11.12°القدس
10.88°رام الله
9.97°الخليل
14.97°غزة
11.12° القدس
رام الله10.88°
الخليل9.97°
غزة14.97°
الخميس 26 ديسمبر 2024
4.58جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.58
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: في جذور الغضب والكراهية

كثيرون من الأمريكيين تحيرهم مشاعر العداء لبلادهم في العالم العربي والإسلامي. وقليلون منهم يدركون أن بلدهم يدفع ثمن السياسات الخاطئة التي اعتمدتها حكوماتهم على مدى عدة عقود. إذ طالما أخرج معظم الأمريكيين مشكلة فلسطين من بالهم ومن ضمائرهم، إلا أنها بقيت حاضرة في ذهن العرب والمسلمين. فلا يزال قمع (إسرائيل) للفلسطينيين على مدى 45 سنة والحصار الوحشي الذي تفرضه على قطاع غزة والاستيلاء المستمر على الأراضي في الضفة الغربية تشكل مصدر إذلال وغضب كبير. تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية الرئيسية عنه، لأنها أخفقت بعدما دعمت (إسرائيل) بكل الوسائل المتاحة في إقناعها بعقد صفقة عادلة مع الفلسطينيين. لقد حاول بعض الرؤساء الأمريكيين خرق جدار الأزمة العربية الإسرائيلية، إلا أن السياسات الداخلية المعتمدة وتعنت القادة الإسرائيليين أحبطت مساعيهم، فأحبط مناحم بيجن المساعي التي قام بها جيمي كارتر، في حين أحبط إسحق شامير كل محاولات جورج بوش الأب. وكاد بيل كلينتون أن يعقد صفقة قبل أن يرحل عن منصبه، غير أن مسؤولين موالين لإسرائيل مثل دينيس روس قوضوا جهوده. وقضت الهزيمة التي ألحقها بنيامين نتنياهو بباراك أوباما على الآمال الكبيرة التي أحياها هذا الأخير والتي تحولت إلى خيبة أمل كبيرة. لا يزال النزاع العربي ــ الإسرائيلي الذي لم يتم حله يتسبب بضرر حاد في الولايات المتحدة، ويهدد مستقبل إسرائيل على المدى الطويل من ثم فلا مفر من الإقرار بأنه لا يمكن أن يحل السلام في المنطقة إلا إذا تم التوصل إلى حل عادل، وهو ما فشلت فيه السياسة الأمريكية. لم تخفق الولايات المتحدة فحسب في حل النزاع العربي ــ الإسرائيلي؛ بل عززت هيمنة (إسرائيل) الإقليمية، ويجب بالتالي اعتبارها متواطئة في الهجمات الكثيرة التي شنتها ضد الدول المجاورة لها. لقد أدت "الحرب العالمية على الإرهاب" التي أطلقها جورج بوش الابن، عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى سوء استخدام للسلطة الأمريكية. وبدلا من الاستعانة بالشرطة لمطاردة أعضاء تنظيم "القاعدة" خاضت الولايات المتحدة حربا في أفغانستان، حيث تتسبب لغاية اليوم وبعد مرور 12 سنة على اندلاعها بسقوط ضحايا، ومن ثم سمحت لنفسها بالانقياد وراء خدعة المحافظين الجدد الموالين (لإسرائيل)، الهادفة إلى غزو العراق الذي اعتبره المحافظون الجدد عقب الحرب التي اندلعت بين إيران والعراق، تهديدا محتملا لجبهة (إسرائيل) الشرقية. ويقال إن 1.4 مليون عراقي قتل نتيجة احتلال العراق وتدميره إلى جانب 4500 جندي أمريكي. أطلق هذا الأمر العنان لعسكرة السياسة الخارجية الأمريكية، ولشن حروب وحشية ولتسليم الأراضي التي تم الاستيلاء عليها، ولفرض تعذيب روتيني ولتوسع القواعد عبر البحار (بما في ذلك بعض دول الخليج العربية)، الأمر الذي أدى إلى تضخم الموازنة العسكرية التي تصل إلى 700 بليون دولار سنويا. لقد قلبت (إسرائيل) الطاولة على حليفها القوى. فبدلا من أن تكون حارسة أمريكا، يبدو أن الولايات المتحدة تحولت إلى حارس (لإسرائيل)، يهدد أعداءها ويعاقبهم ويشوه سمعتهم ويشن حروبا عليهم بالنيابة عنها. لقد نسي الأمريكيون هذه الوقائع هذا إن كانوا يعرفونها أصلا إلا أنها لم تغب عن بال العرب والمسلمين. الأسوأ مما سبق أن أوباما سمح بتوسيع نطاق الهجمات التي تشنها الطائرات الأمريكية من دون طيار ضد المناضلين الإسلاميين في أفغانستان وباكستان واليمن وفي كل مكان، الأمر الذي يؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين وإلى إثارة غضب السكان المحليين ضد الولايات المتحدة. هل فرضت الولايات المتحدة الأمن في الشرق الأوسط. أم أنها فرضت انعدام الأمن؟ هل تحتاج الدول الخليجية إلى الأسطول الأمريكي الخامس وإلى الطائرات الحربية وإلى آلاف جنود المشاة وإلى السترات الوقاية؟ هل يساهم وجود الولايات المتحدة في فرض الاستقرار أم في زعزعته؟ وألم يحن الوقت حتى تنسحب من المنطقة؟ أيا كان الأمر ينبغي الإقرار بأن إعادة إحياء التيارات الإسلامية التي شكلت علامة فارقة في "الربيع العربي" بمثابة رفض للتدخل الغربي وللسيطرة الغربية وإعادة تأكيد الهوية الإسلامية. إنها المرحلة الأخيرة في النضال العربي الطويل من أجل الاستقلال. قد يكون الفيلم المسىء للنبى محمد (عليه الصلاة والسلام) الشرارة التي أشعلت غضب العرب والمسلمين إلا أنه تمكن من إشعالها بسبب وجود كميات كبيرة من المواد القابلة للاشتعال. هذا الكلام كله ــ من أول سطر حتى آخر سطر فيه ــ ليس لي. ولكنه نص مركز لمقالة كتبها باتريك سيل، الصحفي البريطاني المتخصص في الشرق الأوسط، ونشرتها جريدة "الحياة" اللندنية يوم 21/9 الحالي. وقد وجدت أن تعميمها مهم ومفيد، من حيث إن الكاتب النزيه تطوع بالنيابة عنا ليقول في الظرف الراهن ما ينبغي أن يقال.