23.44°القدس
22.82°رام الله
21.08°الخليل
24.57°غزة
23.44° القدس
رام الله22.82°
الخليل21.08°
غزة24.57°
الإثنين 17 يونيو 2024
4.71جنيه إسترليني
5.25دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.99يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.25
جنيه مصري0.08
يورو3.99
دولار أمريكي3.72

خبر: تسارع خطوات سقوط الأسد

تتسارع خطوات إسقاط نظام الحكم في سوريا، كما تؤكد ذلك الوقائع الميدانية، وكذلك التطورات التي طرأت على مواقف الدول الإقليمية، والدولية المعنية بملف الأزمة السورية. ميدانيا، استأنفت قوات الثورة السورية تقدمها باتجاه السيطرة على المزيد من المدن والبلدات، والقواعد العسكرية، وخاصة الجوية والصاروخية، وكذلك على طرق، ومفارق إستراتيجية أهمها بلدة معرة النعمان، التي قطعت قوات الثوار من خلال السيطرة عليها، الطريق الإستراتيجي الواصل بين دمشق وحلب.. حاجبة الإمدادات العسكرية والتموينية الرئيسة عن القوات النظامية التي تخوض معركة حلب منذ ثلاثة أشهر. وإلى ذلك فقد اتسع نطاق سيطرة الثوار على مراكز حدودية مهمة، مثل مركز حدود باب الهوا مع تركيا. استئناف توسيع الرقع الجغرافية التي يسيطر عليها الثوار، يعني أن الثوار نجحوا في الخروج من حالة المراوحة المكانية، إلى حالة قضم المزيد من الأراضي والأهداف. قد يكون القضم بطيئا، لكنه بالتأكيد يحقق تقدما عسكريا لصالح الثوار، وعلى طريقة "التراكمات الكمية تؤدي إلى تغيرات نوعية" ـ في الميدان هذه المرة ـ، وفقا لمقولة ماركسية، تتمنى موسكو قلبها الآن، كما سبق لها الانقلاب على الماركسية ذاتها، كنظرية، وكنظام حكم، مع انهيار الإتحاد السوفياتي. أخطر ما في هذا التحول أنه يتم دون حصول قوات الثوار على دعم تسليحي مميز، إذ أن كل الأطراف الدولية، وكذلك الإقليمية تمتنع عن تسليح الثوار.. وخاصة الولايات المتحدة الأميركية وأطراف حلف الناتو. الموقف الأميركي عبر عنه المرشح الجمهوري لمنصب الرئيس، بتعهده أن يدعم الثوار تسليحيا في حال فوزه.. الأمر الذي يعني: 1. أن إدارة اوباما لا تفعل ذلك. 2. أن الرأي العام الأميركي يدعم الشعب السوري، وتحرره من النظام الذي يستعبده منذ تشرين ثاني/ نوفمبر 1970. أما الموقف الأوروبي فيتم التعبير عنه عبر بيانات متتالية عن حلف الناتو تؤكد كلها عدم وجود نية للتدخل العسكري في سوريا. ما الذي تريده واشنطن وحلف الناتو إذا..؟ يريدان إطالة أمد الثورة السورية، بما ينهك الدولة السورية، والشعب السوري، حتى يكون دم الثوار قد برد، حين يحين أوان الحسم العسكري، ولا يعود أحدا في سوريا يفكر في فتح جبهة مع إسرائيل، أو حتى مجرد التحدث عن تحرير الجولان وفلسطين..! هذه التطورات الميدانية انعكست على سلوك النظام السوري، حيث ازداد وحشية وعصبية، كما يتبين من حجم الدمار الذي أصبح يتعمد إلحاقه بالمدن السورية الثائرة.. خاصة حلب ومعرة النعمان. حلب لأن رأس النظام سبق له أن بشر السوريين بأن من يتمكن من حسم معركتها، يقرر مصير النظام في دمشق..! ومعرة النعمان، لأن سيطرة الثوار عليها ترجح كفة الثوار في الحرب، وحسم معركة حلب على طريق سيطرتهم على دمشق.. خاصة وأن الثوار يواصلون القتال منذ أشهر عديدة في جبهة حمص.. المفرق الإستراتيجي القابع وسط سوريا، ومنها يمكن الانطلاق بأكثر من اتجاه.. خاصة باتجاه دمشق. طريق حلب دمشق الإستراتيجي يمر في حمص. وطريق الساحل، ومنه اللاذقية والقرداحة.. يمر أيضا في حمص..! وكثير من الإنقلابات العسكرية التي رامت إسقاط النظام في دمشق.. خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كانت تركز أولا على ضرورة السيطرة على حمص، والقواعد العسكرية المحيطة بها. من يسيطر على حلب تسهل سيطرته على حمص. ومن يسيطر على حمص، تسهل حركة