هل تذكرون معركة حلب التي بشرنا فيها إعلام النظام السوري وشبيحته؟ اليوم تبين أن النظام ليس لديه القدرة على استعادة أحياء حلب على قلة عديد المقاتلين وعتادهم. وليس لديه غير الانتقام من عروس الشرق وأقدم العواصم في التاريخ فدمر معالمها كما قتل ناسها. وهو في تراجع كل يوم، ويخسر الأحياء التي كانت تحت سيطرته. ولن يكون آخرها سليمان الحلبي، على رغم الجسر الجوي الإيراني الروسي. هذا قبل أن تفرج أميركا عن السلاح النوعي وتسمح بدخوله للثوار. وفي ظل الحصار الأميركي على سلاح الثوار خصصت الجمعة الماضية للعدو الأميركي. فقد النظام قدراته الأساسية، ولولا الدعم الإيراني الروسي لانهار اقتصاده وجيشه وأمنه وتخلص منه الناس منذ سنة على الأقل. اليوم الشعب السوري يقاتل قوتين عظميين، الأولى عقائدية والثانية مصلحية. في سياق هذه المعركة جاء اغتيال وسام الحسن رئيس جهاز فرع المعلومات اللبناني في عملية تكاد تكون نسخة عن عملية اغتيال الحريري التي تبين من نتائج التحقيق الدولي أن حزب الله وراءها. فلا دولة ولا منظمة، لديهما القدرة الاستخبارية والتقنية على تنفيذ عملية بهذا التعقيد، حتى إسرائيل لا تتحرك بلبنان بهذه الأريحية وإلا لاغتالت حسن نصرالله وقادة حزب الله وحماس بهذه الطريقة. ولذا اغتالت عماد مغنية في سورية ولم تتمكن منه في لبنان على مدى ثلاثة عقود. قراءة ما نشر في الإعلام عن مؤامرة ميشال سماحة التي كشفها الحسن كفيلة بتحديد من المجرم الذي يقف وراء اغتياله. لم نسمع يومها كلمة إدانة لتلك المؤامرة من سدنة المقاومة والوطنية. اليوم يصفون الحسن بالشهيد وضمنا يطالبون بنسيان الجريمة حفاظا على سلاح المقاومة والسلم الأهلي. ومن يتفهم قتل الأطفال واغتصاب النساء وإلقاء البراميل المتفجرة، من المنطقي ان يتفهم اغتيال الحسن، وإقحام اسرائيل بالمسألة. إسرائيل ارتكبت وما تزال جرائم أكبر من هذه. وقضيتنا معها مختلفة. تماما كمن يقول إن طائرات الميغ التي تقصف الأطفال هي طائرات إسرائيلية والطيارون الأسرى تعلموا العربية وهم في الجو. الموضوع لا يحتاج إلا لخلق وعقل، ولا يحتاج عبقرية. إن المتهم الأول هو المرشد، ثم بشار، ثم حسن نصر الله. وبنظره تخلّص من داعم أساسي للثورة السورية. يكفي ما كتبه رضوان زيادة عن الحسن الذي قال إنه كان يدعم الثورة "بالأفعال" لا الأقوال. إيران غير إسرائيل، النظام الإيراني وعملاؤه ماضون في سياسات عدوانية في العراق وسورية ولبنان. لكن في النهاية صراعنا هو مع سياسات المرشد التوسعية. وتظل إيران جارا له مكانة حضارية وتاريخية، ويظل الشيعة جزءا أصيلا من أمتنا وليسوا مستوطنين. لا داعي لاستدعاء إسرائيل للتغطية على كل جريمة ترتكب في سورية ولبنان، والعراق. لسنا مخيرين بين مشروع إيراني ومشروع صهيوني، ولا يُقبل أخلاقيا التورط بالمفاضلة بين المشروعين. وهذا ما فعله الحسن عندما كشف 30 شبكة موساد وكشف أيضا شبكات القاعدة، والأخطر شبكة ميشال سماحة التي تجسد للمرة الأولى بعد إيران كونترا تعاونا إسرائيليا إيرانيا. للتذكير ميشال سماحة كان أيام الحرب الأهلية عميلا علنيا لإسرائيل والتقى قادتها في إسرائيل، وبعد الهيمنة السورية تحول مثل إيلي حبيقة إلى عميل سوري. وصار المستشار الأقرب لبشار الأسد. إنها وقاحة إيرانية زائدة عن الحد. إن هزيمة المشروع الإيراني تبدأ في سورية، وهذا ما تنبه له الحسن ولهذا اغتالوه. لكن الرد كان سريعا من الجيش الحر عندما سمّى إحدى كتائبه بكتيبة الشهيد وسام الحسن.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.