عام 2005 حاز الرئيس نجيب ميقاتي في الاستشارات النيابية الملزمة على 57 صوتاً في ذروة الانقسام بين قوى 8 و14 آذار، وعام 2008 حاز الرئيس فؤاد السنيورة على 68 صوتاً هو العائد لتوّه كما الافرقاء الآخرون من قطر بعدما ابرموا اتفاق الدوحة وفي ظل الانقسام نفسه رغم اجماعهم على بنود الاتفاق وتوقيعها، وعام 2011 حاز ميقاتي على 68 صوتاً. قبل هؤلاء جميعاً، كان صاحب الرقم الادنى تاريخياً هو الرئيس عمر كرامي عام 1990، بأن حاز 31 صوتاً فقط في برلمان كان عدد اعضائه 67 نائباً بفعل تناقصه منذ عام 1976. بذلك يصبح احتساب الارقام والاصوات غير ذي قيمة، في تكليف لا يكتمل الا عندما يتمكن الرئيس المكلف من تأليف الحكومة، المهمة الرئيسية المنوطة به".
وأضاف: "في المرتين اللتين خرج فيهما الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة، اشعل الشارع السنّي وراءه. الاولى عندما خسر في استشارات نيابية ملزمة امام ميقاتي بفارق ثمانية اصوات في كانون الثاني 2011. والثانية في اليومين المنصرمين بعيد تكليف حسان دياب تأليف الحكومة وفي الغداة، مع ان الحريري كان اعتذر مرتين على التوالي عن عدم ترؤس الحكومة في 26 تشرين الثاني وفي 18 كانون الاول. الا ان عينه ظلت على السرايا.
ما حدث البارحة اوحى بأنه وجّه اكثر من رسالة، ووضع الاصبع على اكثر من دلالة:
اولاها، بالتزامن مع زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط دافيد هيل لبيروت، ومباشرته محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين بمَن فيهم رئيس حكومة تصريف الاعمال، اتت اعمال الشغب في عدد من احياء بيروت وشوارعها كما في بعض مناطق الشمال والبقاع الاوسط امتداداً الى الطريق الساحلية بين بيروت وصيدا، كي تبعث برسالة الى هيل مفادها ان السنّة اللبنانيين يرفضون رئيساً للحكومة وراءه حزب الله. هي ايضاً، في دلالتها، تأكيد على ان هذا الفريق يعارض الحزب ومتأهب لمواجهته، ويرفض سيطرته على السلطات اللبنانية، كي يقول من ثم ان الحكومة المقبلة هي حكومة حزب الله".
وتابع: "ثانيها، ليس سراً ان الحريري يدرك ان اقصاءه عن السرايا ليس قراراً محلياً محضاً او فحسب، خصوصاً وان الاكثر استعداداً للتخلي عنه هو الفريق الاكثر اصراراً على عودته الى رئاسة الحكومة، اي الثنائي الشيعي الذي كان وراء اسقاط حكومته عام 2011، ثم وراء اسقاطه في الاستشارات النيابية الملزمة التي تلت".