في السنوات الماضية قفزت قضية التطبيع إلى الأمام حيث سجلت الكثير من الخطوات التطبيعية بين عدد من الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي. وكان الكثير منها يتم تحت عناوين ثقافية وتجارية ورياضية وأحياناً عبر زيارات إعلامية أو دينية.
قال رئيس حركة حماس في الخارج ماهر صلاح : "إن قضية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي قضية قديمة منذ نشأة القضية الفلسطينية، لكنها تتجدد وتتطور وفق المتغيرات السياسية والوقائع الإقليمية والدولية ومتغيرات الصراع مع الاحتلال وموازين القوى. كما أن قضية التطبيع تتغير وفق سياسة الحكام والقادة العرب الذين يقررون أو يؤثّرون في تجميد أو دفع خطوات التطبيع إلى الأمام".
أضاف صلاح: "منذ سنوات هناك اندفاع لدى بعض الأنظمة العربية للتطبيع مع الاحتلال لأن هذه الأنظمة تعتقد أنها تحصل على الأمن والاستقرار والحماية كما تحصل على شرعية استمرار الحكم بعدما شهدته المنطقة العربية من ثورات".
هل تعتبرون التطبيع أمراً واقعاً؟.. رد صلاح: "نحن نرى أنه لا مستقبل للتطبيع. كل المحاولات التطبيعية خيانة وتزوير لإرادة الشعوب ومواقف الأمة. حركات رفض الاحتلال ومقاطعته تزداد في العالم. نحن ندعو لنبذ المطبعين شعبياً وإعلامياً ومواجهتهم".
نحن إذاً أمام تحديات صعبة؟..أجاب رئيس حركة حماس في الخارج: "التطبيع من أكثر المسائل الصعبة التي نواجهها كفلسطينيين وتواجهها أمتنا في هذه المرحلة. وهذا يعود لما أنتجته عملية التسوية من اتفاقات مع الاحتلال ومن تنسيق أمني واعتراف دولي وعربي. وهنا كانت أهم النتائج الخطرة لاتفاق أوسلو عام 1993. وهناك ضعف في الواقع العربي ترافق مع بروز أنظمة متصالحة بالكامل مع الاحتلال وخروج عن المقررات العربية. كما أن هناك الآن تجاوب قوياً مع ما تريده الإدارة الأمريكية وما تطلبه حكومة نتنياهو. يضاف لذلك وجود قرارات بالتطبيع بمختلف العناوين لدى بعض دولنا العربية. وجاءت صفقة القرن وترحيب بعض الدول العربية كدليل على ذلك".
هل هذا انتصار للاحتلال؟: "أعتقد أن العامل الفاعل في نجاح أو فشل عملية التطبيع مرتبط بإرادة الشعوب والنخب الحرة وممثلي الاتحادات والنقابات. الشعوب في معظمها تعتبر فلسطين قضيتها المركزية وتلتف حول المقاومة وترفض الاعتراف بالكيان الصهيوني. والمقاومة الفلسطينية تحظى بدعم شعبي عربي وإسلامي كبير. هذا الرفض الشعبي كان ولا يزال من أهم الحواجز التي تؤخر انحدار بعض الأنظمة نحو التطبيع المعلن مع الاحتلال رغم أن نتنياهو تباهى بتقدم كبير حاصل مع أكثر من دولة عربية".
وحول مستوى التطبيع قال صلاح : "إن التطبيع ياخذ أبعاداً سياسية واقتصادية ويتم تحت عناوين ثقافية وتجارية. لكن خطورته تكون أكبر في التطبيع الديبلوماسي والتعاون الأمني وفتح المجتمعات أمام المؤسسات الصهيونية والتنسيق في محاربة المقاومة وإضعاف الموقف الفلسطيني. ويترجم ذلك للأسف في التنكر للقضية الفلسطينية ليصل أحياناً إلى تزوير التاريخ والتهجم على القضية الفلسطينية ومحاربة كل من يعمل لها".
وعن الدور المطلوب لمواجهة التطبيع قال رئيس حركة حماس في الخارج : "مقاومة التطبيع تتم من خلال الوعي والإلمام بخطورة قضية التطبيع على أمن دولنا ومجتمعاتنا والجهود المشتركة والتنسيق بين مختلف الأطر الوطنية واستخدام التحركات الشعبية ووسائل الإعلام والنقابات والفنانين. ولا شك أن للعلماء والمفكرين دوراً كبيراً في ذلك".
كيف ترى تأثير التطبيع على الدول المطبعة؟ أجاب "بحكم الواقع إن الدول التي تسعى للتطبيع ستكون ذاهبة نحو خيارات مدمرة لأن الاحتلال لا يعترف بمصالح مشتركة وهو يعمل على الاستنزاف السياسي والاقتصادي والإضعاف الأمني وسلب مصادر القوة ونهب الثروات والتخريب الداخلي. لا يمكن بناء صداقات مع كيان قام على القتل والإرهاب والتزوير، ولديه أسوأ سجلات إرهابية في العالم. لننظر إلى الدول التي اعترفت بالاحتلال كيف فقدت سيادتها ومصادر قوتها".
هل أنتم مرتاحون لجهود مقاومة التطبيع؟ قال رئيس حركة حماس في الخارج "لا بد من الإشادة بالجهود الشعبية والرسمية والأصوات والمواقف البرلمانية التي تبذل في مقاومة التطبيع.ثقتنا كبيرة بحقيقة مواقف ومشاعر شعوبنا. المطبعون شرذمة قليلة منبوذة تعاني من هزيمة نفسية أمام المحتل. نطالب برفع الصوت العربي أعلى في مقاومة التطبيع".
عن مستقبل التطبيع قال صلاح : "إن المستقبل هو للمقاومة التي تحمل مشروع التحرير والعودة والتي استطاعت إفشال مخططات الاحتلال أكثر من مرة. ولا شك أن حجم الالتفاف الفلسطيني والشعبي العربي هو عنصر قوة للمقاومة".