لاشك أن من ساهم في نشر الفلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم هم المسلمون أنفسهم، ومن زاد في نبرة الاستهزاء وأعلى من شأن القائمين على هذا العمل المنحط هو المتابع العربي بجهله وتخبطه في التعامل مع الأحداث والتحديات من حوله.. وبعدما وصلت زيارات الفلم المسيء على موقع يوتيوب بالملايين طالب ناشطون إدارة الموقع بحذف روابط الفلم نهائياً، ولأن جوجل تتبع سياسة حرية الرأي والتعبير فقد تركت الباب مشرعاً أمام هذه الروابط لتنتشر كالسرطان ويتداولها العامة فيما بينهم، وأضاءت زر “تبليغ عن إساءة” لكل من يريد أن يناطحه صباح مساء، جوجل لن تحذف الفلم وهذا قرارها النهائي. وفي المقابل انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي حملة تدعو لمقاطعة كل من جوجل ويوتيوب يومي 24 و 25 سبتمبر، تقضي بعدم استخدام محرك البحث الأشهر ولا تبادل الروابط للمقاطع المرئية أياً كانت طالما أنها من موقع يوتيوب في سبيل للضغط على إدارة الموقع، وأورد هؤلاء في حملتهم أن مقاطعة الشرق الأوسط لجوجل لمدة أسبوع تكلفها خسارة 500 مليون دولار. إنه جوجل! محرك البحث جوجل الذي نبدأ يومنا بنظرة صباحية على ألوانه الزاهية وشريطه الأفقي البسيط، وصفحته البيضاء كقلبه، حرف واحد منا يكفي ليقترح علينا بقية الجملة، بل غالباً ما يرسم لنا سبيلاً جديداً لنفكر، يفهم ما نقصد حتى لو حدثناه بحروف غريبة، يترجم لنا كلام الأعاجم كأنه واحد منهم، ويجلب الصور التي نبحث عنها وبين الحين والآخر يزج بعضاً من الصور “الناعمة” التي نشكره عليها في أعماقنا، وندّعي الحنق والغضب أمام أقراننا إذ ظهرت ونحن لا نبغي، لم يعد جوجل مجرد محرك بحث عند مرتادي الشبكة، بعدما تغلغل في العروق حتى النخاع، بمتصفحه الصاروخي وبريده العملاق، ومرصده الإخباري، وخرائطه متناهية الدقة، وروابطه القريبة جداً منا ومن تفكيرنا ومن محيطنا، كوّن عنا معلومات وعرف عن طباعنا وأمزجتنا ما لم يعرفه آباؤنا ولا زوجاتنا، يختار ما نبحث عنه ويرتب النتائج حسب ترتيبها في عقولنا. مع جوجل نشعر بالعبقرية والمعرفة المطلقة، نجيب على أسئلة المسابقات، وننسخ الأبحاث من صفحاته لأبنائنا في المدارس، ونقتبس أجمل المشاركات لننشرها في المنتديات، وندّعي الألمعية أمام أصدقائنا في الدردشة والمحادثات الفورية إذ نجلب لهم الروابط والمواقع بسرعة البرق، ونُدهش أصدقاءنا على مواقع التواصل الاجتماعي بمتابعتنا الحصرية للأحداث ومعرفتنا آخر الأخبار، كل هذا وجوجل من خلف النوافذ يتابع ويبتسم.. لماذا نقاطع؟ نحن لا ولن نؤثر سلباً – من ناحية مالية – على جوجل حين نمتنع عن استخدام محركه ليومين أو حتى عندما نتوقف عن الضغط على روابطه في المواقع المروجة لإعلاناته، وإنما نسعى لأن نؤثر إيجاباً على طريقة تعاملنا مع الشبكة، وتعاطينا مع نبضاتها، نحن بحاجة لاستنهاض الهمم والعقول البرمجية الشابة لصنع شبكة موازية، ومحركات بحث منافسة، نلجأ لها ونعلي من شأنها لتكون بمثابة بدائل إسلامية فاعلة، وجاءت المقاطعة: - ليكون المبدأ عندنا أسمى وأهم من رفاهيتنا وراحتنا. - لنروّض أنفسنا على الصمود أمام المغريات لأجل ديننا وقيمنا. - لنعوّد أنفسنا الصيام عن الدعة والراحة طالما خالط الطعام شيء من الذل والإهانة. - ليقيس الواحد منا مدى قدرته على الوقوف ولو وحيداً في الميدان في سبيل فكرة هو مؤمن بغايتها ورفعة شأنها. - لنبني جيشاً من المعاهدين الذين يلتزمون بكلمتهم ويعصرون على بطونهم في مواقف الحزم، أولئك من يعتد بهم ومن يعوّل على صبرهم في معركة التغيير الكبرى. - لنعرف إلى أي عمق تغلغل حب الكماليات من حولنا مقارنة بحبنا لرسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» [أخرجه البخاري ومسلم]
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.