في المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية التركي ارتفعت أقوام وانحطت أقوام أخرى، وفيه تعالت الأصوات المنددة بجرائم الكيان الصهيوني، وفيه سمت روح المحبة والتضامن مع الشعب الفلسطيني، برفع معنوياته ورد له اعتباره وكرامته، في حين أنه كان للتو محبطًا من المؤتمرات الدولية وقراراتها التي تكيل بمكيالين، وتساوم على حقوقه وقضيته، وتساوي بين الجلاد والضحية، بل تجلد الضحية مع جلادها المحتل. فقد جاء خطاب رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان معبرًا عن حالة غضب وسخط الشعب التركي على مجزرة مرمرة برفض بلاده التطبيع مع الكيان الصهيوني، وقد سبق هذا وقف جميع أشكال التعاون العسكري والأمني، وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي التركي معه. نعم، لقد كانت فلسطين حاضرة بقوة، وأخذت نصيب الأسد في المؤتمر، ولم يغب ذكرها في أي لحظة عن أي فقرة أو جملة ألقاها المؤتمرون، من شدة الاهتمام بها، وكأن المؤتمر خصص للقضية الفلسطينية، ويمكن القول إن فلسطين ذكرت في المؤتمر أكثر من تركيا. وهو ما لمسناه في خطابي: رئيس الوزراء التركي أردوغان، والرئيس المصري مرسي، بوقوفهما إلى جانب الشعب الفلسطيني في نيل استقلاله، ودعم القضية الفلسطينية، والعمل على إنهاء الحصار المفروض على غزة من قبل الاحتلال. كذلك دعوة السيد خالد مشعل إلى نصرة الشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال، وتحقيق المصالحة الفلسطينية والعودة إلى الوحدة الوطنية. تركيا العظمى كانت عبر العصور إمبراطورية إسلامية يحسب لها ألف حساب، ولا تزال دولة عظمى لها أهميتها ووزنها الدولي والإقليمي نسبة لحجمها ومركزها وموقعها الإستراتيجي، وبتزعمها العالم الإسلامي، إذ مازالت تحمل راية الخلافة، الأمر الذي جعلها ترتبط بعلاقات مع جميع دول العالم، وهي بطبيعة الحال في غنى عن العلاقات مع دولة ما قد تسيء إليها، وأي دولة هذه؟! إنه الكيان الصهيوني "ابن الأمس" الذي نشأ وترعرع على اغتصاب أراضي المحمية العثمانية "فلسطين" منذ ستين عامًا؛ حينما يصل الحال إلى الاعتداء على كرامة مواطنيها الأبرياء، بإقدام (الكوماندوز الإسرائيلي) بفتح نيران أسلحته على من بداخل السفينة في عرض البحر، وقتل أحد عشر تركيًّا وأصاب أعدادًا أخرى بدم بارد، وذنبهم الذي اقترفوه من وجهة نظر الدولة العنصرية (إسرائيل) أنهم كانوا في مهمة إنسانية، حين قدموا بسفينة مرمرة إلى غزة يحملون مؤنًا ومساعدات طبية إلى شعبها المحاصر. (دولة) الاحتلال تعد نفسها دولة مارقة، ولم تستجب لقرارات المجتمع الدولي، بانتهاكها المتواصل لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والآن جاء من يستطيع أن يضعها في حجمها الحقيقي. فكلنا يذكر حين قصفت غزة بأطنان من القنابل والصواريخ في حرب "الرصاص المصبوب"، وقتل وجرح المئات، أقامت تركيا الدنيا ولم تقعدها نصرة لغزة، وكلنا شاهد وقفة البطل رئيس الوزراء أردوغان في "منتدى دافوس" في عام 2009م، حين رد الصاع صاعين ولم يخف في الله لومة لائم ليقولها بصوته العال وإصبعه الشاهد المصوب نحو بيريس: "أنتم قتلة الأطفال". هكذا يجب أن تعامل (دولة) الاحتلال، ورحم الله الرنتيسي الذي قال: "إن العدو الصهيوني لا يعرف إلا لغة القوة، والحق دون القوة صوت غير مسموع".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.