21.54°القدس
20.98°رام الله
19.42°الخليل
24.06°غزة
21.54° القدس
رام الله20.98°
الخليل19.42°
غزة24.06°
الإثنين 17 يونيو 2024
4.71جنيه إسترليني
5.25دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.99يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.25
جنيه مصري0.08
يورو3.99
دولار أمريكي3.72

سخافة الأصنام وسخافة عابديها

5
5
علي العتوم

قال تعالى: "أَفرأيتُمُ اللاّتَ والعُزّا. ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخرَى. أَلَكُمُ الذَّكَرُ ولَهُ الأُنثَى. تِلْكَ إذاً قسمةً ضيزَى. إنْ هِيَ إلاّ أسماءٌ سمَّيْتموها أنتُمْ وآباؤُكُمْ، ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ، إِنْ يتَّبِعونَ إلاّ الظَّنَّ وما تَهْوَى الأنْفُسُ، ولَقَدْ جاءَهُمْ من ربِّهِمُ الهُدَى. أَمْ للإِنسانِ ما تَمَنَّى. فللهِ الآخِرَةُ والأُولَى. وكَمْ مِنْ مَلَكٍ في السّماواتِ لا تُغْنِي شفاعَتُهُمْ شيئاً، إلاّ مِنْ بعدِ أنْ يأذنَ اللهُ لِمَنْ يشاءُ ويرضَى" (النجم 53: 19-27).

تعليقات:

1. التعريف:

- اللات: جاء في ابن كثير عند تفسير هذه الآيات: (كانت اللاتُ صخرةً بيضاءَ منقوشةً عليها بيتٌ بالطائف له أستارٌ وسَدَنة وحوله فِناء مُعظَّم عند أهل الطائف. وهم ثقيف. وقد بعثَ الرسولُ صلى الله عليه وسلّم المغيرةَ بن شعبة وأبا سفيان صخرَ بن حرب فهدمها. وجاء في كتاب الأصنام لابن الكلبي (ص17) عنها قول شدّاد بن عارض الجُشَمي لثقيف:

لا تَنْصرُوا اللاّتَ إنَّ اللهَ مُهلِكُها

وكَيْفَ نصْرُكُمُ مَنْ لَيْسَ يَنْتَصِرُ؟! 

- العُزّى: يقول ابن الكلبي في كتاب الأصنام: (كانت بوادٍ من نخلةَ الشاميةِ. كانت أعظمَ الأصنام عند قريش. وكانوا يزورونها ويهدون لها ويتقرّبون). وفي ابن كثير ج4 ص54: (وقد بعثَ لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فهدَمها وهو يقول:

يا عُزَّ كُفْرانَكِ لا سُبْحانَكِ

إنِّي رأيتُ اللهَ قَدْ أهانَكِ 

ولمّا جاءَها وقطع الشجراتِ حول بيت الصنم، فإذا امرأةٌ عُرْيانةٌ ناشرة شعرها تحثو الترابَ على رأسها فغمسها بالسيف حتَّى قَتَلَها. وقد كان سدنتُها قبل أنْ يقتلها خالد، قد صاحوا بها يقولونَ لها:

أَعُزّاءُ شُدِّي شَدَّةً لا تُكَذِّبِي

 على خالدٍ أَلْقِي الخِمارَ وشَمِّرِي 

فإِنَّكِ إلاّ تقتُلِي اليَوْمَ خالِداً

 تبوئِي بِذُلٍّ عاجِلاً وتَنَصَّرِي 

وانظر في ذلك كذلك "الأصنام" لابن الكلبي.