قواته لتسيطر على دمشق..! هذه القاعدة يعرفها النظام جيدا، ولذلك يزداد جنونا ووحشية كلما صمدت قوات الثورة في حلب وحمص، وكلما تمكنت من إحكام قبضتها على الأرض، لأن هذا يعني اقتراب بدء تحركها باتجاه دمشق.. التي لا تخلو هي الأخرى من تواجد الثوار في الكثير من أحيائها. تركيا تدرك هي الأخرى خطورة موقف النظام السوري. وتدرك القيادة التركية أيضا أن تحرشات النظام السوري بها، عبر تعمد قصف أهداف مدنية تركية، تأتي انطلاقا من تزايد إحساسه بتسارع واقتراب الخطر الداهم من العاصمة. ويفترض أن القيادة التركية تدرك، أن تحرشات النظام تهدف إلى: 1. التلويح بإمكانية نقل الأزمة السورية إلى تركيا ذاتها.. بما يمكن المراهنة عليه من إشعال حرب عرقية ومذهبية وطائفية داخل تركيا، التي تضم معادلتها الديمغرافية 20 بالمئة أكراد، و15 بالمئة علويين.. أي أن 35 بالمئة من سكان تركيا البالغين 85 مليون نسمة يمكن أن ينقلبوا عليها..! الأكراد يمكن أن يثوروا في حال نشوب حرب مع سوريا، وانشغال الجيش التركي بها, أما العلويين فيمكن أن يثوروا ضد نظام الحكم في حال انتقلت الفتنة المذهبية إليهم. يجدر بالذكر أن مظاهرات علوية خرجت فعلا في تركيا هتفت لبشار الأسد "نحبك ولا تصالح"..! 2. استدراج تدخل دولي لوقف الحرب الإقليمية (سورية ـ تركية، مؤكد أن تشارك بها ايران وحزب الله، وكذلك عراق نوري المالكي). وبالتأكيد أن وقف الحرب الإقليمية يجر معه وقف الدعم الذي يحظى به ثوار سوريا من تركيا، وغيرها.. وهو دعم لوجستي.. تمويني وإنساني في المقام الأول. 3. الحرب الإقليمية، أو التلويح بها يمكن أن يكون مدخلا لوقف الثورة في سوريا، وإرغام دول الإقليم (خاصة تركيا) على انتهاج سياسات تعيد الاستقرار لنظام دمشق..! أنقرة التي تتلمس حتمية، وقرب سقوط نظام دمشق، اختلفت طريقة تعاملها مع رعونة هذا النظام.. فهي بعد أن لم يصدر عنها أي رد فعل عملي على إسقاط طائرة عسكرية لها دون مبرر، أصبحت ترد بالقصف المدفعي والصاروخي على أي قصف سوري تحرشي، وتكتيكي. وأصبحت تطالب علنا، بإقامة شريط حدودي آمن (خال من تواجد القوات السورية)، داخل أراضي سوريا، حماية لمدنييها من القصف. هذا المطلب من شأنه أن يسهل حماية اللاجئين السوريين داخل الأراضي التركية، وأن يسهل وصول الدعم الإنساني.. ومستقبلا الدعم التسليحي لجيش الثورة السورية. طبعا سياسات دمشق أقرب إلى التخبط من أي شيء آخر.. تخبط ما قبل السقوط. في إطار هذا التخبط، بدأ نظام دمشق يصرخ بشكل غير مسبوق.. مهاجما حركة "حماس"، وزعيمها خالد مشعل.. وكذلك دول الخليج بالجملة. لم يدر بخلد النظام وهو يهاجم حركة "حماس" أنه بهذا لا يعود داعما للمقاومة الفلسطينية.. فـ "حماس" هي العامود الفقري للمقاومة الفلسطينية. أما الهجوم على دول الخليج، فإنه يفقده دوره التكتيكي الذي ادعاه منذ سبعينيات القرن الماضي، باعتباره أداة تهدئة للأطماع أو السياسات الإيرانية المهددة لاستقرار دول الإقليم. السعودية بالذات، التي تقود الجبهة الإقليمية المناوئة للملف النووي الإيراني، وما يجره وراءه من عودة إيرانية إلى شعار تصدير الثورة، خاصة في ضوء الدعم الإيراني للتمرد الحوثي في اليمن منذ تسعينيات القرن الماضي، انتهجت خلال السنوات الأخيرة الماضية، سياسة لا هوادة فيها ضد استكمال مشروع القنبلة النووية الإيرانية، والآن فهي تنتهج سياسة عاملة على تسريع سقوط نظام الحكم في دمشق. والسعودية تخشى كذلك من احتمالات سعي طهران إلى إثارة فتنة مذهبية في دول الإقليم. إسقاط نظام دمشق، يعني سعوديا: 1. عزل إيران عربيا، عبر إغلاق نافذتها السورية، وقطع التواصل الجغرافي مع حزب الله في لبنان. 