23.27°القدس
22.95°رام الله
21.64°الخليل
25.76°غزة
23.27° القدس
رام الله22.95°
الخليل21.64°
غزة25.76°
الأربعاء 02 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.77

ترمب إذ يقلق نتنياهو: درس عربي

صالح النعامي
صالح النعامي
صالح النعامي

على الرغم من تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالرد على قصف المنشآت النفطية شرق السعودية، بعد اتهامه لإيران بذلك، إلا أن كل مؤشرات تدلل على أنه معني تحديدا بالتقارب مع ايران وإغلاق ملف الخلاف بشأن الاتفاق النووي.

ومما يدلل على ذلك أنه حتى رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، الذي عد نفسه حتى الآن الأكثر تأثيرا على ترمب، بات يخشى من مؤشرات تشي بتوجه ترمب للتوصل لصفقة مع إيران.

فقد أشعل قرار ترمب إقالة مستشاره للأمن القومي جون بولتون الأضواء الحمراء في ديوان نتنياهو؛ حيث إن الكثيرين في تل أبيب نظروا إلى هذه الخطوة على أنها مؤشر قوي على توجه ترمب لإحداث تحول جذري على سياساته تجاه إيران.

ففي إسرائيل يعون تماما أن بولتون يتبنى المواقف الأكثر تشددا تجاه إيران من بين مساعدي ومستشاري ترمب، مما يعني أن إشارة الرئيس الأمريكي إلى حقيقة أن الخلافات في وجهات النظر معه كانت السبب الرئيس وراء التخلص منه، ما يدلل على أن واشنطن تسلك مسارا مغايرا لما أوصى به بولتون، وراهن عليه نتنياهو.

ويخشى نتنياهو أن تمثل إقالة بولتون مؤشرا على استعداد ترمب للتوصل لاتفاق جديد مع إيران، لا يأخذ بعين الاعتبار خطوط تل أبيب الحمراء، المتمثلة في إلزام طهران بوقف برنامجها النووي بشكل نهائي وبدون تحديد سقف زمني، وتفكيك الترسانة الصاروخية وقطع علاقتها بحزب الله وحركات المقاومة الفلسطينية ووقف جهودها الهادفة  إلى التمركز عسكريا في سوريا والعراق.

ومما يفاقم الإحباط في تل أبيب حقيقة أن المؤشرات التي تثير الشكوك إزاء الموقف الأمريكي تجاه إيران، وضمنها إقالة بولتون، وإعلان وزير خارجيته مايك بومبيو مساء أمس استعداد ترمب للقاء الرئيس الإيران حسن روحاني بدون شروط مسبقة، قد جاءت بعد 24 ساعة على «كشف» نتنياهو عن وجود موقع نووي دشنته إيران بشكل سري، وهي الخطوة التي راهن عليها في تقليص فرص حدوث تقارب بين طهران وواشنطن.

لقد أقدم نتنياهو على عدة خطوات أخرى بهدف إحباط الجهود التي بذلها الرئيس الفرنسي عموانئيل ماكرون ومحاولة قطع الطريق على قبول مبادرته لتسوية الخلاف بين طهران وواشنطن، حيث أكد عدد من كبار المعلقين في تل أبيب أن أحد أهم الأهداف من قراره تكثيف الغارات في سوريا والعراق ولبنان هو توفير بيئة تسمح بإفشال هذه الجهود. وكما كشفت النسخة العبرية لموقع «المونتور» الأسبوع الماضي، فأن نتنياهو طلب من سفيره في واشنطن رون درمر، التوجه لقادة التيار الإنجيلي، الذي يمثل قاعدة ترمب الانتخابية، ومطالبتهم بالضغط عليه وإجباره على عدم الموافقة على لقاء روحاني.

لكن كما كشفت صحيفة «هارتس» في عددها الصادر الأربعاء الماضي، فإن ترمب ومساعديه ينطلقون من افتراض مفاده أن عقد لقاء مع روحاني ومحاولة التوصل لاتفاق جديد مع طهران لن يؤثر على مدى التزام الإنجيليين بمواصلة دعمه في الانتخابات القادمة.

في تل أبيب باتوا يعون المنطق الذي يدفع ترمب لمنح فرص للجهود الهادفة لحل الخلاف مع إيران، حيث يبدو بشكل واضح أن الرئيس الأمريكي معني بتحقيق إنجازات سياسية عشية الانتخابات الرئاسية العام القادم.

وكما يقول عاموس هارئيل المعلق العسكري لصحيفة «هارتس» فإن التقديرات السائدة في تل أبيب ترجح أن رغبة ترمب في تحقيق إنجازات سياسية على صعيد السياسة الخارجية قبل الانتخابات الحاسمة العام القادم تجعله أقل استجابة للضغوط التي يمارسها نتنياهو لمنعه من محاولة التقارب مع إيران.

ويوضح هارئيل في مقال تحليلي نشرته هارتس أن ترمب يرسل رسائل واضحة تشي بنيته إحداث تحول على سياسته الخارجية، عبر محاولة التوصل لاتفاق جديد مع طهران، منوها إلى أن الرئيس الأمريكي أثبت بالأفعال والأقوال أنه غير معني بمواجهة عسكرية مع إيران حتى بعد أن قامت بإسقاط طائرة التجسس الأمريكية.

ويلفت هارئيل الأنظار إلى أن اليمين في إسرائيل قرأ سلوك ترمب بشكل خاطئ، مشيرا إلى أن ترمب في النهاية يقلق فقط من أجل نفسه، لذا فهو معني بتحقيق اختراق على صعيد السياسة الخارجية ولا يبحث عن حرب جديدة.

المفارقة أن الذي يضع عراقيل أمام إجراء اتصالات مباشرة بين طهران وواشنطن هم الإيرانيون، الذين يطالبون برفع العقوبات كشرط مسبق.

ومما يزيد الأمور تعقيدا حقيقة أن مؤشرات التحول على موقف ترمب تجاه إيران تأتي عشية الانتخابات الإسرائيلية المصيرية، التي يحاول نتنياهو أن تسمح نتائجها بالحفاظ على أغلبية مطلقة لحزبه وحلفائه من الأحزاب اليمينية والدينية.

على اعتبار أن هذه النتيجة فقط كفيلة بمنع محاكمته في قضايا الفساد المتهم بها، حيث إن هذه الأحزاب مستعدة لدعم مشروع قانون يمنحه حصانة من المحاكمة. وإلا فإن هناك احتمالا أن يصدر ضده حكما بالسجن قد يصل إلى 15 عاما.

من هنا، فإن مؤشرات التراجع على موقف ترمب ستضعف نتنياهو داخليا وستفقده أحد أهم أوراقه الانتخابية، حيث إنه ظل يزعم أنه هو الذي تمكن من دفع واشنطن للانسحاب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات غير مسبوقة على إيران.

وقد عبر المعلق الإسرائيلي بن كاسبيت عن المعضلة التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي حاليا، قائلا إن نتنياهو كان يفضل أن يعترف ترمب بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية على أن يوافق على لقاء روحاني.

قصارى القول أن كان نتنياهو يشعر بكل هذا القلق إزاء نوايا ترمب تجاه إيران، فلماذا يواصل الحكام العرب الرهان على ساكن البيت الأبيض؟