مرسي نفسه كيف كان غريبا في وطنه محروما من حقوقه الدستورية الطبيعية، فهل يقبل هذا لغيره؟ تلك مهمة صعبة وشاقة ومكلفة، لكنها الشرط الشارط لنجاح التحول الديمقراطي، والأسهل هو اللعب على غرائز الناس وتهييجهم بانتظار الفيلم المقبل.