- ومناة: وكان صنماً منصوباً على ساحل البحر من ناحية المُشَلَّل بقُدَيْد بين المدينة ومكّة. ولم يكن أحدٌ أشدَّ إعظاماً له من الأوس والخزرج. وكانت الأوس والخزرج ومَنْ يأخذ بأخذهم يحجُّونَ فيقفونَ مع الناسِ المَواقِفَ كُلَّها ولا يحلِقونَ رؤوسهم، فإذا نَفَروا أَتَوْه فحلَّقوا رؤوسَهم عنده. قال عبد العُزى بن وديعة المُزَنيّ في مناة:

إِنِّي حَلَفْتُ يَمِينَ صدقٍ بَرَّةً

بِمناةَ عِندَ مَحَلِّ آلِ الخزْرَجِ

2. المعاني:

ألكم الذكر وله الأنثى: كانوا يرون في الأصنام أنها صور للملائكة وكانوا يرون أنَّ الملائكةَ هي بناتُ الله، إذْ جعلوا للهِ البنات ولهم الذكور، وكانوا حسب اعتقادهم الجاهلي يتقرّبون بعبادة الأصنام وهُنَّ بنات الله عندهم فتتشفَّع لهم لديه سبحانه. ضيزى: فاسدة، ظالمة إذْ رضيتم أنْ تعطوا الله ما تكرهونه وهُنَّ البنات، فكيف ترضون هذه القسمة لله، وأنتم في محيطكم البشري ترفضونها؟! حقّاً إنّها لقسمةٌ ضيزى. إنْ هِيَ إلاّ أسماءٌ سميتموها: أي ما هذا التقسيم في الذكورة والأنوثة إلاّ افتئاتٌ على الله، وهو عملٌ باطل ليس له من الحقّ أدنى نصيب، ولا عليه أيّ دليل. إنْ يتّبعون إلا الظنّ وما تهوى الأنفس: أي ليس هذا التقسيمُ إلا ظنّاً، وإنَّ الظنَّ لا يغني من الحقِّ شيئاً. الهُدَى: الإسلام. تمنَّى: تأمَّلَ وظنَّ وتخيَّلَ. لا تُغني شفاعتهم: أي ليسَ لأيٍّ منهم شفاعة إلاّ بإذن الله، ومن ثَمَّ فالشفاعة للرسول صلى الله عليه وسلّم.

3. ما يستفاد من الآيات:

‌أ. عقائد الجاهليين واعتباراتهم في الكون والحياة والإنسان فاسدة أيّما فساد، ولا إصلاحَ لها أو تخلُّصاً للناس منها إلاّ أنْ يحلَّ محلّها الإسلام والإسلام وحده بشموله وبحذافيره.

‌ب. يا لَسُخْفِ عقول الجاهليين وفسادِ تخيلاتهم، وهم يُكِبُّونَ على أحجارٍ خرساء بكماء صمّاء لا تضرُّ ولا تنفع ويعبدونها من دون الله، وخاصّةً أنَّ بعضهم كان يقول عنها مُعظِّماً وهو يطوف بالكعبة: إنّهنّ الغرانيق العُلا، وإنَّ شفاعتهنَّ لتُرتَجى، بل إنَّ بعضهم كان يصنع صنمه من العجوة فإذا جاء أَكَلَه كما وردَ عن بني حنيفة، وقد قيل فيها لهذا، المثلُ المشهور: (جاعت حنيفةُ وأكلَتْ ربَّها)!!

‌ج. ليس لعقائد الجاهليين ولا لأفكارهم أدنى سند من عقلٍ راجحٍ أو فهمٍ سليم أو دليل صحيح، إنّما هي ادّعاءاتٌ وأهواءٌ وتقاليد تواضعوا عليها على طريق آبائهم حماقةً وجهلاً.

‌د. يَبِين اعتقاد هؤلاء الخائب وسوء تفكيرهم عندما يُصرُّونَ على عقائدهم الفاسدة، وقد جاءهم من الله الهُدى بالإسلام، وما فيه من براهين ساطعة كالشمس، وأدلة واضحة كضوء النهار، لكنّها الجاهليةُ لا تعرفُ إلاّ الهوى واتِّباع الظنّ.