ستة آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية يستصرخون ضمائر الفلسطينيين قبل الآخرين، ويناشدون مؤسسات العالم الحقوقية والإنسانية للعمل من أجل إطلاق سراحهم، كي لا تتحول السجون الإسرائيلية إلى مقابر جماعية، في حال تسلل فيروس كورونا القاتل إلى غرف السجن الضيقة، التي يستحيل معها العزل والوقاية وحماية حياة الأسرى.
في (إسرائيل) عشرات السجون، وفي كل سجن عشرات الغرف، وفي كل غرفة عشرات الأسرى الفلسطينيين، محشورون، متلاصقون، يختنقون، ولا مسافة تفصل بين أسير وآخر، يلتقون في الباحة كل يوم، ولا مناص لهم إلا أن يكونوا على مسافة صفر من بعضهم البعض، في أجواء تحفز الفيروسات على الانتشار، في الوقت الذي لا طاقة ولا إمكانية لإدارة السجون كي تتعامل مع عدوى انتقال فيروس كورونا بين الأسرى، وهذا ما تدركه الحكومة الإسرائيلية.
انتشار فيروس كورونا بين السجناء يضع الحكومة الإسرائيلية أمام المساءلة القانونية، ويضعها في حرج دولي، لذلك فالشعب الفلسطيني أمام فرصة لا تعوض للضغط على الإسرائيليين للإفراج عن الأسرى، وذلك بخطوتين:
الأول: أن تبادر قيادة المقاومة في غزة، وتعلن عن استعدادها وجاهزيتها لصفقة تبادل أسرى، وذلك حرصاً على حياة البشر، سواء كانوا أسرى فلسطينيين أم أسرى إسرائيليين، وتفادياً لانتشار فيروس كورونا بين الأسرى من كلا الطرفين، فمثل هذه المبادرة التي تشكل إحراجاً للحكومة الإسرائيلية، تمثل في الوقت نفسه طوق نجاة للحكومة نفسها، وهي تفتش عن مسوغ يقنع للشارع الإسرائيلي بضرورة إنجاز صفقة تبادل أسرى.
الثاني: أن تلتقط حكومة رام الله مبادرة رجال المقاومة في غزة، وتوظفها لصالح الأسرى، وذلك من خلال تكثيف الضغط الدولي على الحكومة الإسرائيلية لإطلاق آلاف الأسرى ذوي الأحكام المخففة، وصغار السن، وكبار السن، والمرضى، والنساء، كبادرة حسن نوايا، وكخطوة إسرائيلية تهيئ الأجواء لإنجاز صفقة تبادل أسرى مع رجال المقاومة فيما بعد.
قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ليست قضية إنسانية محضة، إنها قضية سياسَة، وقضية شعب، قضية يجب ألا تثار في المناسبات والمواسم فقط، قضية الأسرى الفلسطينيين واجب وطني وديني وأخلاقي وإنساني، وعلى الجميع العمل بلا كلل من أجل إطلاق سراحهم، وربط بقائهم خلف الأسوار بالبقاء الفلسطيني نفسه.