تمر الأيام سريعاً ويطوي الزمان أبطالاً شهدت لهم ساحات النزال وفوهات البنادق، في الوقت الذي خبي فيه صوت النضال، وألجمت فيه البنادق، وأصبحت الخيانة فيها وجهة نظر بالنسبة للبعض!. الشهيدان القساميان: نشأت الكرمي (33عاماً) ومأمون النتشة (25عاماً) في الذكرى الثانية لاستشهادهما نستذكر صفحات من المجد والعز رسمها أبطال القسام بمداد من نور ونار، فقد قاد الشهيدان سلسلة عمليات إطلاق نار استهدفت جنود الاحتلال ومغتصبيه، وأطلقت عليها كتائب الشهيد عز الدين القسام اسم "سيل النار". [title]إرباك صهيوني[/title] العمليات النوعية والمفاجئة أربكت الاحتلال الإسرائيلي وشتت وهم الأمن الذي بدأ يشعر به في الضفة الغربية المحتلة، بفضل جهود السلطة الفلسطينية وتعاونها الأمني اللامحدود مع الاحتلال عبر ملاحقة المجاهدين ومراقبة تحركاتهم. شنّت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة جداً في صفوف أنصار ومؤدي حركة حماس في مدينة الخليل المحتلة لمعرفة من يقف خلف العملية البطولية، فيما شنَّت السلطة حملة اختطافات ومداهمات واسعة لبيوت عناصر "حماس، وبلغ عدد المختطفين خلال يومين ما يزيد عن (370) مختطفاً، وقد عرضت السلطة عليهم صورة للشهيد نشأت مطالبة بمعلومات عنه وعن مكان وجوده. وانصبَّ كل التحقيق على الحصول على طرف خيط عن منفذي "عملية الخليل"، كما قامت السلطة بإجراء فحوصات ( DNA )، للمعتقلين، بعد أن اكتشفت السيارة التي استقلها القسَّاميان منفذا العملية، ليتولى الاحتلال بقية الجريمة، باغتيال القسَّاميين نشأت ومأمون في مثل اليوم. الشهيدان النتشة والكرمى استشهدا بعدما خاضا اشتباكاً عنيفاً مع عشرات الجنود الصهاينة عندما تم محاصرتهم في منزل بمنطقة "جبل جوهر" في الخليل، رافضين دعوات الاستسلام حتى تم هدم المنزل عليهما دون قتلهما في اشتباك مباشر وجهاً لوجه. [img=102012/re_1349697843.jpg]هدم الاحتلال للبيت الذي تحصن به الشهيدان[/img] الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" بدوره أدان العملية من أمريكا، بينما كان في جولة مفاوضات جديدة، فيما تعهد رئيس وزرائه "سلام فياض" بعدم تكرار العملية وإدانتها أيضاً . [title]عملية بنى نعيم[/title] اعتاد نشأت، قضاء العشر الأواخر من رمضان، عندما يكون خارج السجن، معتكفًا في المسجد الأقصى المبارك، وفي مساء يوم الثلاثاء 31/8/2010، الموافق (21 رمضان1431)، وقبل صلاة المغرب بساعة، غادر نشأت منزله في الخليل، بعدما أخبر زوجته نيته التوجّه إلى المسجد الأقصى. في هذه اللحظات كان نشأت على موعد مع أخيه القسَّامي مأمون النتشة، وتوجّها بعدها في سيارتهما إلى مفترق طرق بلدة "بني نعيم" جنوب مدينة الخليل، قرب مغتصبة "كريات أربع"، وهو المكان الذي حدداه لعمليتهما، بعد أيام طوال من المراقبة والتخطيط، وفي تمام السابعة والنصف مساء ذلك اليوم، لاحت من بعيد سيارة خصوصية، يستقلها أربعة صهاينة أعمارهم بين (25 عامًا) و(40 عامًا)، وهنا نظر الاثنان إلى بعضهما لبداية التنفيذ. [img=102012/re_1349697462.jpg]مكان تنفيذ العملية[/img] وعلى طريقة مدرسة القسَّامي "عماد