لا يعترف (الكبار) عادة بأخطائهم. خطأ الكبير قد يضر بمصالح شعب كبير بكامله، ومع ذلك فكبرياؤه المزيف يمنعه من الاعتراف بخطئه. الكبير يملك الشجاعة للطلب ممن هم دونه أن يمتلكوا الشجاعة وأن يعترفوا بأخطائهم أو بتقصيرهم، ولا بأس من أن يلوح لهم بلجان التحقيق وبعصا المحاسبة. شجاعة الكبير هذه مزيفة، أو قل انتهازية لأنها تغيب عنه حين يقع هو في الخطأ أو في التقصير المخل بحقوق الشعب. لقد رحل مبارك، ورحل زين العابدين، ورحل القذافي، ولم يعترف أحدهم بأخطائه، والشعب (ملعون والدين؟!) لا يقدر ويتعامل مع جهات أجنبية تتآمر على الوطن. الشعب فعلاً (ملعون والدين) لأنه أسهم بصمته في نشر روح فرعون في رجال صغار أمام الشعوب. عشرون عامًا مضت من عمر الشعب والقضية الفلسطينية ونحن (في مكانك عد) لا نتقدم إلى الأمام، ولا نتراجع إلى الخلف، ويطلب منا القادة في (م ت ف) وفي النظام العربي أن نواصل السير في المكان نفسه. بالأمس القريب صرح صائب عريقات واسمه كبير المفاوضين الفلسطينيين أن اتفاق أوسلو أسفر عن سلطة وظيفية تشرف على الإدارة، وتقوم بالتنسيق الأمني في مقابل الأموال التي تتلقاها. وبالأمس القريب أيضًا التقى رئيس السلطة بيهود باراك وزير دفاع حكومة نتنياهو لقاء سريًا في عمان برعاية أردنية للبحث عن مخرج للأزمة القائمة منذ تولي نتنياهو الحكم؟! أوسلو بحسب عريقات وغيره لفظ أنفاسه الأخيرة. ومشروع حل الدولتين دمرته حكومات الاحتلال المتوالية، ومن المنتظر أن يعود نتنياهو إلى رئاسة الحكومة بشكل أقوى لأربع سنوات أخريات، وليس من المنتظر أن تعود الحياة إلى مشروع حل الدولتين، لأنه كان مشروعًا للاستهلاك المحلي وتقطيع الوقت. أوسلو مات، وحل الدولتين يموت، وحل الدولة الواحدة ثنائية القومية مات قبل أوسلو، ورئيس السلطة يلتقي سرًا أو علنًا للبحث عن مخرج من الأزمة؟! البحث عن الأزمة، وعن المخرج منها، لا يكون بلقاء باراك ولا حتى نتنياهو، ولا حتى بالعودة إلى المفاوضات، ولا حتى بمقاطعتها، البحث عن مخرج من الأزمة أن يعترف (الكبير) بأنه أخطأ، وأن سنين طويلة مضت من عمر القضية دون أن تتقدم فلسطين نحو الحل، ومن يعترف بالخطأ، يكون قادرًا على تحمل مسئولياته، ومن ثم يكون قادرًا على البحث عن حل للأزمة وعن مخرج مشرف منها ومن الخطأ. البحث عن المخرج (يا كبير) يكون بالعودة إلى الشعب، وترجمة كلام صائب عريقات الصريح بكلمة واحدة: (لقد أخطأنا) أو قل (لقد فهمناكم) ثم بعد ذلك: (تعالوا نبحث عن مخرج من الأزمة). تعالوا معنا جميعًا لأنني لا أملك الحقيقة كاملة، بل أنتم شركائي في امتلاكها. لقد أخطأت ولم أتعمد الخطأ، وأنت أيها الشعب صاحب السلطة والقرار، فقرر ما تشاء للخروج من الأزمة. ولقاء باراك وغيره لم يعد مفيدًا. اللقاء المفيد مع الشعب فقط، وبعد الاعتراف بالخطأ.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.