13.08°القدس
12.92°رام الله
12.19°الخليل
18.45°غزة
13.08° القدس
رام الله12.92°
الخليل12.19°
غزة18.45°
الخميس 28 نوفمبر 2024
4.63جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.86يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.63
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.86
دولار أمريكي3.65

أويل برايس: حرب النفط التي تخوضها السعودية قد تقود لإفلاسها

3202010162837991
3202010162837991

نشر موقع "اويل برايس" مقالا للكاتب سايمون واتكينز، يقول فيه إن من يملكون ذاكرة عاملة قد يظنون أن قرار السعودية الأسبوع الماضي، بأن ترفع إنتاجها من النفط إلى أقصى كمية ممكنة لتحطيم أسعاره في السوق، والتسبب بإفلاس قطاع نفط الصخر الزيتي في أمريكا، كان مجرد كذبة نيسان جاءت مبكرة. 

ويستدرك واتكينز في مقاله، قائلا إن "من الواضح أن ذلك ليست هي الحال، لكن يبدو أن النسيان الجماعي أصاب المسؤولين في الرياض وأعضاء أوبك الآخرين حول مدى كارثية الحرب الماضية التي شنتها السعودية على قطاع الصخور الزيتية في أمريكا في الفترة بين عامي 2014 و2016، ومهما كانت النتائج صعبة المرة الماضية للسعودية وحلفائها المقربين الذين أصبحوا الآن أكثر فقرا، فإنه من المرجح أن تكون الأمور هذه المرة أسوأ بكثير". 

ويشير الكاتب إلى أن "المرة الأخيرة التي استخدمت السعودية فيها هذه الاستراتيجية كانت عام 2014، وكانت لديها فرصة أكبر للنجاح مما هي الآن، وفي وقتها كان يعتقد بأن منتجي النفط من الصخور الزيتية ليس بإمكانهم إنتاج النفط بشكل مستمر لاستعادة رؤوس أموالهم ما لم يحصلوا على حوالي 70 دولارا للبرميل من نفط برنت، وكان لدى السعودية احتياطي عملة أجنبية وصل إلى 737 مليار دولار في آب/ أغسطس 2014، ما سمح لها بهامش حركة كبير سمح لها بإبقاء سعر الريال السعودي مقابل الدولار ثابتا، وتغطية النقص في الميزانية بسبب انخفاض أسعار النفط الناتج عن زيادة الإنتاج، وفي الوقت ذاته فإن روسيا كانت في ذلك الوقت مجرد مراقب".  

ويلفت واتكينز إلى أن "السعودية كانت متأكدة تماما من نجاح خطتها، حتى أنه خلال اجتماع خاص في تشرين الأول/ أكتوبر 2014 بين مسؤولين سعوديين وشخصيات كبيرة في صناعة النفط العالمية، كشف عن أن السعودية مستعدة لتحمل أسعار نفط برنت ما بين 80 إلى 90 دولارا للبرميل لسنة أو سنتين، وكان ذلك تحولا تاما عن فهم سابق من أعضاء أوبك الآخرين الذين كانت السعودية تعد بطلتهم بفعل كل ما بوسعها لإبقاء أسعار النفط عالية لدعم ازدهار الدول الأعضاء في أوبك، إلا أن السعودية جعلت من الواضح في اجتماع نيويورك أن لديها هدفين واضحين من خلال زيادة إنتاجها؛ الأول تدمير أو إبطاء تطور صناعة إنتاج النفط من الصخور الزيتية، والثاني هو الضغط على أعضاء أوبك الآخرين للالتزام بحصصهم الإنتاجية".

ويبين الكاتب أنه "خلال أشهر قليلة من بدء استراتيجية تدمير صناعة الصخور الزيتية، أصبح من الجلي للسعوديين بأنهم ارتكبوا خطأ فظيعا من خلال استهانتهم بإمكانيات قطاع الصخر الزيتي الأمريكي بأن يعيد ترتيب أساليب عمله ليصبح فعالا أكثر مما كانوا يظنون أنه ممكن، وتبين أن كثيرا من أفضل الشركات العاملة كان بإمكانها الوصول إلى حالة التوازن عندما يكون سعر برميل نفط برنت 30 دولارا أو أكثر، وأن تحقق أرباحا لا بأس بها عندما يكون سعر البرميل بين 35 و37 دولارا، ومع تقدم التكنولوجيا وجدت الشركات بأنها تستطيع الحفر الأفقي لمسافات أطول والحفاظ على التصدعات بكميات أكبر من الرمال الأكثر نعومة".
 