2. إغلاق نافذة الأخطار التي يمثلها النظام السوري على السعودية ذاتها، وعلى عموم دول الإقليم. لذا، فهي تسمح بتسلل مقاتلين سلفيين جهاديين إلى سوريا، وهي أصبحت تعبر مؤخرا عن موقفها بوضوح بالغ من ضرورة إسقاط النظام السوري. الموقف السعودي هذا ليس غير موقف استباقي مما يمكن أن يجره النظام السعودي على السعودية وعموم دول الإقليم من ويلات.. خاصة حال استكمال إنتاج القنبلة النووية الإيرانية. لهذا، فقد وجدنا الرياض، التي عرفت دوما بانتهاج دبلوماسية حصيفة، في تكتمها، تفارق هذه العادة، من خلال الكلمة التي ألقاها ممثلها الدائم أمام الأمم المتحدة في نيويورك الثلاثاء 16/10/2012. أكد السفير السعودي عبدالله بن يحيى المعلمي في كلمته إن "النظام السوري لابد أن يدرك أن ساعة الرحيل قد أزفت وأنه لا يمكن له أن يبني حكمًا على قواعد من الجماجم والأشلاء، أو أن يروي عطشه للسلطة بدماء الأبرياء". وأوضح أن "النظام (السوري) تجاوز في عدوانه حدود بلاده، فأضحى يهدد أمن المنطقة بأسرها"، مستندًا في ذلك "على الدعم العسكري والغطاء السياسي الذي تمنحه إياه بعض الدول الكبرى، ومستمراً في المراهنة على الحل العسكري". بالطبع، لو لم تكن الرياض واثقة من اقتراب سقوط نظام دمشق، لما كشفت عن حقيقة موقفها منه بكل هذا الوضوح. طهران، التي تدرك اقتراب أجل النظام، الذي لم يستمع إلى نصائحها المبكرة بضرورة الإقدام على إصلاحات سياسية تستوعب احتجاجات السوريين، والتي سبق لها في هذا الإطار أن استقبلت وفودا من المعارضة السورية بأمل أن تنجح في احتواء الموقف، لم تعد تقصر تقديم مقترحاتها داخل الغرف المغلقة، إنما أصبحت تجاهر بها عبر وسائل الإعلام. آخر هذه المقترحات يهدف إلى التضحية برأس النظام السوري، أملا في النجاح بالاحتفاظ بالنظام ذاته.. كي تتمكن بهذه الطريقة من الاحتفاظ بمحور طهران ـ دمشق ـ حزب الله..! حسين أمير عبداللهيان، نائب وزير الخارجية الإيراني كشف عن أن طهران اقترحت على الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، "فترة انتقالية" تفضي إلى إجراء انتخابات رئاسية ونيابية.. وكل ذلك تحت إشراف الرئيس الأسد".. يتخللها "وقف العنف، ووقف إطلاق النار، ووقف إرسال الأسلحة، ودعم المجموعات الإرهابية وإجراء حوار وطني بين المعارضة والحكومة". الجديد في التصريح الإيراني هو الكشف عن موافقة دمشق على هذا الاقتراح. ولكن، علينا تلمس أن دوافع الموافقة السورية تختلف عن دوافع المقترح الإيراني. طهران، تريد التضحية بالرئيس، والاحتفاظ بمصالحها في المنطقة، عبر الاحتفاظ بنظامه، في حين أن موافقة الرئيس تهدف إلى وقف تقدم الثوار نحو دمشق، وتزوير انتخابات جديدة يفوز بها، تصديقا لأكذوبة أنه يحظى بثقة 70 بالمئة من السوريين..! بشار الأسد، الذي سبق له القول أنه لن يغادر الرئاسة قبل انتهاء ولايته سنة 2014، يريد الآن أن يجدد ـ عبر التزوير ـ ولاية جديدة لسبع سنوات أخر.. حتى 2020..!! موسكو التي تدرك ما تدركه كل دول المنطقة من حتمية سقوط النظام، تعمل هي الأخرى على تأجيل هذا السقوط ريثما تتمكن من مقايضة رأس النظام، بالنظام، تماما كما تخطط طهران، غير أن وسيلتها هذه المرة هي اللجوء إلى طائرات "سوخوي 35" لردع أي تدخل تركي في صياغة سوريا ما بعد بشار الأسد.. تريد أن تعمل مع طهران على صياغة النظام الجديد، بما يحافظ على مصالحهما، التي تتهددها انحيازاتهما السابقة إلى جانب النظام ضد الشعب. الجميع يعمل على الحفاظ على مصالحه بعد بشار الأسد، ولكن ماذا عن عرب ـ على قلتهم ـ حرقوا كل سفنهم في نار بشار الأسد، بإسم القومية العربية، والمقاومة والممانعة، وصبوا جام غضبهم على غالبية القوميين العرب، والمقاومين الفلسطينيين، بدعوى تبرير وقوفهم إلى جانب نظام الطاغية..؟! هؤلاء نحروا أنفسهم دون شفقة أو رحمة، ولم يجيدوا حتى الإنتهازية التي امتهنوها طوال عمرهم.