تبين أن السعودية فقدت أكثر من 873 مليار ريال سعودي (233 مليار دولار أمريكي) من احتياطياتها المالية التي تشكل صمام الأمان للاقتصاد المحلي، وذلك منذ وصول الملك سلمان الى الحكم في يناير 2015 وحتى نهاية العام الماضي، دون أن يتبين الى أين ذهبت هذه المبالغ الضخمة ولا أين تم إنفاقها.
وكان الصحافي البريطاني الشهير والمتخصص في قضايا الشرق الأوسط ديفيد هيرست قد أشار بشكل عابر في مقال له قبل أيام الى هذا الرقم، وذلك في سياق استعراضه للتطورات التي مر بها الاقتصاد السعودي والتحديات التي يواجهها حالياً في ظل انهيار أسعار النفط، لكن هيرست لم يتوسع في الحديث عن هذا الرقم ولا عن مصدر المعلومة.
وأمضت يومين في مراجعة البيانات الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" منذ العام 2014، أي منذ ما قبل وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، وحتى آخر البيانات التي صدرت عن المؤسسة، ليتبين أن الاحتياطي السعودي على الرغم من أنه لا يزال رقماً ضخماً إلا أنه فقد مبلغاً فلكياً يقترب من تريليون ريال.
وتشير البيانات الى أن "إجمالي الأصول الاحتياطية" لدى مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) كانت في كانون أول/ ديسمبر 2014 عند مستوى 2746 مليار ريال (732 مليار دولار)، لكنها ظلت تتهاوى شيئاً فشيئاً منذ تولى الملك سلمان الحكم لتصل في كانون أول/ ديسمبر 2019 الى مستوى 1873 مليار ريال (499 مليار دولار)، ما يعني أن خزائن الاحتياطيات السعودية فقدت خلال هذه الفترة 233 مليار دولار أمريكي، أو بلغة أخرى فان 46 ملياراً و600 مليون دولار تتبخر من خزائن الاحتياطي السعودي سنوياً منذ أن وصل الملك سلمان الى الحكم.
ولا تعلن السعودية أين تذهب هذه الأموال ولا كيف تتناقص ولا الأسباب التي تقف وراء هذا التراجع، لكن بعض المحللين يتحدثون عن خسائر ضخمة تتكبدها السعودية من جراء الحرب التي تشنها على اليمن منذ سنوات.
ويشكل هذا المبلغ المفقود اقتصادات وموزنات دول بأكملها، حيث يعادل موازنة بلد مثل الأردن أو تونس لمدة تزيد عن 18 عاما!!
وكان الملك سلمان قد تولى الحكم في السعودية يوم الثالث والعشرين من يناير 2015، وبعدها بثلاث شهور فقط أعلن بدء حربه على اليمن من أجل الاطاحة بالحوثيين وإعادة الحكومة الشرعية، فيما عين ابنه الأمير محمد وزيراً للدفاع ليقود هذه الحرب، لكن السعودية لم تتمكن منذ ذلك الحين من التغلب على الحوثيين، كما لم تتمكن القوات الموالية لها في اليمن من دخول العاصمة صنعاء، فضلاً عن أن الرئيس اليمني لا يزال منذ ذلك الوقت يعيش في الرياض دون أن يستطيع العودة الى اليمن.
يشار الى أن هذه الارقام ترجع الى ما قبل انهيار أسعار النفط والذي بدأ في شهر آذار/ مارس الماضي، حيث كانت هذه الأموال تتبخر على الرغم من الأسعار المرتفعة للنفط الذي يشكل المصدر الأساس لايرادات السعودية المالية، لكن الأسعار بدأت تتهاوى في الأسبوع الأول من الشهر الماضي الى أن هبطت عن مستوى العشرة دولارات للبرميل في النصف الثاني من نيسان/ أبريل الحالي. كما أن إيرادات السعودية من الحج والعمرة تعطلت هي الأخرى بعد أن دخل على المسلمين شهر رمضان المبارك دون أن يصل الى المملكة ولو زائر واحد بسبب فيروس "كورونا" الذي تسبب بإغلاق عالمي واسع.