عقل"، تولّى مأمون قيادة المركبة، فيما جلس نشأت في المقعد الخلفي، خلفه مباشرة، وسار مأمون حتى توازت مركبتهما مع المركبة الصهيونية، وبعد أن حانت لنشأت الفرصة، فَتح نيران سلاحه الرشاش على المغتصبين الأربعة، وما هي إلا دقائق معدودة، حتى كان نشأت قد أتم المهمة على أكمل وجه، مجندلاً المغتصبين الأربعة، لتقف مركبتهم على قارعة الطريق، معلنة انتهاء العملية. القسَّاميان ترجلا من مركبتهما، وبكل طمأنينة، للقيام بـ"تأكيد القتل"، وإطلاق النار على المغتصبين عن قرب، لتبديد أية فرصة لنجاة أحدهم، ولم ينس نشأت أن يضع في النهاية، بصمة القسَّام على العملية، بأن علَّق بيان التبني على صدر أحدهم، مروَّسًا بشعار "كتائب الشهيد عز الدين القسَّام"، وبأن هذه العملية جزء من "سيل النار"، قبل أن يعودا أدراجهما سالمين. [img=102012/re_1349697585.jpg]الشهيد نشأت الكرمي[/img] [title]نشأت شبلاً[/title] ولد القسَّامي" نشأت نعيم سليم الكرْمي" في 27/4/1977 لعائلة ملتزمة بمحافظة الخليل، وعَرفت خطواته الصغيرة الأولى الطريق للمسجد مبكرًا، فكان التزامه بمسجده "زيد بن حارثة". مع إتمامه العاشرة من عمره، بدأت براعم نشأت تتفتح شيئًا فشيئًا، فحصل على إجازة في التجويد في العام 1989، وبدأ بعدها بحفظ القرآن الكريم، لما كان يعرف عنه من جمال صوته وعذوبته. تفتَّح أزهار الجهاد والاستشهاد في قلب نشأت مبكرًا أيضًا، ففي العام 1989، رفض طلبه ورفيق دربه الشهيد القسامي "مؤيد صلاح الدين" بالانضمام لحركة حماس لصغر سنهما، فقاما بتشكيل مجموعة أسمياها "ثوار الإسلام"، وبدآ يقومان بكتابة شعارات ذيلوها بهذا الاسم، ما لفت انتباه الحركة واضطرت إلى تشكيل مجموعة أسمتها "أشبال حماس". عندما اشتدَّ عود نشأت، بدأ يحمل هم الداعية، فتولى إمارة مسجده في العام 1995، وهو في الـ 18 من عمره، ونظَّم درسًا أسبوعيًّا لأشبال مسجده وكان حريصاً على تربيته للجيل الناشئ. [title]شخصية قيادية[/title] أنهى الشهيد نشأت، دراسة مرحلته الإعدادية والثانوية في مدارس الضفة المحتلة، وخلال هذه الفترة برزت شخصية نشأت القيادية وقد تولى قيادة الحركة الطلابية الإسلامية بمدارس مدينة طولكرم، قبل أن يغادرها إلى الجامعة في العام 1996، بعد حصوله على 88% في الثانوية العامة بالفرع العلمي، ليلتحق بعدها بكلية الهندسة في جامعة النجاح بنابلس، ثم الانتقال إلى "جامعة البوليتكنك" في الخليل وهناك تولى قيادة مجلس الطلبة. [title]اعتقال ومحاولة اغتياله[/title] تعرض نشأة لثلاثة عمليات اعتقال لدى الاحتلال الإسرائيلي بتهمة الانتماء لحركة حماس والنشاط في صفوها، وقيادته مجلس طلبة جامعة "البوليتكنك" في مدينة الخليل. وبعد اغتيال الشيخ "أحمد ياسين" بأقل من شهر ونصف، وفي 4/5/2004، تعرَّض نشأت لمحاولة اغتيال من قبل القوات الخاصة الصهيونية، فبعد خروجه من صلاة العشاء في "مسجد الحرس" في مدينة الخليل، أشار لسيارة نقل عمومي، ليذهب بها إلى منزل خطيبته، وما إن فتح بابها، حتى سمع هاتفًا يناديه من الخلف، وما إن أدار له وجهه، وتأكد ذاك الشخص من هويته، حتى عاجله برصاصة من نقطة الصفر في