وينوه واتكينز إلى أن "هذه الأساليب ساعدت في الحصول على المزيد من كميات النفط من الآبار التي تم حفرها، إضافة إلى زمن أقل للحفر، بالإضافة إلى أنهم بدأوا في الاستفادة من منصات الحفر المتعددة، ووصلوا إلى المسافات الأفضل بين الآبار لتحقيق تطوير فعال، ما سمح لهم بالتقليل من التكلفة، كما أن تطوير قطاع الصخر الزيتي سمح لأمريكا بأن تخفض من اعتمادها في الطاقة على السعودية، وأن توسع من نفوذها الجيوسياسي بشكل أكبر حتى أصبحت الدولة الأولى المنتجة للنفط في العالم".
 
ويقول الكاتب: "بالنظر إلى تداعيات العامين 2014 – 2016، وهي الفترة التي استمرت فيها الاستراتيجية السعودية، فإن الخسائر المشتركة للدول الأعضاء في أوبك كانت 450 مليار دولار من دخل النفط بسبب الأسعار المنخفضة، بحسب إحصائية وكالة الطاقة الدولية، ولا تزال تتعامل مع هذه الثغرات في صناديق الاحتياط من العملة الأجنبية وفي ميزانياتها بسبب دفع أسعار النفط من أكثر من 100 دولار للبرميل إلى أقل من 30 دولارا للبرميل".
 
ويفيد واتكينز بأن "السعودية ذاتها انتقلت من وجود فائض في الميزانية إلى العجز عام 2015، الذي وصل إلى 98 مليار دولار، وقد أنفقت ما لا يقل عن 250 مليار دولار من احتياطيات العملات الأجنبية، التي تقول كبار الشخصيات السعودية بأنها أموال فقدت إلى الأبد، وحتى قبل حرب الأسعار هذه كان يتوقع أن تواجه السعودية عجزا في الميزانية كل عام ربما حتى عام 2028، بحسب معظم التقديرات، وحتى تحصل الموازنة يجب أن يكون سعر برميل برنت 84 دولارا على الأقل".
 
ويؤكد الكاتب أن "الوضع الاقتصادي والسياسي كان سيئا في 2016، لدرجة أن نائب وزير الاقتصاد، محمد التويجري، قال بوضوح -وانتقاد غير مسبوق تماما من وزير سعودي- في تشرين الأول/ أكتوبر 2016: (إن لم نقم بأي إجراءات إصلاحية، وإن بقي الاقتصاد العالمي ذاته، فإنه محكوم علينا بالإفلاس خلال ثلاث أو أربع سنوات)، وهو ما يعني أنه إن بقيت السعودية تنتج كميات كبيرة من النفط لخفض أسعار النفط -كما تفعل الآن، مرة أخرى- فإنها ستفلس خلال ثلاث إلى أربع سنوات". 
 
ويعلق واتكينز قائلا إن "الحديث عن ثلاث أو أربع سنوات فيه تفاؤل الآن؛ لأنه يجب أن نذكر أن عام 2016 لم يكن السعوديون يتوقعون فيه أن قطاع الصخر الزيتي الأمريكي يمكنه الاستمرار في النمو من ناحية إمكانياته الإنتاجية، وأن سعر التوازن بالنسبة لروسيا يصل إلى 40 دولارا للبرميل، وما يعنيه هذا من ناحية تجريبية هو أن بإمكان كل من أمريكا وروسيا أن تنتظرا أكثر من السعودية عندما يكون سعر البرميل 40 دولارا أو أقل، وعدا عن ناحية مستوى سعر النفط فإنه يمكن للجانبين الاستفادة بشكل أوسع أيضا". 
 
ويقول الكاتب إنه "بالنسبة لأمريكا فإن هناك فوائد اقتصادية، خاصة في عام ستكون فيه تداعيات اقتصادية سلبية بسبب فيروس كورونا، وهذا يعني فوائد سياسية أيضا، وكقاعدة عامة فإنه يقدر بأن تخفيض 10 دولارات من سعر برميل النفط الخام يؤدي إلى تخفيض أسعار المحروقات في محطات الوقود بمعدل 25 – 30% للجالون، وأن لكل سنت ينخفض فيه سعر الوقود، يزيد صرف المستهلك مليار دولار في العام، ومن ناحية سياسية فإن تداعيات ذلك لرئيس يسعى للترشح لدورة رئاسة ثانية هائلة جدا".

ويورد واتكينز أنه "بحسب المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية، فإن الرؤساء الأمريكيين الذين فازوا في انتخابات الدورة الثانية لم يكن الاقتصاد 11 مرة من أصل 11 مرة في حالة ركود في الأشهر الأربعة وعشرين السابقة للانتخابات، ومع ذلك فإن واحدا من سبعة رؤساء (كالفين كوليدج عام 1924) دخلوا الانتخابات ثانية خلال فترة ركود فاز في الانتخابات، ومجرد التفكير بأن أي رئيس أمريكي سيسمح لقطاع الصخر الزيتي بأن يتضرر بشكل كبير هو فكرة ساذجة، وأعلن الرئيس ترامب قبل أيام أنه يتم بحث مجموعة من الإجراءات لدعم هذا القطاع، وقد يشمل هذا الأمر استراتيجية رابحة من ناحيتين، وهي استغلال الأسعار المنخفضة للنفط لشرائه من شركات الصخر الزيتي لزيادة المخزون الاحتياطي الأمريكي".

ويشير الكاتب إلى أنه "بالنسبة لروسيا، التي كانت استراتيجيتها في السياسة الخارجية تحت حكم الرئيس بوتين هي (خلق الفوضى ثم طرح حلول روسية وبالتالي فرض نفوذ روسي)، فإنه لا يمكن لشيء أن يكون أفضل من حرب أسعار النفط السعودية، فأولا إن استقرت أسعار النفط على 40 دولارا للبرميل وعاد الطلب الصيني على النفط إلى مستواه مع نهاية هذا الشهر، فإن روسيا في وضع جيد من منظور الميزانية، ويمكن لشركات النفط فيها أن تنتج أي كمية تريدها، وحتى لو لم يعد سعر برميل النفط إلى ذلك المستوى فإن روسيا ستكون مستفيدة من كون السعودية تعلن الحرب الاقتصادية على حليفتها الوحيدة في العالم مرتين خلال عشر سنوات".
 
ويلفت واتكينز إلى أن "روسيا، التي أصبحت في موقع سيطرة في دول الهلال الشيعي في الشرق الأوسط -لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن (من خلال إيران)- تحاول العمل على مد نفوذها للبلدان الواقعة على أطراف الهلال، التي تشمل أذربيجان (75% شيعة وكانت ضمن دول الاتحاد السوفييتي سابقا) وتركيا (25% شيعة وغاضبة بسبب عدم قبولها عضوا في الاتحاد الأوروبي)، مع أن الدول الأخرى تبقى أهدافا بعيدة المدى، بما فيها البحرين (75% شيعة) وباكستان (25% شيعة ولديها أعداء أمريكا اللدودان تنظيم القاعدة وحركة طالبان)".
 
وينوه الكاتب إلى أن "هذا كله يأتي في وقت يواجه فيه الحاكم الفعلي للسعودية -ولي العهد محمد بن سلمان (أم بي أس)- أخطر تحد لسلطته، وبرز ذلك قبل أيام قليلة في تقارير تفيد بأن ابن سلمان أمر باعتقال آخر لأبرز معارضيه (وكانت أكبر عملية اعتقال سابقة في نهاية عام 2017 في فندق ريتز كارلتون)، وشملت الاعتقالات الأخيرة الأمير أحمد بن عبد العزيز، وهو الأخ الأصغر للملك سلمان، والأمير محمد بن نايف، وهو ابن أخ الملك وولي العهد السابق، وبحسب تقارير عديدة فإن صحة الملك الحالي البالغ من العمر 84 عاما سيئة، ما أثار تزاحما بين كبار العائلة المالكة لخلافته". 
 
ويختم واتكينز مقاله بالقول: "يجب أن نتذكر أن (أم بي أس) لم يكن دائما وليا للعهد، فقبل حزيران/ يناير 2017 عندما عين وليا للعهد كان يشغل هذا المنصب الأمير محمد بن نايف، الذي تم اعتقاله مؤخرا، في الوقت الذي كان فيه الأمير أحمد بن عبد العزيز أحد الأعضاء الثلاثة من هيئة البيعة الذين عارضوا تعيين (أم بي أس) وليا للعهد بدلا من ابن عمه محمد بن نايف في 2017، ولا يعرف السبب الذي يجعل (أم بي أس) يقدم على جعل بلاده تفلس وينفق ما تبقى من احتياطيها من العملات الأجنبية وينفر الحليف المهم الوحيد في العالم، لكن مهما كان السبب الذي يجعله يفعل ذلك فإن كلا من أمريكا وروسيا سعيدتان بأن تبقيا تراقبان كيف تسير أمور (أم بي أس)".