بطنه، واخترقت الحوض، مخترقة المثانة وخرجت من أسفل ظهره. وفور إصابته قامت القوات الخاصة باختطافه، ونقله إلى مستشفى "الرملة"، بحالة نزيف شديد، وبقي طوال فترة العلاج مكبلاً بسريره، بعد أن حوّله الصهاينة لمركز تحقيق، عقب اكتشافهم لخلية قسَّامية ضمّت معه، الشهيد القائد "إحسان شواهنة"، سعيًا للثأر للشيخين ياسين والرنتيسي، سينفذ عملياتها أربعة استشهاديين، قبل أن تتمكن سلطات الاحتلال من إحباطها، قبل ساعات من موعد تنفيذها. جولات التحقيق مع الكرمي رغم صعوبة وضعه الصحي فشلت في انتزاع أية معلومة منه، فقام المحققون وللضغط عليه باعتقال زوجته وحماه، وأدخلوهما عليه، إلا أنه رد على المحققين صابرًا بأن: "لهم الله"، وقالت زوجته بعد الإفراج عنها، مما رأته من صلابته بالتحقيق: "إنني مستعدة لانتظاره مائة عام، فلم أتوقع أن أرتبط بشاب صلب مثل نشأت". [title]سجنـــه[/title] بعد ذلك، تم الحكم عليه بالسجن خمسة أعوام ونصف، بناءً على اعترافات الغير، قضاها في عدة سجون، وكان خلالها مثالاً للمثابر المجتهد، محافظًا على الصيام والقيام. قسّم نشأت ليله في السجن ما بين القيام وقراءة القرآن والمطالعة، ونهاره ما بين الرياضة والمطالعة، وقراءة ومراجعة القرآن، ومتابعة الأخبار، وكان متابعًا سياسيًّا ومحللاً من الدرجة الأولى، وأتقن خلال اعتقالاته اللغة العبرية. تولّى في سجنه مسؤولية عدة لجان، منها: اللجنة السياسية العامة، والثقافية العامة، وانُتخب عضوًا في مجلس الشورى العام، كما انتخبه إخوانه الأسرى بعدها عضوًا في المكتب الإداري، كما تولى بأحد اعتقالاته جهاز الأمن "مجد" المسؤول عن حماية التنظيم داخل السجن، قام خلاله بكَشْف بعض العملاء، وقد أفرج عنه من اعتقاله الأخير في 11/8/2009. [title]زواجه[/title] وبعد ثلاثة أيام من الإفراج عنه، وفي 14/8/2009، كان موعد زواجه، خشية مداهمة اعتقال جديد، إلا أن الاحتلال أبى على نشأت إكمال فرحته، فكان منزله بعد أقل من أسبوعين على زواجه، ساحة اقتحام جديدة لجيش الاحتلال؛ ليسلمه خلاله استدعاءً لمراجعة المخابرات. وخلال الأشهر الأولى لزواجه، أخبرته زوجته بأنها حامل في شهرها الأول، فقال لها: "إن ما في أحشائك أنثى، واسمها "حور العين"، وبعد تسعة أشهر كانت كما قال، وحملت الاسم الذي أراد، وكان من كراماته أن عرف جنس المولودة بدون العودة إلى الأخصائيين في علم الولادة. وهكذا تمضى صفحات العز والمجد والفخار لترسم للأحرار الدرب، وتردد في خشوع صداح الراحلين عن الحياة "هذا سبيلي فإن صدقت محبتي فاحمل سلاحي". [img=102012/re_1349698838.jpg]الأهالي ينتشلون جثمان أحد الشهداء[/img] [img=102012/re_1349698913.jpg]غضب جماهيري بعد نقل الشهداء للمشفى[/img] [img=102012/re_1349699016.jpg]تشييع جماهيري واسع للشهداء [/img] [img=102012/re_1349699074.jpg]مكان تنفيذ العملية وفي الإطار القتلى الصهاينة[/img] [img=102012/re_1349699159.jpg]السيارة المستهدفة في العملية[/img] [img=102012/re_1349699216.jpg]جنود الاحتلال يطوقون مكان العملية[/img]
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.